افاقت من غرفة العمليات لم تستطع التحدث فريم البالغة من العمر السادسة عشر قد قامت باستئصال الغدة الدرقية
امسكت سماح امها بالتبني يدها وابتسمت بلطف
" حمدالله على سلامتك يا ريم "
اما ريم فلم تستطع فعل شيئ تحاول مقاومة الألم فهى لا تستطيع التحدث بسبب الجرح
وبعد مرور شهر كان يجب ان يعود صوتها مجددا ولكنها لا تستطيع التحدث
" ريم حاولي تتكلمي " تحدثت سماح
حاولت التحدث ولكن بلا جدوى ليس هناك صوت ثم امسكت بالهاتف وكتبت
" مش عارفة يا ماما "
" طب زورك لسة بيوجعك؟ "
" لا "
" ياربي اومال فيه ايه هتجنن..قومي البسي لازم نروح للدكتور "
ذهبت ريم وارتدت ملابسها بسرعة وانتظرت امها حتى جاءت وذهبوا سويا
" ايوا يا عبدالعزيز انا رايحة للدكتور البت مبتطلعش صوت خالص شكلها اتخرصت! "
" هى طول عمرها عالة علينا من يوم ما اتبنيناها وهى مش جايبة غير القرف وراها وبعزقة الفلوس عليها وعلى امراضها الي مبتخلصش "
" والله عندك حق بس هنعمل ايه هنرميها في الشارع! "
" انا معنديش مانع هى كانت من بقيت أهلي"
" طب بص لو طلعت خرصة ومحتاجة علاج وفلوس وقرف هتصرف فيها وارجعها الملجأ الي جت منه "
" تمام "
كانت تستمع ريم لتلك المحادثة القاسية وجسدها يرتجف وعيناها تدمع حتى وصلوا لوجهتهم
" يا دكتور بنتي من ساعة ما شالت الغدة وهى مبتنطقش "
" افتحي بقك كدة يا ريم "
فتحت فمها ونظر بداخله ثم وضع كاميرة صغيرة الحجم وفحص بها
" لا حول ولا قوه الا بالله مين الحمار الي عملها العملية! "
" دكتور اسمه احمد شوكت "
" ينهار ابيض ده لسة هربان برة مصر من اسبوعين بعد ما ساهم في موت عشر مرضى بسبب انه غير مؤهل للجراحة بالمرة "
شهقت سماح وتحدثت بصدمة " يا مصيبتي طب البت فيها ايه! "
" للاسف الاحبال الصوتية اتقطعت تماما مش هتقدر تتكلم مرة تانية ربنا ينتقم منه "
اصابت ريم بنوبة هلع وصارت تبكي بقوة وتحاول التحدث رغما عنها ولكنها لا تستطيع
" اهدي يا حبيبتي اهدي " تحدثت والدتها وهى تحتضنها بقوة امام الطبيب
" لازم تتعايشي يا ريم مع الموضوع ده ربنا ابتلاكي عشان يشوف صبرك "
ظلت تتنفس بسرعة وقلبها ينبض بعنف وعقلها يحاول تهدأتها
" اهدي يا ريم انتِ قوية وهتعدي منها وتتعايشي زي ما عديتي من كل القرف الي عشتيه " كانت تتحدث بداخلها وهى لا تستطيع التوقف عن البكاء تحاول منع نفسها ولكنها لا تستطيع
" يلا نروح يا حبيبتي " تحدثت سماح وبمجرد ان ذهبوا للسيارة
" بصي بقى انا هشتريلك الدوا بتاعك هيعيش معاكي سنة كاملة وهتروحي الملجأ الي جيتي منه انا كنت جايباكي تسليني عشان مبخلفش انما هتبقي عالة عليا لا! "
نظرت لها ريم بصدمة
" قلبك اسود اوي كدة يا ماما للدرجادي مش بتحبيني " كان صوتها الداخلي يحدثها بألم
" انا لازم اتعلم لغة الإشارة في الملجأ طب وهعمل ايه في التحاليل عشان الجرعة تظبط؟! " كانت تفكر وجسدها يرتعد
" انا ربنا مش هيسيني ومش هيتخلى عني انا عارفة انه هيعوضني وهيحفظني ويفتحلي ابواب الخير " حاولت تهدأة نفسها حتى عادت امها والقت بوجها كيس مليئ بالثيروكسين "هرمون الغدة الدرقية"
" اهو يكفيكي سنة او سنتين حتى العلبة الواحدة بتعد تلت شهور الملجأ هيتكفل بعلاجك بعد كدة وبتحاليلك واكلك وشربك وقرفك كله ولما تتمي 18 سنة بيخرجوكي من الملجأ وهتستقلي وتشتغلي وتعيشي لوحدك وتشتغلي وتصرفي على نفسك وهم بيوفرولك السكن وتقريبا بيوفرولك فلوس كل شهر هيعلموكي في المدرسة والجامعة في الملجأ وكمان لغة الاشارة مش هتحتاجي حاجة اصلك جاية من ملجأ نضيف باين اهلك كانوا مريشين انا بقولك اهو وبفهمك عشان محسس بالذنب من ناحيتك خدي موبايلك يلا وانزلي" تحدثت بقسوة وتركتها وحيدة في الملجأ
" يارب الطف بيا يارب " حدثت نفسها بقهر
" تعالي يا بنتي خشي " تحدثت مديرة الملجأ
ذهبت ورائها ريم ولا تكف عن البكاء
" متقلقيش يا حبيبتي زي ما مامتك قالتلك احنا هنعمل بالظبط متقلقيش وانا هتكفل بيكي وهخلي بالي منك بنفسي وهعلمك وهعملك كل الي تحتاجيه لغاية اخر نفس فيا انا قلبي انشرحلك وانا معنديش اطفال عشان كدة عملت الملجأ ده متعيطيش انا معاكي واي حاجة تعوزيها تطلبيها مني انا والي يجي جمبك تعرفيني فورا " تحدثت بحنو وهى تمسح الدموع من على وجهها وتحتضنها بحنان
" هو حضرتك اسمك ايه؟ " كتبت على هاتفها
" انا اسمي مروة وانتِ ريم مش كدة؟ "
ابتسمت رسم وهزت رأسها بالايجاب وشعرت وكأن الدنيا ابتسمت لها مجددا وبسرعة بسبب يقينها بالله
" يا اروى انا عرفت ان فيه بنت خرصة جاية هنا " تحدثت سمر
" بجد ايه القرف ده بقى "
" خلينا نعمل معاها ترحيب صغير كدة " تحدثت سمر
" اشطا " ابتسمت اروى
اما ريم فذهبت للغرفة وابتسمت للفتاتان وقد اشارت لهما بترحيب
" اسمك ايه؟ " تحدثت سمر
" ريم وانتِ؟ " كانت تكتب على تطبيق يساعد البكم ويتحدث بالصوت عند الكتابة
" هو ايه ده؟..ما تتكلمي بصوتك لسانك كلته القطة ولا بتتأنعري علينا " تحدثت اروى بتعجرف
" لا والله مقصدش بس انا حصلتلي مشكلة واحبالي الصوتية اتقطعت فا مبقتش اعرف اتكلم "
" اااه يعني خرصة يعني " تحدثت اروى وهى تقهقه وضحكت سمر هى الاخرى بشدة
" بس يا اروى عيب لحسن تزعل " تحدثت سمر بسخرية لإثارة اعصابها
اما ريم فدموعها غلبتها وصعدت لسريرها واحتضنت الوسادة وبكت بهدوء قلبها ينبض بحزن
" يارب انا كنت مبسوطة افتكرت ان هيبقى ليا اخوات ليه الناس قاسية اوي كدة مش كفاية صدمتي في الي اعتبرتهم اهلي " كانت تبكي بقهر وهى تفكر
دلفت إلى الغرفة الفتاة الرابعة والاخيرة والتي تسمى رقية
" انا سمعت ان فيه بنت جديدة معانا هى فين؟ " تحدثت بسعادة
" اهي فوق بتعيط " تحدثت سمر بملل اما رقية فصعدت الى سرير ريم ووضعت يدها على ظهرها
" مالك بتعيطي ليه؟ "
نظرت اليها ريم بعيون حمراء من فرط البكاء وكتبت لها " عشان هم اتنمروا عليها وانا عارفة انك هتعملي كدة لما تعرفي "
" هو انتِ مش عايزة تتكلمي معايا؟ بتكتبي ليه؟ "
" يا حبيبتي عشان هى خرصة " تحدثت اروى بملل
عادت ريم للبكاء مجددا عندما استمعت لأروى
" انا اسفة مكنش قصدي حقك عليا انا " واحتضنتها رقية بحنان وربتت على ظهرها
" ممكن نبقى صحاب؟ " هزت رأسها بالايجاب وابتسمت بسعادة وقامت بمسح دموعها
" الحمدلله يارب انك بتعوضني بسرعة كدة " تحدثت بداخلها ونظرت للسماء بامتنان وابتسمت
" انا رقية انتِ اسمك ايه بقى " تحدثت بلغة الإشارة
" انتِ بتعرفي تتكلمي بلغة الإشارة! "
" اه بس انتِ بتكتبي ليه ما تتكلمي بالاشارة "
" انا اسمي ريم وصوتي راح من شهر بسبب عملية عملتها في زوري والدكتور قطع احبالي الصوتية عشان مكنش مؤهل انه يعمل عمليات جراحية فا الي اتبنوني اتخلوا عني وجيت هنا ولسة متعلمتش لغة الاشارة فا عشان كدة بكتبلك والبرنامج بيتكلم بالصوت عشان يساعدني هو برنامج للي زي "
" الف سلامة عليكي يا حبيبتي انتِ قوية اوي انا فخورة بيكي " احتضنتها مجددا
" شكرا " تحدثت ريم بامتنان
" بصراحة بقى البنت صعبت عليا " تحدثت اروى
" اروى دي عايزة اهتمام مش اكتر متصعبش عليكي تلاقيها بتمثل اصلا..انتِ عارفة نعرف ازاي؟ " تحدثت بمكر
" ازاي؟ "
" نراقبها الأول ولو لقيناها مكملة في الكدبة نعمل فيها مقلب ونشوف هتصوت ولا لا "
" ده انتِ دماغك سم وانا موافقة " تحدثت اروى