الحلقة الحادية والعشرين

786 30 5
                                    

استيقظت هايا في صباح اليوم التالي بحالة من الوجوم والضيق فذهبت إلى غرفة زهرة واستلقت بجانبها وبقيت هكذا لساعات حتى شعرت بها زهرة فنظرت إليها في تعب قائلة:
- هايا؟! انتي جيتي هنا إمتى؟
أجابتها في ضيق:
- أنا هنا من بدري يا ماما
اقتربت منها زهرة أكثر فتسائلت:
- مالك ياحبيبتي إنتي كويسة طيب؟
أجابت:
- بصراحة لأ، أنا حلمت بـ بابا..
تسائلت زهرة:
- حلمتي بإيه بالظبط إحكيلي..
فبدأت في سرد حلمها قائلة:
- حلمت إن بابا عايش.. وإن أنا وأحمد بنتجوز وبابا واقف من بعيد زعلان مننا عشان مكنش موجود واحنا بنتجوز..
ثم بكت وهي تقول:
- وأول ما شوفته جريت عليه عشان أحضنه وأسلم عليه وأقوله إنه كان واحشني أوي ونويت بقلبي إني مش هتجوز عشان أعيش معاه.. وانا بجري مكنتش عارفة أجري ولا أوصله، وبعد ما وصلتله بتعب إختفى..
ثم انهارت في البكاء أكثر فجذبتها زهرة إلى حضنها فأخذت تردد في غضب:
- أنا عايزة بابا يرجع بقى أنا خلاص مبقتش قادرة أستحمل غيابه أكتر..
كل يوم بيراودني في أحلامي ومش بعرف حتى ألمسه أو أكلمه يا ماما..
ثم قامت عن حضنها قائلة:
- ولعلمك بقى أنا مش هتجوز طول ما بابا مش هنا..
بقيت زهرة صامتة حتى رفعت هايا بصرها إليها فوجدتها تبكي هي الأخرى في ألم فتسائلت:
- ماما إنتي بتعيطي! أنا آسفة والله مكنتش أقصد أخليكي تزعلي سامحيني عشان خاطري..
ثم مسحت الدمع عن وجهها قائلة:
- خلاص أنا مش بعيط أهو متعيطيش بقى عشان خاطري.
أجابتها زهرة قائلة:
- أنا اللي آسفة يابنتي على الظروف اللي طلعتي لقيتي نفسك فيها..
تهدجت نبرة صوت هايا تتسائل:
- طيب هوا بابا فين!
أجابت زهرة في وجوم وضيق قائلة:
- أنا هحكيلك ياحبيبتي اللي حصل...
                       ٭ ٭ ★ ٭ ٭

*في الماضي*
بعد مدة طويلة من الزمن بمرور السنين..  اتفق المنشاوي مع سنية بإتمام زواج زهرة وسليم وقد اتفقا على تحديد موعد وصدّقت على حديثهم بدرية.

وبعد إتمام يوم زفاف فخم كما يليق بعائلة المنشاوي دلف سليم وقبله زهرة إلى بيتهم الذي طالما تَعِب على بناءه واختيار أدق تفاصيله مع زهرة..
دلفت زهرة في خوف وخجل وسعادة  طأطأت رأسها في خجل وهي تفرك كفيها الباردتين في توتر شديد بينما كان سليم يُحكم إغلاق باب شقتهم لأول مرة مع حبيبته تحت سقف بيت واحد للأبد..

اقترب منها سليم في حماس وسعادة قائلاً بنبرة يملؤها الشوق والعشق:
- وأخيراً بقيتي معايا وملكي أنا لواحدي وبس!
أجابت في خجل توردت له وجنتيها وازداد توترها قائلة:
- من زمان وأنا معاك وملكك مش دلوقتي بس..
تسائل في تعجب:
- طيب إنتِ بتبصي على الأرض ليه.. انا هنا على فكرة مش مرسوم على السجادة..
ابتسمت لكنها لم تُجيب رفعت بصرها إليه ببطء لتجد عيناه العالقة بها فأسبلت عينها مرةً أخرى تنظر للأرض لا تقوى على النظر في عينيه..
مد سليم يده إلى ذقنها ليرفع رأسها للأعلى، فتتقابل تلك العينين في حب قائلاً:
- إنتِ هتبصيلي وتكلميني زي ما بكلمك ولا!
اتسعت حدقتا عينيها وهي تتسائل:
- ولا إيه!
أسر قلبها بغمزة من عينه قائلاً:
- يعني إنتِ مش عارفه..
أجابت في دلال وابتسامة الخجل تعلو ثغرها:
- لأ مش عارفة..
تقدم إليها بالخطوات قائلاً:
- خلاص يا حبيبتي أعرفك أنا
دفعته زهرة في خوف وخجل وذهبت مباشرةً إلى غرفتها وأحكمت إغلاق الباب خلفها فذهب هو الآخر يُحادثها من خلف الباب قائلاً:
- على فكرة أنا كنت هعرفك إن لازم تغيري هدومك ونروح نصلي عشان ربنا يباركلنا في حياتنا بس إنتي اللي نيتك مش سالكة يا زهرتي..
ضحكت زهرة من خلف الباب قائلة:
- ماشي يا عم السالك يلا إمشي من هنا بقى..
أجاب:
- إيه طيب مش عايزة مساعدة؟ أنا شايفك لابسة جبل وحِمل تقيل على قلبك.. إنتِ صعبانة عليا مش أكتر..
أجابت في سخرية:
- لا يا حبيبي مايصعبش عليك غالي.. أنا هتصرف
أجاب:
- طيب بعد إذنك ممكن تجيبيلي حاجه ألبسها ولا هتسيبيني بالبدلة كدة..
لم يصبر فاستطرد قوله فقال:
- من أولها وأنتي واخدة الأوضة كلها لواحدك دا إنتي مفترية يا شيخة..
وما أن أنهى حديثه إلا وجد ما يلتصق بوجهه، فكانت البيچامة التي وُضعت خصيصاً لأجله على السرير..
ثم أعادت غلق الباب سريعاً وهي تضحك بشدة لشكله..

رواية زهرة- جرح الماضي - ندى أشرفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن