الفصل الرابع عشر

26 4 0
                                    

عندما تتخذ شخصًا ما طريقًا لك .. وتكتشف في النهاية أنه سراب
خندق نهايته .. نهايتك
حتى وإن كان ضحية لظروف ليست بيده
فعلته ناتج عن وضع تحتم
عليه القبول به
حتى وإن كانت جريمته في الحياه دفاع عن شرف!
ولكنه يظل سراب
سالب في حين إنك لقبت بالموجب
: يهمك !
رفعت رودينا عينيها إلى عين صديقتها بتوسل ضعيف: انقذيه يا جنة أرجوكِ خدمة انسانية من خدماتك
أومأت جنة بغير تصديق رافضة : ده مش انسان
ودون إرادة سقطت دمعة من عين رودينا بيأس هامسة : ده نبض يا جنة نبض !
توسعت عين جنة بذهول ..
صديقتها عاشقة لشيء ينهب .. لآلة لحصاد أرواح لم يخلق لها زر
عقدت حاجبيها بغضب هاتفة: أنا مش ها ساعد في الجريمة دي حتى لو على حسابك
_____________________

راقد على الفراش بإرهاق نازع عنه ملابسه العلوية ودماؤه في حالة نزيف لم يتوقف !
وهي تجلس أمامه بجمود تجهز أدواتها التي أتاها بها ذلك حبيب الماضي و قاتل الحاضر
تنهدت وهي تحاول تهدئة أعصابها حتى تستطيع التعامل مع الدماء
امتدت تمسك بيده و ثم أخذت تنظفها بهدوء و رقة .. خائفة أن تؤلمه !
أجفلت على صوته : شكرًا
لم ترد عليه وأكملت عملها و هي تحاول وضع البنج عليها ليومئ برفض مبعدًا يده : لا ماتحطيش بنج
عقدت حاجبيها ناظرة له باستغراب .. هو جاد بأمره حقًا !
تنهدت تشرح : مش بحب الصوت العالي و عشان أخرج الرصا..
: مش ها تسمعي صوتي متعود على الحاجات دي ماتقلقيش
همست بجمود : اه نسيت انكوا سفاحين
ابتسم بجانبية مكملًا : وعاشقين
رفعت عينيها إليه لتجده ينظر لها مبتسمًا متسائلًا : مش عايزة تعرفي هو عمل إيه عشانك ؟
دقات قلبها الغبي تعالت وهو لم ينطق اسمه حتى !
وعقلها إنذارات الخطر ترن بداخله معلنة عن خطوط حمراء تجتازها
فهي أرادت أن تعرف حقًا ..
تريد أن تفهم ما قد يوصل النفس البشرية إلى هذا الحد من العنف أو القسوة
إن كان من أجل قلبها ... و حياتها المهنية التي انتهت صلاحيتها على ما يبدو !

همست بجمود : مايهمنيش
ضحك بخفه قائلًا : معلش بقى أنا هادردش في الموضوع ده معاكي عشان ماصوتش منك
رفعت حاجبها باستهانة ليبتسم هادئًا : الشيطان ما كفرش من فراغ يا دكتور جنة
وبدون إرادة أكملت : الكفر و الإيمان اختيار
أغمض عينيه بابتسامة وماضٍ يحاول نسيانه يسرد نفسه داخل عقله : اختيار ماتحطش لينا
رفعت عينيها إلى هيئته لتجد تقسيمات وجهه في حالة تشنج
لتلاحظ بعض الدم يخرج بغزارة و بفطرة داخلها دون إرادة

ربتت على كتفه برقة : استرخي
أفاق على لمستها ليفتح عينيه ناظرًا لها قائلًا : ديفيل من سنتين ماكانش ليه ديانة
عقدت حاجبيها باستغراب متسائل لا تفهم الجملة
ليكمل : ديفيل كفر بكل الأديان يوم موت والدته .. كان عنده 15 سنة ظروف اتحط فيها .. ظروف ضحيتها كانت أمه و أبوه و روحه
أكملت عملها وهي تحاول إخراج الرصاصة بارتعاش هامسة : الواقع بيقوي مش بيهد
همس بسخرية: واقع عبارة عن مجتمع كان عايز يقتل طفل بسبب أبوه !
رفعت عينيها له فزعة ليكمل وعينيه معلقة على السقف بشرود : ساعتها ديفيل هرب و راح لـ "الليدر" واللي هو السبب في كل اللي احنا فيه ده
رجع بعينيه لها هامسًا : ديفيل أسلم لما شافك من سنتين في برلين
توقفت يداها عما تفعله برجفة
رجفة وصلته عبر ذراعه ليكمل هامسًا : ديفيل اتعلم عربي وأسلم عشانك .. شافك طوق نجاة في محيط من دم نفسه يطلع منه بس مش عارف !
أكملت بعجز خفي : أو مش عايز
نظر لها بتساؤل لتكمل بجمود : من سنتين ماكانش في حاجه اسمها    سفاح ... ديف قتل بسببي و ده اللي أنت متردد تقوله
زفر عائدًا برأسه للخلف بينما هي أمسكت بالرصاصة داخل لحمه بالفعل وأخذت تخرجها ببطء مكملة : الشيطان اختار طريقه زي ما الظالم اختار يبقى ظالم
نظر لها بغتة جعلتها تضحك بسخرية وهي تنظف له جرحه و تبدأ تضميد الجرح تكمل بمنطقها : احنا نزلنا الدنيا عقاب مانزلنهاش فسحة .. لو اللي انتوا بتقولوه ده مبرر .. على كده كان المفروض اللي آمنوا مع الرسل والأنبياء كانوا بقوا جبابرة جحود وقسوة .. ماعتقدش إن في حد خسر زيهم مهما كانت الظروف
تكلم بانعقاد حاجب : دول كانوا بيحاربوا دين وكفر
نهضت بعدما انتهت وهي تنظر له باستغراب : و انتوا كده بتحاربوا إيه !
أعطته ظهرها ببرود وهي تكمل : عذركم أقبح من ذنبكم
ودون إرادة سقطت دمعة من عينيها على حب لم يكتمل وعجز لا تستطيع الفرار منه
و أمان لا تفتقر له في حضرته وهذا يقتلها !
بوضوح كبير هذا ضد مبادئها ، أن تشعر بالأمان بجانب سفاح
أن تشعر بالفضول لحكايته
هي تتخطى الحدود .. وهذا غير مطمئن
فتحت باب الغرفة لتقابلها لهفة صديقتها
لتبتسم لها بعجز آخر يحتويها
قلب صديقتها خانها مثلها وبعد أن كانت تدعوا بألا يكون مستقبل صديقتها مثلها
أصبحت دعوتها أن يلهمهما الله الصبر على بلاء لا تحتملانه !
تخطتها صديقتها إلى الداخل
و عينيها هي ثبتت على عينيه
والمعركة تدور
هو اختلى بكل القوائم
ظالم و مظلوم
قاتل و مقتول
معادلة حتمية نهايتها مفتوحة !
و الناتج قلبها المنشطر .. والمستقبل لا يبشر
لتتخطاه بسرعة وهي تذهب إلى غرفتها
وراقب هو أثرها بـجمود
ونظرتها تعلمه ما حدث
هناك شفقة في أقسى عينيها .. اللعين أخبرها بشيء عنه
غير مسار سيره ليذهب خلفها .. وصل إلى غرفتها وفتحها دون استئذان
وكأنها تعلم أنه أتى لم تحرك إنشًا بها ظلت مكانها تنظر للسماء من نافذتها
ليقول بغضب : إياكِ تحملي نفسك الذنب
وبدورها همست : أنت قصدت إني اشوفك ؟ ولو كان قصدك ازاي عرفت إني هامشي وراك !
زفر متنفسًا بغضب وهو يلعن بداخله صديقه
ليتمتم : كان آخر حساباتي إنك تشوفيني
نظرت له بعينيها بتساؤل فتمتم بجمود : كنت بكتفي بالورق اللي ببعتهولك يا جنة عمري ما فكرت إننا ممكن نتلاقى
ارتفع حاجبيها بدهشة وعجز داخلها يكبر
هو كان في جميع تحركات حياتها
كان بين طيات أنفاسها
كل ما فعلته كان هو جزءً منه
فرض وجوده بداخلها قبل حتى أن تعرف
همس بغضب من نفسه : رودينا اللي كانت مقصودة بالقتل
ويبدو أن القشة التي قصمت ظهر البعير
كانت تلك الجملة
رفعت عينيها إلى عينيه بسرعة البرق ليكمل ببرود معطيها ظهره : رودينا عندها أخ برة مصر أبوها كان متجوز على مامتها و لما أبوها مات أخوها بعت لنا و المهمة كانت من نصيب ياسين إنه يراقب تحركاتها من أربع سنين ووقت ما يحب أخوها ينفذ ياسين ينفذ ..
التف لها ينظر لعينيها هامسًا : لكن لما شوفتك وعرفت إنك صاحبتها كل الخطط اتغيرت .. وساعتها بدأنا خطة لينا أنا وياسين تانية غيرهم
عقدت حاجبيها بدهشة هاتفة : وهو عايزها تموت ليه !
تنهد متمتم : الطمع بيولد قسوة
ظلت تحرك رأسها بعشوائية دموعها تسقط بحرقة على صديقة عمرها
وعلى حياتها التي انتهت قبل بدايتها
حبها الغير مكتمل
قلبها المتألم
والدها و والدتها التي تعرف حق المعرفة عن حالتهما باختفائها
بل قتلها
سيرتها التي أصبحت ماضي تحت بند أنها أصبحت جثة في خبر كان
صرخت بعجز وهي تحرك رأسها بعشوائية : انتوا اايه مش بشر ماعندكوش رحمة ازاي يبقى القتل لعبة بالنسبة لكم روح البني ادم رخيصة كده
نظر إلى حالتها المنهارة ليقترب منها غاضبًا ممسكًا بكتفها هاتفًا : واحنا روحنا ماكانتش لعبة .. ولا لما الواحد ياخد حقه يبقى هو اللي وحش
نفضت كتفيها من يده غاضبة وهي تهتف : الحق بيتاخد بالقانون والشرع مش بالنهب
ضحك بسخرية :
مثالية ها تضيعك
واجهته بجملتها ودموعها تسقط دون إشغال نفسها بإيقافها : الوحشية ماوصلتكش لحاجة
رفع نظره لها
لتقابله بعينيها الممتلئة بغيوم شتوية قارصة
هي ولدت في دور المثالية
وهو ولد في دور الضحية المتكابر
الشيطان في مواجهة جنة تؤمن بما كفر به
مواجهة ليست عادلة !
وليس وقتها ..
تحارب بـمبادئها التي كفر هو بوجودها من الأصل
هي من تكون من طين والتي أخرجت من خلق من النار من بيته !
_____________________

الشعور بضعف من تقف على قدمك بسببه يصل لك حتى وإن كرهته
و نقطة الشيطان في العالم بدأت من الانتقام
ربما إن لم يرد الانتقام ما كانت النار خلقت !
و العالم صنع ..
و البشر تحاربوا
ربما دون الانتقام .. ما كان ولد الشر !
وقفت أمام الطائرة بجمود و بداخلها التصميم على تنفيذ ما خططت له يزداد
ستذهب
و ترى ما لم يرد منها أن تراه بـرفضه لذهابها له
و القسم بداخلها يعاد بأنها إن وجدت الدخيلة ستنحر عنقها بابتسامة معلنة حضور سطوتها
ستخبر الشيطان بأنها هي نقطة قوته
تخبره بأن نقاط الضعف يجب أن تنتهي .. هذا قانونهم الذي تغافل عنه
وهذا قانونها الذي لم ترفضه يوما
نقطة الضعف مكانها القبر وليس القلب
وضعت أول خطواتها على درج الطائرة بابتسامة جامدة
صعدت ومع دخولها إلى الطائرة أغلقت بابها و أقلعت ..
صوت مروحيتها معلنًا عن بداية جديدة لـجحيم جديد
لم يمر عليهم من قبل
أو ربما مجهول ظنوه خيال من عقل رئيسهم و هو الحقيقة الوحيدة بحياتهم من الأساس !
_____________________

التسامح سمة لا يمتلكها معظمنا
ولا يستحقها أكثرنا !
الغفران ربما يكون سمة تميز صاحبها
وفي بعض الأحيان
عقاب يجعله يستحق قتله !
وإن مات صاحب الحبكة .. يقتل أمل الكاتب !
و التردد داخل الإنسان يكون قاتل .. قاتل لصاحبه مع وقف التنفيذ
: أنت لو كنت اتقتلت أصلًا كنت هولع فيك
ضحك بخفوت وعينيه تتأمل قسمات وجهها الرائقة
كيف لإنسان أن يكون بذلك النقاء .. بل كيف لإنسان أن يمتلك الابتسامة حتى دون مقابل !
عالمهم علمهم ذلك .. لا شيء يعطى دون مقابل
أخذ و عطاء
يأخذون مقابل أن يعطوا
حيث أنه اعتنق القانون بطريقته الخاصة
يعطي البراءة الباطلة مقابل مصلحة عاجلة .. الأموال !
: أديني عايش ياختي اتبطي
أخرجت له لسانها بغيظ طفولي محاولة فاشلة منها لتجاهل سبب قلقها المأساوي عليه
كادت تموت من فكرة دماء تنثر     من يده
حدقت بوجهه المبتسم لها بنظرة لا تخيب مغزاها أنثى أبدًا
عينيه ..
تشبه العشب الأخضر الزاهي في أشعة الشمس .. طريق أخضر تشعر وكأن آخره سلام
سلام ربما يحتاج لتضحية حتى يقبل بالخروج !
: رودينا
دون إرادة تمتمت بسرعة : كنت خايفة من المجهول
ابتسامة وجهه اتسعت متمتم : المجهول مصير
تنهدت بارتعاش عينيها دارت في أنحاء الغرفة بتوتر .. توتر يجتاح جسدها دون دراية بالسبب
أو ربما تعرفه و تتجاهله ببساطة .. خوفًا من مستقبل تشعر وكأنه غير آتٍ
وإن أتى .. لن تكون بانتظاره
أفاقت على صوته الهامس : أنا بحبك !
توسعت عينيها بتفاجؤ من نبرة صوته المتعجبة و المعترفة بنفس الوقت
قلبها أصبحت نبضاته تتراقص بـشعبية مطلقة !!
نسمات هوائية اجتاحت صدرها جعلتها تشعر ببرودة .. برودة محببة جعلتها تتألم برقة
تألم إثر كلمة لم تنتظرها و نغزة سببها إلى الآن غير معلوم !
رفعت عينيها نحوه.. وابتسمت برقة
قلبها يأمرها بالعفو عما ليس بيده ..   و مرة أخرى تعود لعينيه
ممر أخضر نهايته سراب أسود مكتظ بـدموع تخاف الخروج تحت وطئة الكبرياء و الكرامة أن الرجل لا يبكي
ربما لأن المجتمع حشر تلك الجملة في عقولنا .. متناسين حديث الرسول عن قهر الرجال !!

تنهدت بابتسامتها و مع انفراج شفتيها لخروج الحديث منها خرجت من جانب خصرها قطرات الدماء متطايرة
وتوسعت عينيها بألم و تعلق لسانها
ثم سقوطها على صدر من ينظر لها باستغراب .. كالذي لم يفهم ما يحدث من حوله
نزل بعينيه إلى رأسها الملقى على صدره .. رفع يديه بارتعاش يبعد خصلاتها عن عينيها بابتسامة متوترة : رودينا لو دخلوا علينا هايكتبوا كتابنا ونتفضح
ثم صمت وتنفسه يزداد صعوبة يربت على وجنتها بسرعة
فتحت عينيها بألم وتنفسها يزداد صعوبة لتبتسم في وجهه بإرهاق على فتح عينيها
تحاول أن تخبره أن كل شيء بخير
تحاول طمأنته
ظلت عينيها في عينيه وجال بخاطرها مشاكستهم المعتادة
غضبه عندما حادثته عن أمجد
انحرافه معها تحت وطأة أنها جميلة وهو يحب كل ما هو جميل
محاولته لتقبيلها
وهنا جال بخاطرها ذلك الموقف لتضحك بألم
Flash back))
حيث أنها كانت لا تريد النوم ذلك اليوم و أرادت أن تسير قليلًا على الشاطئ
كانت على أطراف الشروق
وعندما ملت أخذتها أرجلها إلى الداخل وعندما أغلقت الباب مستديرة لترحل
صدمت بصدره .. رفعت نظرها له غاضبة ليقابلها بابتسامة لعوب أذابت ما تبقى من صحتها
لتهتف بغضب : نهارك كحلي إن شاء الله
ليستند بيده اليسرى بجانب رأسها هامسًا بخبث: ما نخليها حمرا وربنا يكرمك ويكرمنا
رفعت حاجبها بغضب من وقاحته
لتجده يقترب برأسه منها وعينيه على عينيها بشدوه
كان كالغريق الذي لا يريد طوق النجاة
أغمض عينيه دون إدراك واقترابه يزداد
ابتلعت ريقها بتوتر وخجل وهي ترمش بسرعة قلقًا مما يمكن أن تؤول له الأمور
لتجد ديفيل يقف بجانبها فجأة رغم انتفاضتها ولكنها استسلمت ليده التي سحبتها ببطئ ورأسه التي تومئ لها بالذهاب معه
ليقف مكانها !
وياسين لا يشعر بشيء
كتمت ضحكتها وهي تجد شفتي ياسين التي حطت على صدر ديفيل نظرًا لرأسه المائلة وفقًا لطولها
لتجده يهمس وشفاهه مازالت عند صدر ديفيل : انتى نشفتى ليه كدا يا رودينا
ليمد يديه على أمل أن يتمسك بخصرها ليجد أن ما قابل يده أقدام !!
فتح عينيه باستغراب ليجد أمام عينيه صدر ديفيل
رفع عينيه ببطء نحو ديفيل ليجد ابتسامته الساخرة
وهمسه الرفيع : يالهوي يا سيدي ستي تشوفنا
لتتوسع عيني ياسين
و تتعالى ضحكات رودينا قبل أن تجري هاربة منه
(back)
سقطت من عينيها دمعة يتيمة وهي تضحك بخفوت مرة أخرى بألم
وهو ينظر لها بحنان وحب غير مدرك لما يحدث
أو لا يريد أن يصدق !
عينيه تناشدها بعدم تركه و عينيها تخبره أنه انتهى الوقت
عدم إدراكك للموقف يجعلك تائهًا عن محيط .. لم تختر أن تكون غريقا به !
_____________________

العجز عن فهم مكنون مشاعرك ألم .. ألم يجعلك لا تستطيع الحديث سوى بعشوائية
عشوائية كنت ترفضها قبل أن تقتل بـيد من سلمت له أمر قلبك!
صرخت بغضب : رودينا مستحيل تعرف لو عرفت اللي بيحصل هتنهار
رفع عينيه للسقف بقلة صبر .. لن تصل إلى ما تريده ولن ترضى بما يريده
هي ضوء عالمه حتى وإن رفضت
بعيدة بعد الشمس ، قريبة قرب أشعتها
بعدها ألم بقدر قربها الحارق .. وهو يحيا على الألم !
همست بارتعاش : سيبنا يا ديفيل رجعنا احنا مكاننا مش بينكم
همسها جعل قلبه ينتفض بغضب   دون إرادة
فكرة أن تكون لغيره تقتله
وأنه لن يكون لها تنهيه ..
الأخذ و العطاء كان قانونه الذي   تربى عليه
لم يعطِ سوى ليأخذ
يأخذ الأرواح مقابل نشوته .. نشوة الرائحة الملعونة وهو الملعون !
شيطان طرد من الجنة قبل حتى أن يخطو بداخلها !
كفر بإيمان لم يخلق له
همس بغضب أمام وجهها : أمانكم  مش هناك
كادت أن تصرخ به غاضبة بأن أمانهم في أي مكان غير هنا
سعادتهم في البعد عنهم
راحتهم في نسيان تلك المرحلة من حياتهم
الشر مكانه في الظلام .. في سابع بؤرة من الأرض بينما الخير يعم الأرجاء بحثًا عمن يستحقه
وهم لا يستحقونهم .. بل حتى وإن أصلحوا حياتهم
أيديهم ممتلئة بالدماء ..
كادت أن تصرخ وتصرخ ..لكن وقفت عاقدة حاجبيها بتألم
منتصف صدرها آلمها
همست دون وعي : رودينا
وتركت الواقف باستغراب مما حدث ثم ذهب خلفها ليعلم ما حدث
وهي تبتعد عن غرفتها بسرعة
تنزل الدرج و عقلها يخرج لها أسوأ السيناريوهات
صوته في عقلها يعلمها أن المقصودة صديقتها
ألم قلبها ذكرها بهم ذات مرة في بيتهم حين تركتها لتحادث والدتها و أحست بألم في صدرها وعندما عادت لتخبر رودينا
وجدتها كادت تقع من النافذة
ألم قلبها الآن مشابه لذلك الألم
همست دون وعي ودموعها تسقط : لأ يارب لأ إلا هي يا رب إلا المغفرة يارب
بحثت في الأرجاء ولم تجدها
رأسها تتحرك بعشوائية مرتعشة و ديفيل يحاول الاقتراب منها ليقابله رفضها بملمس يديه
رمشت عدة مرات وهي تتذكر بأنها تركتها في غرفة ياسين
لتصعد ركضًا على الدرج مرة أخرى
كادت أن تقع عدة مرات ولكنها لم تعبأ
يجب أن ترى شقيقتها الآن
صديقة عمرها وشريكة دربها .. كارثة رأسها التي لا تسطيع العيش دونها
هرعت بسرعة تفتح الباب .. لتجد صديقتها على صدر ياسين الذي يبتسم وكأنه يهدهدها
عقدت حاجبيها بسرعة مقتربة وهي تردد : هي بتعيط ليه مالها
و سحبت كتف رودينا بقوة لتسقط أرضًا بعيدًا عن يد ياسين و تسقط معها جنة المتمسكة بها كطوق نجاه
: لأ يا رودينا لأ أبوس إيدك بلاش كده
نظرت لها رودينا بألم و ابتسامتها لم تختفِ
لتضمها جنة بقوة أكبر صارخة : رودينا ماتسيبنيش لوحدي هنا
همست لها رودينا بألم متقطع : وقتي .. جيه يا جن..ة خلاص
أومأت جنة برفض تتشبث بها : هاقول لماما عليكى يا رودينا لو ماعشتيش
لتبتسم لها رودينا بألم ودمعاتها تسقط
وقف ديفيل على أعتاب الغرفة بصدمة من جثة رودينا التي بين أحضان جنة
ياسين المندهش ينظر لها عاقد الحاجبين .. يشعر كأنه غير مدرك لما يحدث ...
وجنة !!
تضم رأس رودينا إلى صدرها ..
رودينا !!
أفاق من صدمته يقترب منها على الأرض ليجدها تمد له يدها بألم
أمسك يدها يجثو بجانبها وعينيها الدامعة نظرت له
تناشده بوعد لم يقطعه
: ممم متخليش مصيرها زي ممم مصيري
همسها المتألم وشدتها على يديه جعلته دون وعي يقابلها بهمسه : أوعدك إنه مش ها يحصل
لتبتسم له بارتياح لا يعلم من أين اكتسبته
لتبعد عينيها إلى من يجثو على السرير لا يرمش حتى ينظر إلى نقطة وهمية بعيدة
ثم إلى من تضمها لتبتسم لها هامسة : سامحيني
ومع إنغلاق عينيها لآخر مرة .. صرخة مدوية ملأت البيت بل الجزيرة بأكملها
صرخة قهر
عدم تحمل
استسلام
خسارة !
جلست بجانبها بابتسامة أمل : عارفة هتفوقي و هنرجع لحياتنا تاني وهسافر معاكى والله هسافر
واختنق صوتها مع ظهور بعض الشهقات بها : والله ما هقول على حاجة لأ تاني بس افتحي عينك أرجوكى
وشهقات متعالية وصوت يتألم إثر خسارة لم يتوقعها
وديفيل يغمض عينيه بألم و جنة تضم رأسها لها كطفلة تهدهدها تعتذر لها عن شيء لم تفعله
تخبرها بأن تفق
تطالبها بعودتها من أجلها
رودينا كانت المغفرة في حياتهم .. كانت التسامح
النور و بـانطفائها ..
ذهب عنهم كل ما يجعلهم يعفون ..
كسرت أغلال الشيطان المتسلسل
و تجبر الطفل المنكس رأسه يتغافل عن موت أمه خلفه
بـموت المغفرة ، ولد الظلم
بانطفاء النور، أنير الظلام
_____________________

الجشع
دناءة تلك الصفة تجعل باقي الصفات في حالة إنكار بمعرفتها
لا يعتبرونها صفة بينهم
ولا يعتبرونها منهم
رغم أنها أقوى صفاتهم ربما ..
أو ما تغذيهم !
كـالغريزة بالضبط
الشهوة
التشبه بالحيوانات مع احتفاظنا بشكل الإنسان المتحضر
و الإرادة ما تحركهم !
دون إرادة لن يتحركوا
لن يصبحوا في قائمة الصفات .. ربما دونها كانوا عبيدًا لـشرهم المدفون
و مع تحريكهم كلهم للعبة تناسوا من يختفي خلف الظلال
متمسك بالخفاء رغم أن جهاز التحكم بيديه
يمكنه إطفاء اللعبة وقتما أراد معلنًا عن نهايتها .. ويمكنه الاستكمال مع جعلك تظن أنك الفائز
منتظرًا الدقيقة 90 ربما !
قرينهم .. ومع احتضاره يحتضرون
كما قولناها
القرين إن أراد النهاية سيخطها
و القرين لو ذهب يذهبون
بيادق في لعبة يحركها من وراء الستار جاعلًا المغفلين يتصدرون الواجهة !
يجلسون حول بعضهم الليدر يترأس الطاولة
وبجانبه ماتيو والجانب الآخر المدعو أحمد
: It's over  (انتهى الأمر)
نطقها ماتيو ببرود ليرفع أحمد عينيه له بسرعة متوسع الأعين
وابتسامة الليدر الجانبية تظهر
على ثغره
نطق أحمد بابتسامة متوسعة : Damn .. finally
(اللعنة .. أخيرًا)
قابله همس الليدر بابتسامته الجانبية : Now .. my child will  back me
(الآن .. طفلي سيعود إلي)

وهناك أمام حاسوبه يستمع إلى محادثتهم و الابتسامة تعتلي وجهه بشرود
ينظر إلى لوح الشطرنج أمامه الذي لا يوجد به غير حصان و وزير وملك و حارس
أوقع الوزير بيديه هامسًا :
The minister died
(مات الوزير)
لينظر إلى الملك بابتسامة خبيثة متمتمًا بحزن مصطنع :
The King revealed
(كُشف الملك!)
تمسكك بالستار متخفيًا خلفه ليس
دائمًا ضعف
فـهناك الكومبارس كثيرًا ما تتوقف عليه مشاهد المسرحية !
فقط أوجد الوقت .. و الضحية !
_____________________

|| موت برائحة الكرز 🍒 || حيث تعيش القصص. اكتشف الآن