روح باهتة _ قصة قصيرة _

40 15 0
                                    

تحذير : المحتوى مؤلم، حساس، وغير مناسب للأطفال. 

-

Zein POV

خرجتُ من منزلي صباحاً بحماسة ما فتئت تغمرني هذا العام في أيام الاثنين من كلّ أسبوع.

بدأ الأمر منذ ستة أشهر، تلقّت مساعدتي بريداً إلكترونياً ينصّ على طلب استلام حالة مَرضيّة لإحدى السّيدات، تضمّنت الرّسالة معلومات شحيحة عن المريضة؛ من قبيل اسمها، عمرها، مكان سكنها، حالتها الاجتماعية.. وهي معلومات غير مفيدة بطبيعة الحال..

تقرّر الموعد الأول في يوم قريب. سبقَتْه جلسة اعتياديّة دوريّة مع مراهق يعاني بسبب مشاكل أسرية.

عندما فرغتُ من مريضي الصّغير، طلبتُ لنفسي كوباً من القهوة، وأعلمتُ مساعدتي بإمكانية عقد الجلسة حالاً.


طُرق الباب ودخلت سيدة قصيرة بشعر بلاتيني منسدل تصادمت أطرافه المستوية والمقصوصة بعناية مع نهاية عنقها الطّويل، يفصله عن قبة القميص السّوداء المقلّمة عدة سنتيمترات.

مع كل نبضة يحدُثها شريانها الأخضر البارز عبقت العيادة برائحة عطرها المركّزة والحادة.


ببطئ أخذت تخطو نحوي معتمدة على عصا معدنية فضية اللّون مزوّدة بحساسات.

حاولت التحدث بأي شيئ بهدف مساعدتها في تقدير اتجاهي، ونظراً للابتسامة المعبّرة التي رسمَتها بشفتيها الدقيقتَين الملوّنتَين بأحمر قانٍ، أظنّها أدركت نواياي. 

في النهاية، هي توقّفت أمام مكتبي، مدّت يمناها فصافحتها برسمية. ثم جلستُ وأرشدتُها نحو كرسي مقابل لخاصّتي.


أسندت ظهرها المنتصب إلى لوح الخشب المُبطّن بالاسفنج، صالبت ساقيها المغطاتين بجوارب طويلة شفافة تعلوهما تنورة رسمية سوداء تخفي الرّكبتين.

 وضعت نظاراتها العاتمة أمامها على الطّاولة المرتفعة الزّجاجية، وأخذت تدعك عينيها المغمضتَين، فيما تركَّز بصرها نحو نقطة ما من محيطي استدلّت عليها من اتجاه صوتي. 

قالت من دون مقدمات: «أنا أرجو مساعدتك أيتها الطّبيبة». 

حثثتها على الاكمال، فتابعتْ: «في الحقيقة، وقع اختيارنا عليكِ بالتّحديد لسبب، ولم يكن اختياراً اعتباطيّاً». 

حسن. بحكم عملي، يتوجّب عليّ سماع الكثير من الأحاديث الغريبة وتلقّي معلومات عشوائية لا حصر لها، ولكن لمَ جُذبتُ نحو كلامها وكأنّه الحقيقة المحضة منذ البداية؟ هذا ما لم أعلمه حتى اليوم..

Randomحيث تعيش القصص. اكتشف الآن