الفصل الحادي عشر (ورقة تحمل مجهول)

91 13 0
                                    

استيقظت نسرين وهي متعبة من هذه الرحلة، صلت فروضها فهي تصليهم كلما تذكرت فلا مقياس للوقت في هذا العالم.
خرجت من الغرفة لتجد أمامها غرفة كان واقف أمامها جِرث ضخم يبدو أنه من الحرس الملكي.
ابتعد عن الباب بضع سنتيمترات لكي تجعلها تمر.
دلفت نسرين الغرفة ببطء حتى وجدتها غرفة طعام كبيرة، وكان الملك جالس على طاولة الطعام ويأكل.
الملك: تعالي افطري، اكيد من ساعة ما جيتي هنا وانتي بتاكلي تفاح.
اقتربت نسرين من الطاولة لتجلس على مقعد قائلة: انا اصلًا نباتية شوية، فلم أعطي للأمر أهمية، وبعدين مش دا سمك، انا افتكرت ان كلهم هنا نباتيين برضو.
الملك: هم نباتيين فعلًا، بس انا مكنتش هقدر أعيش طول المدة دي كدا، علمت كام جرث منهم يصيد ازاي، بس هم لسه نباتيين زي ما هم.
نسرين: طيب عاوزين ننجز ونلاقي آخر جوهرة، الوثيقة قالت جوهرة القوة الأبدية، متعرفش حاجة عن الكلام دا !.
الملك: مظنش إني سمعت حاجه زي كدا.
نسرين بملل: هنستنى لما الوثيقة تدينا إشارة زي كل مرة. انا هخرج برا شوية.
الملك: استني هاجي معاكي.

خرجوا من القلعة ليتجولوا في المدينة.
كانت المدينة معجوجة بالسكان، على عكس باقي الأيام، لتسأل نسرين عن السبب.
الملك: علشان بيجهزوا لموسم الحصاد الكبير، دا وقت جمع الثمار من الشجر الكبير دا.
نسرين: وليه بيرجعوا تاني لأماكنهم تحت الجحور، ما يقعدوا هنا بدل التفرقة دي.
الملك: بعد ما لبست التاج، سحب القوة من معظمهم علشان يكون وقاية لأن منهم كتير انقلبوا عليا بعد ما عرفوا اني توليت الحكم.
وبعدين برضو التاج هو اللي فرقهم انا مليش يد في الموضوع، حتى إني عرضت عليهم ولكن في كل جماعة منهم يطلع كام واحد منقلب عليا، فتركتهم على راحتهم.
نسرين: الميما جان متولية أمور الجماعة اللي كنت قاعدة عندهم، مسيطرة عليهم كويس.
الملك: جان كانت أول واحده اقابلها من الهوكرز، كان قوية حتى وهي في لسه متدربة.

وصلوا إلى شجرة عملاقة كانت الميمات الصغيرات يزينونها بالأزهار الصغيرة وأشرطة مصنوعة من ورق الشجر.
لمستها نسرين لتشعر بسريان الماء تحت يدها؛ لتبتسم، ثم تذكرت هايدي.
نسرين: انا ممكن اطمن على هايدي ازاي !.
الملك: في طريقة للتواصل ما بينا هنا اسمها التخاطر، هكلم حد من اللي مراقبهم وهطمنك.
اغمضت نسرين عينيها وهي تضع يدها على الشجرة مرة أخرى لتتعمق في الإحساس بسريان المياه، ثم انتفضت مسرعة.
نسرين: محمد قولي فين التاج عاوزة اشوفه.
ابتسم الملك على مناداتها له بإسمه الأصلي.
الملك: اخيرًا سمعت إسمي من حد مرة تانية.
نسرين: علشان مش تنساه وكدا، قولي فين التاج عاوزة أشوفه.
الملك: لما نرجع هبقى اوريهولك.
ذهبت نسرين مسرعة نحو القلعة وهي تناديه.
نسرين: إما الآن وإلا فلا.

أسرعت نسرين إلى داخل القلعة لتجد الملك قد جاء.
نسرين: اكيد التاج هيدلنا على حاجه انا متأكدة.
صعد الملك على الدرج ليصل إلى غرفة المرآة وقام بفتح صندق جانبي بجوار المرآة ليلتقط التاج.
اقتربت نسرين منه لتتوهج القلاة وتهتز من تحت حجابها.
أخرجتها لترى انها تنجذب نحو التاج.
نسرين: وريني كدا التاج دا، وامسك القلادة.
أمسكت التاج لتتفقده بعناية.
كان مصنوعًا من الذهب الامع وبه بعض من أحجار الزمرد الأخضر والياقوت الأحمر أحجامها مختلفة، ولكن لم تتوهج أيًا منها.
عبثت فيه من الداخل لتجد الأحرف غير مستوية.
نسرين: في حاجة جوا التاج دا.
الملك: انا قاعدة هنا ولابسه اكتر من 100 سنة ومكنش فيه حاجة، انتي بقى ..
توقف عن الحديث بعدما وجدها قد فتحت جزءً كالباب، كان موجودًا في الجانب الخلفى من الداخل.
نسرين مبتسمة: كنت بتقول حاجة !.
أخرجت قطعة جوهرية زرقاء كبرت في الحجم بعدما لمستها، وتوهجت مع توهج القلادة.
الملك: علشان كدا اسمها جوهرة القوة الأبدية.
نسرين مازحة: عرفتها لوحدك دي.
الملك: أحيكي على زكائك.
نسرين: اعترفت أهو، يلا بينا بقى.
الملك: على فين !.
نسرين: على السور، مش كدا خلصنا تجميع الجواهر !.
الملك: أنا بسحب اعترافي بذكائك، مينفعش نتحرك غير لما الوثيقة تقول. وبعدين مش يمكن منقدرش نواجه اللي ورا السور دول، لازم أجمع على الأقل كام جِرث يجوا معانا.
نسرين: معاك حق، بس مش هنقول لأي حد احنا مش واثقين فيه.
الملك: اقترحي كدا.
نسرين: الميما جان أفضل حد، وهي هتقدر تجمع اللي نقدر نثق فيهم وميكونوش خونة أو يكونوا أصلًا من المنقلبين عليك.

ذهبت نسرين مع الملك مرة أخرى ليتفقدوا أحوال المدينة، واستعدادها لحفل الحصاد الكبير.
ساعدت في ترتيب زينة الأشجار وكانت مبتهجة بهذه الأجواء.
حتى اهتزت حقيبتها لتخرج منها الوثيقة. اقتربت من الملك ليسمع ما كتب فيها.
نسرين: "حان موعد إلتقائنا. عليك الإتجاه نحو السور المظلم وتسليمنا الأدوات لتذهب اللعنة من على الجميع. نلتقي في الحصاد الكبير".
الملك: بكرا !.
انقبض قلب نسرين وهي لا تعلم السبب، هذا الشر ستكون هي الفاتحة له.
الملك: نسرين انتي خوفتي !.
نسرين: لا بس لو مقدرناش نسيطر عليهم، كل دول هيموتوا بسببنا.
وضعت يدها على فمها، ونظرت حولها وهي تبكي.
: أنا هكون السبب.
قام الملك بالنظر في عينيها ليهدأها.
الملك: اهدي، احنا هنواجههم وهنكسب، احنا الطرف الجيد وهم الأشرار، يبقى مين اللي هيكسب ؟.
نسرين: الخير بيكسب في المسلسلات بس.
تحدث الملك مازحًا: طب ما احنا في رواية أهو.
ردت نسرين ضاحكة: معاك حق.

في اليوم التالي..

تجهز الملك مع أربع فرق قوية مُكونة من اقوياء المدينة تقودهم الميما جان.
كانت نسرين قلقة مما سيحدث في هذه المعركة، حتما ان لم ينتصروا عليهم، سيهدم كل شيء.
صلت متضرعة حتى ينجيها الله مما هي قادمة عليه.
وأمسكت سلاح صغير لتضعه في حقيبتها وضغطت على الجواهر التي بها وهي خائفة، حتى انقبض قلبها بعدما سمعت الباب يُفتح.
دلف الملك إلى غرفتها ووقف على عتبة الباب.
الملك: أظن جاهزة دلوقتي !.
التفتت إليه نسرين وهي متماسكة على قدر استطاعتها.
نسرين: لو روحنا هناك وخسرنا، هنموت كلنا والمدينة هتتدمر باللي فيها.
ثم مدت يدها إليه بورقة صغيرة مطوية.
نسرين: اما بقى لو خرجنا منتصرين، ابقى اقرأ الورقة دي، كتبت واحدة لهايدي برضو خليها معاك يمكن انا اللي مخرجش.
نظر إليها بغضب: ولو انتي مخرجتيش انا مش هخرج.
ثم اكمل وهو يبتسم: إما نحن الإثنين وإلا فلا.
ثم مد يده إليها: هاتي ورقة وقلم.
اخذ ورقة منها وكتب جملة ثم أغلق الورقة بإحكام ووضعها في حقيبتها.
الملك: ودي تقرأيها لما نخرج، لأننا أكيد إحنا اللي هننتصر، يلا بينا.

خرجوا من القصر ليترك الملك جرث قائدًا على الشعب حتى يعود، بعدما أمر الميما جان بأن تجمع جميع الفرق التي في الصحراء لتكون في مكان واحد أثناء الإحتفال بالحصاد الكبير وألا يخرج من الشعب أحد من المدينة حتى يعود.
ثم ذهب ناحية الشجرة الكبيرة وانحنى ليحدث حفرة صغيرة.
نسرين: انت بتعمل ايه ؟.
الملك: هسيب ورقتي وورقة هايدي هنا لحد ما نرجع.
نسرين: والورقة دي كمان خليها معاكم.
الملك: لا، علشان دي هتقرأيها بعد ما نخلص وقبل ما نرجع المدينة.

وقف الملك أمام صفوف الجنود بعيدًا عن المدينة وكانت نسرين واقفة بجانب الميما جان الواقفة أمام ميمنة الجنود.
ليتحدث بصوت جاهوري: نحن الآن سنواجه الشر الذي يكمن خلف السور المظلم، ونحن من سينتصر عليه، هذا الشر الكامن منذ آلاف السنين نحن من سينتصر عليه، لا أريد ان أشم رائحة خوف ولا تعب، ولن نتراجع عنهم حتى ننتصر.
ثم نظر إلى نسرين وأكمل: سننتصر، إما الآن وإلا فلا.

(فاطمة الزهراء)

رواية ( نظرات الجحيم )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن