في نفس المبنى لكن في اوضة تانية ، فيها شاشات تلفزيونية بتعرض كل اللي بيحصل مع ، وليد ومراد ورانيا وعلا وبدرية ، قاعد على كرسي واحد تقريبا في الخمسين من عمره ، ومركز جدا في كل اللي بيدور وبتحصل بينهم ، وعلى الكرسي اللي جنبه قاعد شاب في التلاتين من عمره وسأله ، تفتكر يا دكتور ان التجربة كدا نجحت ، لسة .. الرد على السؤال دا لسة يا حازم ، صحيح في أمور نجحت ، لكن لسة الامر غامض بالنسبة لوليد تجاه مراد ، هو حضرتك قلقان من ايه ، بيتهيألي انه افرغ شحنة الغضب تجاهه لما ضربه على وشه ، شوفت انت بتقول ايه ، بيتهيألي ودا ما ينفعش يا حازم لازم تكون واثق من كل النتايج ، كلمة بيتهيألي دي ملغية من قاموسي ، اسف يا دكتور اقصد انه بالفعل شال فكرة انتقامه منه ، بدليل انهم دلوقت بيفكروا في وضعهم الحالي ، اي انسان عنده الحد الأدنى من الذكاء هيعمل كدا ، لازم اتأكد من نجاح التجربة للأخر ، رد الدكتور حازم تلميذ الدكتور كارم عبدالله استاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس ، والمعروف عنه تحيزه التام للطب النفسي وانه الحل الوحيد لجميع أمراض ومشاكل المجتمع ، ازاي يا دكتور ممكن نعمل ايه معاهم ، يسكت دكتور كارم شوية ويتكلم بعدها ويقوله ، حطهم هما الاتنين في اوضة لوحدهم ، ووقتها هنقدر نشوف رد فعلهم على بعض هيكون ازاي ، يقوم دكتور حازم من مكانه ويتجه ناحية مجموعة من الازار ،مثبتة على بار في اخر الاوضة ، يرفع الغطا البلاستيكي الشفاف من عليه ، ويدوس على زرار لونه لبني ، وفي اللحظة دي الاوضة التانية اللي فيها مراد ووليد وباقي المجموعة ، تتملى بدخان ابيض والكل بعدها يقع مغمي عليه ، يفوق وليد بالتدريج ويلاقي مصيبة قدام عنيه ، يحاول يستوعبها لكن مش قادر ، يفتح عنيه على جثة مراد مدبوحة قدامه ، اخيرا وليد يستجمع قوته ويقف على رجليه ، ويتجه ناحية باب الاوضة وبعنف شديد يخبط عليه ويقول بصوت عالي ، يا مجرمين يا حوش خرجوني من هنا ، افتحوا الباب يا مجرمين ماتسبونيش هنا ، وفضل يخبط على الباب بعصبية وعنف ، لف وسند ضهره على الباب وعنيه على جثة مراد ، ابتدا جسمه يرتجف ويرتعش من الخوف ، وافتكر رانيا وخوفه وتوتره زاد لف تاني ناحية الباب ، ورجع يخبط من جديد بعصبية وينده على رانيا ويقول بصوت عالي ، رانيا .. رانيا اوعوا تكونوا عملتوا فيها حاجة يا مجرمين ، رانيا لو سمعاني خبطي على الباب ، خليني اسمع صوتك ، حد يكلمني يا وحوش ، لكن لا حياة لمن تنادي مفيش اي صوت رد عليه ، وكل لما الوقت يعدي توتر وليد يزيد وخوفه كمان ، وكل شوية يهدأ ويرجع يثور من جديد ويطلب من اي حد يطمنه على رانيا ، وفي نفس الوقت مش قادر يقرب من جثة مراد وبدأت دموعه تنزل ، وهو قاعد في ركن بعيد زي اي طفل خايف ومرعوب ، كان صوته خلاص راح من كتر الزعيق والصراخ ، وفجأة ظهر صوت من ميكرفون صوت اجش بيقوله ، عايز تخرج من هنا ، ينتفض وليد من مكانه ويقف على رجليه ، ويدور بعنيه حوالين الاوضة ويتكلم بصوت مهزوز ، انت مين وعايز مننا ايه بالظبط ، الصوت يضحك ويقوله بسخرية ، اظن يا وليد انك انت اللي راسلتنا في الاول ، ولا نسيت طلبك لينا كان ايه ، اوعى تفتكر نفسك احسن من حد فينا ، انت قاتل زيك زينا بالظبط ، بس حماتي لسة عايشة مامتتش ، ههههههه ومين قالك انها هتفضل عايشة ، ينهار وليد و بصوت مهزوز ، ارجوك ما تعملش كدا ، ليه يا وليد ايه اللي خلاك تغير رأيك ، لأني مش قاتل انا مش مجرم ، يتكلم الصوت بحزم وليد عايز تخرج من هنا ، اكيد .. ومش انا بس ، كلنا انا ورانيا قبل مني وكمان حماتي وعلا ، وانا مستعد اخركم كلكم من هنا .. بس بشرط ، يرد وليد بسرعة عليه ، شرط ايه !! عايزك تقولي بالتفصيل احساسك وانت بتاكل اللحمة على اساس انها حماتك ، وتقولي كمان ايه اللي خلاك دلوقت تغير رأيك في قتلها ، انتوا مين بالظبط ؟! وعايزين ايه ؟! قولتلك هتعرف كل حاجة في وقتها ، دلوقت انت كل اللي عليك تجاوب على اسألتي وبس ، دا لو انت عايز تخرج من هنا انت ومراتك ، يرد وليد بتحفز وحماتي وعلا كمان ، يضحك الصوت ماشي يا وليد حماتك وعلا اللي انت اصلا ماتعرفهاش ، يبتدي وليد يفتكر اليوم اللي أتصور فيه انه بياكل بدرية ، وقتها كنت حاسس بمدى ضعفي ، صحيح كرهت اللي عملته لكن تسلطها ولسانها الطويل ، كانوا هما اسلحتها والسبب في اللي حصل ، كنت كل لما اكل قضمة احس اني بنتقم منها وباخد حقي ، لكن في نفس الوقت كان عندي احساس قوي بالضعف ، واحساس تاني بأن خلاص اخيرا اتحررت من تسلطها دا ، خلاص قضيت على النقطة السودة اللي في حياتي مع رانيا ، وغيرت رأي لاني عرفت مش هوا دا الحل ، وكمان انها اتغيرت ووعدت رانيا انها مش هتدخل تاني في حياتها ، يرد الصوت ويقول بس انت عارف ان اللي فيه طبع عمره ما هيغيره ، وانها اكيد هترجع تاني لتسلطها معاك انت ورانيا ، وهترجع لكل اللي كانت بتعمله ايه وقتها هتحاول تتخلص منها تاني ؟ يرد وليد بقوة لا يستحيل افكر في القتل تاني ، اكيد في مليون حل تاني غير القتل ، في اللحظة دي دكتور كارم اللي كان قاعد وقدامه ميكرفون ، يشاور براسه لدكتور حازم يقف حازم من مكانه ويتجه ناحية مكان الأزرار، ويدوس من تاني على زرار نفس اللون بس اغمق شوية ، ويخرج نفس الدخان في اوضة وليد ومراد ، ويقع وليد من تاني مغمي عليه وفي نفس الوقت في الاوضة التانية ، عند رانيا وبدرية وعلا يفقوا التلاتة ، اول ما رانيا تكتشف ان وليد مش معاهم تخاف ، نفس الوضع كان عند علا لما بصت حواليها ومالاقتش مراد ، كان الخوف والفزع أسياد الموقف والدموع والصراخ اسلحتهم ، لكن بدرية كانت هادية جدا وبدأت تتوتر من صراخهم وبكاهم ، فصرخت هى فيهم وقلتلهم ، ما تخرسوا بقى بتعيطوا على ايه ، ترد رانيا والدموع مغرقة وشها ، ايه السؤال دا يا ماما انتي مش شايفة اخدوا وليد ، ترد علا هى كمان وهى على نفس حال رانيا ، ومراد كمان يا طنط مراد اختفى ، تقعد بدرية على الكرسي وتقولهم ، وانتوا بقى بتعيطوا خايفين عليهم مثلا ، طبعا يا طنط مش جايز يعملوا حاجة فيهم ، ماهما يا فالحين لو كانوا عايزين يعملوا ما كانوا عملوا من ساعة ما شرفوا هنا ، ولا انتم ناسين اننا كنا مربوطين في سراير وسمعنا صوت المنشار ، وكل واحد فينا كان فاكر نفسه خلاص انه اتقطع ، يسكتوا ويحاولوا يستوعبوا كلامها ، ايوة انتي كلامك معقول يا ماما ، طب ما جايز يكونوا عايزين يعملوا فينا احنا حاجة وحشة ، وعشان كدا خرجوا وليد ومراد ، عشان محدش فيهم يعترض ليهم ، صح يا رانيا يا نهار اسود هما ممكن يعملوا فينا ايه ، ترد بدرية بسرعة وكلها استهزاء من كلام رانيا ، يختي اتوكسي انتي وهى يعني كانوا هيعملوا ايه ، بالا خيبة كل واحدة فيكم فاكرة ان معاها سبع البرومبة ، طيب هما خدوهم على فين وليه فصلونا عن بعض ، ترد بدرية على رانيا يا خبر النهاردة بفلوس كمان شوية هيبقى ببلاش ، ويسود الصمت عليهم هما التلاتة وكل واحدة فيهم تقعد على كرسي ، وعلى وشوشهم تعابير مختلطة ما بين التوتر والقلق والخوف ، وكل واحدة فيهم في رأسها اسئلة كتير مالهاش اي إجابة ، وأهم سؤال فيهم هيخلصوا من اللي هما فيه دا امتى ، وهيخرجوا من المكان دا وهما على قيد الحياة ولا ميتين ، وياترى هيخرجوا هما الخمسة ولا هيبقى ناقص منهم حد ، نرجع تاني لوليد ومراد والمرة دي كان المشهد متغير ، وكان وليد مرمي على الارض مدبوح ومراد بيحاول يفوق ، واول ما فاق واستوعب اللي شافه قدام عنيه ، يتجه مراد ناحية وليد ويهز فيه ويصرخ ، وليد اصحى يا وليد فوق يالا ، ينهار مراد من البكاء ويسند راسه على راس وليد المرمي على الارض ، ويسأل ليه قتلتوه ليه يا مجرمين يا قتلين القتلة ، يظهر الصوت مرة تانية ويضحك ههههههه انت زعلان اوي عليه كدا ليه يا مراد ، مش هو دا وليد اللي انت اتفقت على قتله ، مش هو دا وليد عدوك اللي حرمك من حب عمرك ، يتعصب مراد ويقول كنت غبي لما فكرت في حاجة زي دي ، ازاي افكر اموت انسان ازاي افكر اصلا في حاجة زي دي ، وبعدين انتوا ليه قتلتوه دلوقت ، ليه ماقتلتهوش وقتها ليه بعد ما الحقيقة بانت قدامي ، وايه هى الحقيقة دي يا مراد ، يتكلم مراد والدموع على وشه ان مفيش حاجة تستاهل اني ازهق روح عشانها ، عرفت ان مهما كانت الخسارة كبيرة ربنا بيعوض بأحسن منها ، بس للي يصبر ويرضى باللي هو كتبه ، عرفت ان الحب مش بالعافية ولا بالفلوس ، عرفت ان مهما عملت المكتوب هو اللي هيحصل ، اخر سؤال واوعدك هخرجك من هنا ، ايه هو !! في الحقيقة هو مش سؤال ، هو اختيار .. مين اللي هتختارها عشان تخرج معاك من هنا على قيد الحياة ، علا ولا رانيا ؟ يسمع مراد الكلام وينزل عليه زي الصاعقة ، انت بتقول ايه ؟!! لأ.. لايمكن تعمل كدا ارجوك كفاية وليد ، لا مش كفاية وانت مش مسمحولك غير انك تختار بينهم او .... يرد مراد بسرعة ويقوله او ايه ؟!! او تختار بينهم وبينك .. يعني ايه !! يا حد فيهم يموت او اموت انت ، بالظبط يا مراد ، يسكت مراد ودماغه تعجز عن التفكير ، وفي الاخر يقرر ويتكلم ، ويقول بكل ثقة وثبات يبقى انا ، تمام يا مراد واحنا هنفذ اختيارك ، يغمض مراد عنيه ويستسلم وينزل على الارض بمنتهى الضعف وهو ساند ضهره على الحيطة ، ومرة تانية يشاور الدكتور كارم لدكتور حازم براسه وهو ساكت ، ويتكرر من تاني نفس اللي عمله المرة اللي فاتت ، والدخان يملى الاوضة ومراد يغيب عن الوعي ، يفوق مراد ووليد ويبصوا حواليهم يشوفوا رانيا وبدرية وعلا ، وكل واحد فيهم مش مصدق ان التاني لسة عايش ، وكل واحد يحكي حصل معاه ايه وهو في الاوضة لوحده وفاكر التاني ميت ، والحيرة تزيد عند الكل من تاني ، يسأل وليد ويقول طيب وهما بيرجعونا هنا محدش فيكم شاف اي حد ، ترد رانيا وتقول زي ما اختفتوا ظهرتوا ، دخان وبعدها فوقنا لاقناكم موجودين ، هو ايه اللي بيحصل معانا دا ، يقولها مراد ويرد عليه وليد ويقوله ، والله مش عارف لا والاغرب من كدا ان كل واحد فينا احنا الاتنين هدومه ترجع نضيفة ، دا انا شوفتك مدبوح وهدومك كلها دم ، يرد مراد وانت كنت نفس الوضع ، تتكلم بدرية وتقول والله انا حاسة ان اللي هيطلع ورا كل دا واحد مجنون ، يظهر في الوقت دا الصوت ويقول تفتكروا مين المجنون اللي بيقتل ولا اللي بيدي فرصة جديدة للحياة ، كل واحد فيكم هنا عشان اتفق على قتل التاني ، ترد بدرية بسرعة إلا انا يا خويا ، انا جيت هنا غدر وحياتك ، يضحك الصوت ويقول هههههههههههه انتي هنا بسبب طمعك وجشعك يا بدرية ، بسبب كل اللي انتي عملتيه في وليد ، ولا نسيتي يا بدرية ، لا يا خويا ما نسيتش وحرمت خلاص عمري ما هعملها تاني ، ايه رأيك في الانتقام يا وليد انت ورانيا ؟ رانيا ووليد يبصوا لبعض وتبدأ رانيا بالكلام ، بابا كان عنده حق الانتقام مش بيريح صاحبه بالعكس ، بيزود النار في قلب المنتقم ، كان عنده حق برضوا لما قال ، ان اي انتقام هيغضب ربنا عمره ما هيريح صاحبه ، عم راضي دايما كلامه صح ، فعلا يا وليد بابا ورانا وحشوني اوي يا وليد ، وتبتدي تعيط رانيا على كتف وليد ، وانت يا مراد وعلا كمان يا ترى الحب قصاده قتل ، تبص علا لمراد وتقول الحب والقتل ما يتقابلوش في سكة واحدة ، ازاي اقتل عشان بحب ، فعلا يا علا ويضحك مراد ضحكة سخرية ويكمل كلامه ويقول ، كنت عايز اقتل وليد عشان رانيا ورانيا كانت عايزة تقتلني عشان وليد ، سخرية وعبثية عايشين فيها ، لا الحب ولا اي حاجة في الدنيا تستاهل غضب ربنا ، ترد علا بسرعة عليه ولا الدنيا نفسها يا مراد ، يرد الصوت ويقول جه الوقت اللي لازم تعرفوا فيه انتوا هنا ليه ، كلهم ينتبهوا متحفزين للكلام ، اخيرا هيفهموا كل حاجة ، انتوا هنا عشان تجربة نفسية ، كنت بدرس الحالة النفسية لكل واحد فيكم ، نفسية قانل لكنه مش مجرم بطبعه ، ترد بدرية وتقول والله كنت عارفة اننا وقعنا مع ناس مجانين ، يضحك دكتور كارم وهو بالنسبة ليهم مش اكتر من مجرد صوت ويقول ، هههههههه مش احسن من اننا نكون مجرمين ، كان زمانك دلوقت ميتة ومتقطعة حتت ، ومستقرية في معدة وليد ، ترد وتقول على رأيك يا خويا لا كدا احسن ، يتكلم مراد ويقول وانتم هتسيبونا امتى ؟ ولا احنا هنفضل محجوزين هنا ؟ لا طبعا هتخرجوا كلكم ، زي ما دخلتم المكان دا هتخرجوا منه ، الكل يحس براحة ويتنفس الصعداء اخيرا ، الرعب اللي كانوا عيشينوا هيخلص ، في اللحظة دي يدخل شاب في العشرين من عمره ، على دكتور كارم وحازم ويقول ، مصيبة يا دكتور كارثة ، ينتفض دكتور حازم من مكانه ويتكلم دكتور كارم بهدوء ، في ايه يا عمر ؟! اتكلم بسرعة ، البوليس يا دكتور اخترق الموقع بتاعنا ، وتقريبا قدر يوصل للمكان هنا ، يبص حازم لدكتور كارم بذعر هنعمل ايه يا دكتور ، يرد دكتور كارم احنا لازم نسيب المكان دا بسرعة ، ومانسبش اي اثر لينا خالص، وفي اللحظة اللي بعدها يهجم البوليس ويقبض على الكل
أنت تقرأ
عدوك في وجبة
Short Storyيا ترى لو جتلك الفرصة انك تاكل عدوك حرفيا هتعملها اسمحولي أشارك معاكم بأول قصة قصيرة بقلمي ايمان حسن