انه ليس 'وداعًا'، بل انه 'اراك لاحقًا'..
______________كان مظهره اشبه بطيف.
و لم تكن المرة الاولى لها لرؤية طيف ما.. بل الاحساس به. طيف ولد من امنية يائسة لها، الا انه كان حقيقة، ما كان لها الا الابتسام حين لا تلتقي اعينهم و لم يكن للقائهما اصلًا مجال..مهما حاولت النظر له هو.. هو لا يكون موجودًا اصلًا..
لكن وجوده اخذ حيزًا في المحيط حولها.
كان هذا مو مصير حياة الاطياف تلك، الا تلاحظ من إنسيّ ما حتى تتعفن ذكراها و تتلاشى كذرات الغبار التي لا ترى الا بأيام الصيف الدافئة، الا ان لكل قاعدة شواذها.لطالما كان على ترحال دائم بين حشود البشر تلك.. طيف غُمر بالرمادي الداكن لشدة ما يتبعه أينما خطت خطاه، يمر بينهم كسرابٍ ما.. كأحلام يقظة تتلاشى ما ان يعود وعيك الى الحاضر، يمكث لوهلة و يشد الرّحال بغتة و كأنه ملزم بقسمٍ ما ليجبر على طمس اثره و ذكراه و حتى تاريخه عن العالم، قسمٌ ما ليَستر امكانياته.. قدراته و مواهبه.. غرق برغبة الحرية فما أسفعه الدهر ليتخذ اسمًا له.. فاختار كلمة اسم بحد كيانها اسمًا له.
الا ان ذلك الطيف قد لوحظ.. بطيف من نوع اخر قد اقتنصت اعنيه اياه على حين غرة منه، قائلًا بسرهِ
'انا اعلم'..
كلا الطيفين تبادلا تواصل الاعين في مشهد انى للزمن الا يتوقف فيه؟
هو ايضًا علم.. علم ان الطيف الاخر علم بشأنه..
اقترب ذلك الطيف ببطئ غامرًا الطيف الاخر برهبة تلك الظاهرة.. تلك الظاهرة التي تحدث مرة واحدة بالعمر كله.
أهو خائف؟ بالتأكيد.. فمهما تعددت الكيانات فجميعها ستلقى رهبة ذلك الامر الغير معهود لها..
الطيف يقترب اكثر و اكثر منه و هو الاخر قد افسح الفضاء من حوله خصيصًا له.. فليكن فقد طغى الفضول على الرهبة كما يطغى دائما على سائر المشاعر..
و هاهما قد اجتمعا بعد 23 يوم و ليلة.. ليشيئ القدر ان يضحي كل منهما موطنًا للاخر..لم يكن يدري انه تجسد بأعينها على انه كيان فاضل مهيب.. لم يسعها عدم ملاحظته بل.. و كأن شيء ما اجبرها على رؤيته و كأنه يقف في مسرح اوبيرا ما و جميع الاضواء تشير نحوه..
مقاعد الجمهور مملوءة الا ان الاعين شاردة عن تلك المهابة المتجسدة على خشبة المسرح. هي سألت نفسها..
'ايعقل اني الوحيدة التي ترى هذا؟'
لقد كان وجوده هناك صريح بشدة، لما لا يلتفتون له مثلما هي تفعل؟
و حينها تداركتها مشاعر ما.. رغبة ما..
هي لا تريد لاحد اخر غيرها رؤية هذا..
تريد الحصول عليه، تملكه لنفسها.
انه رائع و مشع.. لكنه بنفس الوقت محتضن من الغموض ليزيد رغبة تملكها له و كأن ستارة سوداء ملقاة على وجهه.
و حينما قررت التقرب منه بدى لها و كأنه يرشدها له.. يرشدها لاين تقع سلالم المسرح لتأتي له.
مهما فكرت به انه خطير لكن كان هناك شيء ما، بين مشهد مسرح الاوبيرا شعرت بشيء اخر.. شيء اشبه بالمحيط فيه، بينما هي تقترب كانت تغمر فيها.. درجات الازرق و الرمادي تلك، هي تعرف انه هناك اكثر من هذا بينها، مكان لم يصل اليه احد من قبل.. مكان لا يفترض لاحد ما بأن يعلم عنه و يصل اليه.. سواها؟
هي تعرف انه يمكنه اغراقها، دفعها من على خشبة المسرح الشاهقة، لفظها للخارج و ربما حتى تنهشه اسماكه المخيفة و يسحبها جزْره الى مكان لا تصل الاعين له، لكن لما رغم معرفتها لهذا كله لازالت تتقدم؟ لازلت رغبتها بتملكه متوقدة ملتهبة.. لما لا تنفك عن الاعجاب به؟ لما تشعر بأنها تدفع نحوه و ليس هي من تمشي له؟ أهو القدر؟
و عندما ظنت بأن ما ستقابله هي امواج باردة منه الا.. انها كانت دافئة.. لطيفة بشكل صادق غير مألوف.. لا يمكن لوعيها جزم ما يمكن ان تكون هي افكاره و معتقداته، يبدو في اشد الهدوء من السطح لولا انها تعلم امكانية تحوله لعاصفة هوجاء في ثواني تزرع الندم على مغامرة الخوض به.. لكن بشكل غريب ايضًا شعرت بالاحترام الشديد لهذا.. شعرت بأنها تريده اكثر و اكثر.
مياهه دافئة- بل درجتها مناسبة خصيصًا لها.. هل هو يتعمد فعل ذلك؟ هل هو ايضا يشعر بالفضول نحوها؟
![](https://img.wattpad.com/cover/318898717-288-k516103.jpg)
أنت تقرأ
إلى جانب المحيط | Along With The Ocean
Mystery / Thriller"ادار ظهره لها مواجهًا امواج المسطح المائي امامه، جالسًا على حبيبات الرمل و الصمت يفرض سيطرته على المكان، لذا فقد همست لنفسها بشرود 'كالمُحيط..' لا دليل لما تحدق به في داخل جوف كيانه، لكنها تشعر.." • نثر اتخذ شكل رواية بيأس املًا بلقاء تلك العيون ا...