ليلة منهِكة (قصة قصيرة)

65 20 0
                                    

عزيزتي لورا
أنا بخير وأتطلّع لمعرفة أخبارك والاطمئنان عنكِ.
أعلم أنّكِ لربما تكونين حزينة الآن، أنا هنا لا ألومك حسنٌ، من حقك أن تحزني..
ولكن أريدك أن تعلمي أنّ الأمر خارج عن إرادتي، مُنعنا من كتابة الرسائل. حدث ذلك بشكل فجائي ولم أكُ قادراً على إخطارك بما طرأ..
على أية حال، بإمكاني تصوّر مقدار ما ذرفت عيناكِ من دموع، وأنا آسف لهما حقاً..
كانت الأيام الماضية تمثيلاً للجحيم..
ولكن فلتطمئني! هذا الحال لن يدوم، أحرفك الحانية قادرة على انتشالي من واقعي إلى عالم مليء بالألوان، هذه حقيقة علمية.
صقيعي متشوّق لكلماتك الدافئة. المخلص لكِ دوماً م.

جعّدتُ الورقة الرقيقة بغضب قبل أن أرميها بمكان ما.

مسحتُ على وجهي، أنتبه الآن فقط لآثار الدموع التي تبلّله تجعله رطباً وبارداً.

هذه كانت القراءة الثالثة، قد حفظتُها وأستطيع الآن أن أستحضر كل كلمة خُطّت فوقها بحب واهتمام بالغَين.

حين وقع نظري على الورقة المرمية أرضاً بإهمال، استقمت من فوري ملتقطة إياها، وبلطف بالغ مسدّتها لأطويها وأدسّها في جيب سترتي الشتوية.

أنا غاضبة نعم. أنا أمقت هذا الحب نعم. ولكنّه ورسالته لا شأن لهما بهذا الكره..

في الحقيقة، أنا أعلم أنّ نصف غضبي مردّه يعود إلى حنقي من شركة البريد إذ أخّرت موعد التسليم عدة أيام..
فبحقّ، هذا الأمر لا يحتمل التأخير. قد انتظرتُ شهوراً بالفعل..

دسستُ يدي في جيبي أطمئن لوجودها، ثم هززتُ رأسي أسمح للأفكار المشوّشة بالارتحال تاركة عقلي خالياً وهادئاً.

وما لبثت أذناي أن التقطتتا أصوات خافتة قادمة من الخارج، لم أستطع تمييزها أو فهم محتواها.

شيء ما لستُ أدركه حثّني على استطلاع الأمر فخطوت باتجاه الباب المغلق لأفتحه متتبعة تلك الأصوات التي أخذت بالتلاشي تدريجياً.

على شاشة التلفاز تمكنت من لمح صورة ما لم أتبين ماهيتها ولكنّها نجحت بلفت نظري، قبل أن تسارع أختي بإغلاقه لتصب تركيزها على الخيوط الملوّنة في حجرها تكمل عملها.

رفعت حاجباي ولم أنبس بحرف، هممت بالبحث عن جهاز التحكم، على الأريكة بجانبها، على الأريكة المجاورة، على الأرض. ولكن دون جدوى..

ما تزال جالسة في ذات موضعها. وحتى مع تحديقي المتواصل بها، هي نجحت في تجاهل وجودي بأكمله..

خطفتُ السنارة منها لأُجبرها على الالتفات إليّ، وهي استقامت تنوي استعادتها.

Randomحيث تعيش القصص. اكتشف الآن