الفصل الثاني

8.2K 195 9
                                    

لا تلتمس من حباً
الفصل الثانى
. ومنذ ذلك اليوم وهى تناشد الموت الذى سيرحمها من عذابها لكن كأن لعنه سقطت عليها منعتها من راحة الموت لتبقى تتعذب بضميرها الذى يؤلمها أكثر من مرضها
لم يمضى وقتاً طويلاً حتى دلف إليها
( مراد حسن المنشاوى يبلغ من العمر اتنان وثلاثون عاماً ابن اختها وزوج ابنتها)
اقترب منها مراد وهو يقول بقلق
_خير يا مرات عمي آمريني.
ردت المرأة بتعب وهى تشير له أن يقترب منها:
_خير يا ولدي، جرب مني بدى أخبرك باللي كتماه جواي السنين دي كلاتها قبل مواجه رب كريم.
رد عليها مراد بصدق
_بعد الشر عليكي يا مرات عمي، متجوليش أكده.
قالت حسنه بتعب
_متجاطعنيش يا ولدي، اسمعنى مليح
مدت يدها أسفل الوسادة وأخرجت ورقة مدون بها عنوان وأعطته لمراد واردفت
_عايزاك تدلى على مصر وعلى العنوان اللي فى يدك ده.
نظر مراد إلى العنوان باستغراب وقال
_عنوان مين دا ياخاله؟
ردت بتعب:
_دا عنوان مرات سالم ابن عمك الله يرحمه

عقد مراد حاجبيه مندهشًا من قولها، سالم من؟ وعن أي زوجة تتحدث؟ فما يعرفه عن سالم ابن عمه أنه توفى وهو طفل صغير، هل ما تقوله الآن مجرد تخيلات آثار ذلك المرض الذي أنهكها أم ماذا؟ فسألها قائلًا:
_سالم مين اللي بتجولي عليه؟ سالم مات وهو لساته صغير.
هزت حسنة رأسها بالنفي لترد قائلة:
_سالم مماتش انا هجولك الحجيجه كلاتها

سالم إبن عمك
أنا هربته من تلاتين سنة ووديته دار أيتام عشان محدش يعرف طريقه ويقدر يوصله، ومدير الملجأ رأف بحالي لما حكتله على القصة كلها، كنت رايده أبعده عن التار لأني خابرة زين إن الرفاعية مش هيسيبوه وهياخدوا تارهم منيه، وعشان أكده هربته بعيد، ولما عمك الله يرحمه عرف الحجيجة دور عليه كتير بس وجتها كان كبر وخرج من الملجأ ودخل الجامعة، ولما انتهى التار بموت عمك الله يرحمه روحت بنفسي عشان أجابله وخبره بكل شيء واطلب منه يسامحني، بس الراجل اللي كان بيجبلي أخباره جالي أنه مات فى حادثه  ومن وجتها وأنا بموت كل يوم، ودا كان عقاب ربنا على اللي عملته
دا عنوان مراته وابنه عايزاك تدلى على مصر وتجيبهم أملي عنية منيهم جبل ما أموت، أرجوك يا ولدي.
اندهش مراد  مما سمعه منها وقال: مات ازاى وامتى؟ ردت حسنه وهى على وشك البكاء: أنا عرفت الخبر ده من بعد موت عمك الله يرحمه
لم يستطيع مراد السيطرة على حريق قلبه الذى اشتعل بما أخبرته به؛ سالم ابن عمه الذى ظن أنه مات وهو طفل صغير وظل يبكى عليه حتى الآن كان حى يرزق وفى ملجأ
سالم المنشاوى بما يملكه يلقى فى دار ويعيش على مساعدة الآخرين؟!
وعند وفاته من قام بدفنه؟
من قام بأخذ عزاه؟
نظر إلى زوجة عمه وهو يصيح بها قائلاً: وعايزانى أروح لمرته اجولها ايه ؟؟
نقولها احنا أهل جوزك اللى رميناه وحرمناه من أهله وعيلته وعزوته وچايين دلوجت نطالب بأبنه؟!!
صاح بها:  إزاى بس ياناس

دلفت والدته التى سمعت صوته وأسرعت حتى تهدئه كى لا يسمعهم أحد وقالت وهى تغلق الباب خلفها: أهدى ياولدى لحد يسمعكم
نظر إلى والدته التى أبعدت نظرها عنه خجلا من مواجهته فعلم أنها تعلم بكل شئ أيضاً: حتى إنتي يااماى عارفه كل حاچه وساكته
نفت حسنه قائله بإجهاد: لا ياولدى متظلمهاش أنا مخبرتهاش إلا من يومين
رد مراد وهو يشيح بوجهه عنهم: خلاص شوفى حد تانى للمهمه دى أنا مجدرش أروح أوجها بعد اللى عملناه فى زوچها
بعد أذنكم
خرج مراد من الغرفة، تكاد لا تحمله قدماه فما سمعه من زوجة عمه هو الخيال بحد ذاته، نظر إلى العنوان المدون فى الورقة وتساءل
ماذا يفعل؟ أو ماذا يقول لزوجته؟
وكيف لها أن تثق وتعطي الأمان لرجل يخبرها بقصة لا تنتمي للواقع بصلة، وتعد من قصص الخيال بل ويطلب منها أن تذهب معه إلى الصعيد.
عاد إلى غرفته وهو لا يعرف كيف يتعامل مع ذلك
بأى حق يذهب إليها؛ ماذا يقول لها؟
كيف يخبرها بأن لزوجها اهلٍ تخلوا عنه وتركوه وحيداً بلا مأوى

لا تلتمس منى حباً  ( صعيدي )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن