الفصل الخامس والعشرونخرج الأصلان من جناحه و هو أكثر هياجا من حاله عند دخوله له .. و قد قطع المسافة الى جناح والدته فى خطوات معدودة بحال بائس و أنفاس منقطعة .. لم يعى على نفسه و هو يفتح باب غرفة والدته بشدة جعلته يرتطم بالحائط خلفه .. و لم يستغرق بحثه ثوانى عن قطته و التى وجدها متكومة على أرضية الغرفة بعد الباب بقليل تضع رأسها على قدميها تبكى و يبدو أنها لم تستطع قطع المسافة إلى الفراش فانهارت على الأرض
.. و قد رفعت رأسها له فزعة من صوت ارتطام الباب و تقابلت أعينهما .. عينيها حزينة مجروحة منه و عينيه حزينتين معتذرتين لها و مع ذلك لم يقل بكائها شيئا و قد تركته و خبأت وجهها بكفيها و أكملت بكاؤها .. تقدم مسرعا لها دون حديث و رفعها عن الأرض بين ذراعيه .. صدمت من فعلته و لكنها لم تحاوط عنقه بذراعيها بل استمرت فى إخفاء وجهها بكفيها ..و قد إتجه الأصلان بها إلى جناحه و قد أدرك أنها جرحت بشدة منه .. و لكن فى الممر بين الجناحين قد صادف أمه و عمته سعاد اللتان تفاجأتا من المنظر حيث الأصلان يحمل زوجته المنخرطة فى بكاء مرير و هو قد فقد صوابه من أنفاسه العالية و إحمرار وجهه و عينيه من كتمه لإنفعاله إلا أنه لم يلقى بالا لهما و تجاهلهما .. لكن أمه التى تضايقت بالفعل هى وعمته من أسلوبه مع زوجته وقد ظنتا أنه صرخ عليها ثانية إستوقفته بصراخها عليه عند باب جناحه الأمر الذى جعله يتنهد واقفا وقد أنزل زوجته من بين ذراعيه لتلامس قدميها الأرض فآخر ما يريده أن يراها أحد فى أسوء حالاتها تلك .. و ما كاد الأصلان يفلتها إلا و قد إتجهت قطته مسرعة تفتح الجناح متجهة للحمام تختبىء به منه فلا تريد هى أن تراه حتى تهدأ و تتخلص من حزنها منه حتى لا تجرحه فهى على علم بحساسيته بالرغم من الشدة و الوحشية الظاهرة أمام الجميع .. ترك الأصلان والدته تصرخ عليه و اتجه خلف قطته داخل الجناح بعد أن أنسلت من بين يديه و قد لحقته أمه و عمته سعاد التى علمت ما حدث من السيدة نعمة بالأسفل .. و وجدتا الأصلان أمام باب الحمام يطرق على بابه بشدة بعد أن حبست زهرة نفسها بداخله .. أسرعت السيدة نعمة تمسك بأبنها الهائج بعد أن منعت قطته نفسها عنه و لحقت بها سعاد بعد أن أغلقت باب الجناح خلفها .. و قد أمسكت السيدة نعمة الأصلان من ذراعه بشدة
- السيدة نعمة :
بس يا بنى .. سيبها دلوقتى .. و أنا
هتكلم معاها .- أكملت السيدة سعاد على كلام صديقتها :
أيوة .. أطلع أنت دلوقتى .. عشان
ترضى تيجى معانا .- أصلان و قد زاد هياجا من حديثهما :
تخدوها فين ؟؟ .. مش هطلع ..
و مش هتحرك إلا أما تخرج .
- السيدة نعمة التى أرهقت من إبنها :
يا بنى أبعد دلوقتى .. و أنا هبيتها
معايا إنهاردة على ما تهدى .
- أصلان و قد فقد صوابه .. و ليس كأنه منذ
قليل من أخرجها من الجناح بعيدا عنه :
مش هتروح فى حتة .. إنتوا عاوزين
تجننونى ؟! .- السيدة سعاد :
و بعدين معاك يعنى .. البنت كده هتتعب .- أكملت السيدة نعمة :
و بعدين هتتفاهم معاها إزاى بحالتك
دى .. أنت مش مضمون .. سيبها
حتى على ما تهدى .
- أصلان و قد زاد هياجه :
أنا أولى بيها .. هى عارفة و سمعانى ..
أنا اللى أزعلها و أنا اللى أراضيها ..
محدش يدخل بينا .
" و قد أنهى كلماته بزيادة طرقه على باب
الحمام لدرجة تفضيل السيدة نعمة وسعاد
ترك زهرة معه بمفردها حتى لا يزداد هياجه
و الذى هو حالة يروها لأول مرة منه " .
فى أثناء محادثة الأصلان لأمه و عمته قد غطت شهقات القطة على إدراكها و لم تعى على خروج السيدتان إلا بعد أن غرق الجناح فى الصمت لدرجة جعلتها تشك بخروج الأصلان معهما .. فهدأت شهقاتها قليلا و انخفض صوت بكاؤها و لكن إنسابت دموعها فى صمت .. و عادت الطرقات ثانية ولكن بشكل أهدأ من الأصلان الذى يقف مقابلا من الجهة الأخرى للباب و قد أسند جبينه عليه فى تعب ناتج من سماعه لصوت بكائها الخافت
- أصلان طارقا على الباب بهدؤ و صوت لان مع سماعه لبكاء قطته :
رورو .. رورو .. أفتحى حبيبى .
- ردت زهرة بصوت تهدج و بح من كثرة بكائها : لأ
- أصلان بصوت هادىء محايل لها :
عشان خاطرى .. أفتحى حبيبى .
