الخاتمة

57 5 0
                                    



"هدوء ما قبل العاصفة "
جملة غير منصفة حيث العاصفة أتت
و الهدوء يليها بتسلل
يبحث عن فراش يرقد عليه فـحان وقت اكتساب الهدوء بعض الهدوء !
مر على هذا العام أربع سنوات
أربع سنوات اختفى خلالهم رسول عزرائيل بينما أمجد بعد علمه بـموت رودينا اعتكف على عمله حتى   أصبح روبوتياً
أطفال الشوارع أصبحوا في تزايد
الأخذ يكاد يكون دون عطاء
وردية وهمية تحت ألوانها إطار أبيض و أسود جعل من المشهد الروحي باهت
دلكت بين حاجبيها بـإرهاق وهي تنهض ململمة أشيائها
بعد انتهائها من إحدى ندواتها
هكذا أصبحت حياتها .. هادئة
ميتة !
ابتسمت للسائق وهي تعتذر منه عن تأخرها
وكادت فقط كادت أن تصعد
لـتتوقف عن الحركة وهي تراه أمامها
بعد تلك السنوات يعود .. أو يعيش من الأصل !
_____________________

هل تساءلتم يوماً عن مضمون الرائحة الشاذة ؟
أم أن المعنى التقليدي هو المنفرد بالمقدمة ؟
في مكان ووقت ما تظهر رائحة في الأرجاء تجعل عينيك لا إرادياً تبحث عن مبعثها
تجعلك تتنبأ بصفات شخصية من يضعها ..

للحياة عدة وديان وإحدى هذه الوديان كان هو أهمها
وادي الرائحة
الرائحة الشاذة ليست الرائحة صاحبة العطر النفاذ .. بل الرائحة التي تجعلك تلتفت قصراً لتتبع خطواتها الهوائية
يسير بهدوء واضعاً يديه بجيوب سرواله ناظراً للأرض
قميصه الأسود أزراره العلوية مفتوحة مظهراً عضلات صدره وسرواله الأسود راسماً عضلات قدمه
خطواته أخذته إلى نافورة تسمى بنافورة العشاق في روما
( نافورة تريفي )
وقف أمامها  ووجهه ظهر أعلى سطح الماء يراقب العملات الملقاة في قلب النافورة .. كثيراً ما يرى أنه غباء من الإيطاليين أن يصدقوا بتلك الأسطورة والتفاهات وجزء منه يطلق عزائه على أملهم المنقطع الذي جعلهم يثقون ببعض العملات المعدنية و ماء !!
أربع سنوات مرت .. لا يعرف عنها شيء
قرر أن يبتعد عن طريقها ويكفيها ما ذاقته منذ دخوله حياتها
وهو يعيش في جزيرته يبكي الأطلال على ما خسره
صديقه ! ..
رائحة اخترقت قلبه قبل أنفه .. رائحة فاكهة لا يخطئها طوال سنوات عمره
رائحة من ترك معها نبضات قلبه
من آمن بحبها بعد سنوات كفر
إدمانه الهيرويني في الدنيا
رغبته المجرمة في عصر المحرمات
رائحة الكرز..
التفت فجأة خلفه لـتتقابل أنظارهما
خاصتها مصدومة وخاصته مشتاقة
فراغ مقابل خواء
والاثنان .. شديدين البرودة
صمود القلب أمام سكين نحره هو عشق !
لـتجمد عيناها فجأة و تتحول إلى برود
قبل أن تدخل إلى السيارة و ترحل .. ترحل عكس اتجاهه
كـرسالة واضحة من القدر أنهما لن يلتقيا أبداً !
نهاية اللعبة هذه ؟
أم هي مجرد بداية !

المشهد من بعيد .. سخيف
مثير للضحك وللبعض الغثيان
ومع انتهاء الجولة سقطت النظارات , انكسر السيجار , تبعثرت الأوراق , انطفأت الأنوار , و خمد الجحيم
ثم هبطت كفتي الميزان
و انقلب اللوح و تبعثر العساكر مع فوز الوزير…
القرين قتل نفسه بخيانته للجسد ظناً منه أنه يمكنه محاربة النور
لم يقبل كونه خلق .. للظلام فقط
ظلامه كان ضوء حياته ..
وعند ظهوره للنور تلاشى تاركاً الجسد ضعيف بذهابه
لـتتمكن منه الأيادي ناحرة عنقه وتنهي ما تبقى من إرادة حرة
وعند فقدان الإرادة .. تتحول التصرفات إلى عشوائية بحتة
فـتضاعف الظلم و يد الظالم طالت لـتنال عنق من يقابله
حتى قتلته شهوته مطفأة نيران انتقامه بعد خسارته لمغفرته
بينما صار الانتقام لعبة .. الأفواه تمضغها كعلكة سيئة المذاق !
المشهد يتوالى بالتدريج ظهوراً بـالشيطان
سبب كل ما حدث على مر العصور
حين طُرد من الجنة فـشعر بالظلم فـ قرر الانتقام مستخدماً الظلام تحت وطأة الإرادة
الشيطان وإن انتهى الشر يظل
لـيخلق شراً جديداً !
الليدر
ياسين
ميدوسا
ماتيو
جاك
شرهم نسبة وتناسب
والعلاقة ترادف..
تكاد تكون ناكرة
و النقيض كان عشقهم
رودينا المغفرة التي تمنى الكثير أن ينالها
ليفوز بالجنة
ليفوز بنهاية مشرفة
المشهد انتهى و اللعبة انتهت
وهناك في غرفة التحكم .. الهواء أوقع بكل ما يحمله اللوح
لـتتناثر على الأرضية واقعة و الوزير واقفاً
يكاد يكون مبتسماً
الحياة .. خدعة
و المجهول .. جرم
بينما لم ينتصر الخير كـعادته
ربما لأن الخيال لا محل له هنا .. والقضية لم يتم رفع الجلسة على حكمها
جلسة صدرت منذ آلاف السنين حيث أمر الله بأن الشيطان مكانه في الجحيم
ولم يتم تنفيذ الحكم إلى الآن
حيث هنا مبدأ توفير الفرصة
موت بـرائحة الكرز
و النهاية ليست سوى بداية لما لا نريده
تلك ليست نهاية شر أو عالم
بل بداية
بداية لبعث لم يبعث به المقصود

تمت بـحمد الله
.............

أخرجها من جلستها صوت هاتفها لتغلق الكتاب الذي بيدها بابتسامة
وهي تعلم من يهاتفها خير المعرفة
وقابلها صراخ صديقتها الذي دمر طبلة أذنها : بتموتيني في الرواية يا جنة هي حصلت عايزة تخلصي مني
و صوت آخر يصرخ بجانبها :
بقى أنا شريرة يا ست جنة تشكري يا ذوق تشكري
ضحكت جنة ملء فمها وهي تتخيل مظهرهم العشوائي بعد قرائتهم لـروايتها
لـتبتسم هاتفة : مانا طلعت جوزي كافر وماتكلمش يعني !
لـيقابلها رده وهو يدلف إلى الغرفة : ده قلة حيلة ياختي
أغلقت عينيها متنهدة و هي تهتف : أنتى يا بنتي مش خطوبتك النهاردة !!
ابتسمت رودينا بـعدم اهتمام هاتفة :
أه و خلصت كل اللي ورايا
لـتهتف ميدوسا بسرعة : والله كدابة يا جنة دي قررت ماتحطش ميك أب
ودون إرادة أغلقت جنة الهاتف بـغيظ من صديقتها بينما زوجها اقترب منها مبتسماً بـخبث
لتنهض سريعا هاتفة : لأ يعني لأ هاتقوم حالًا تشوف إيمان فين عشان نلحق نلبس للخطوبة
رمى ديفيل نفسه على الفراش بـغيظ وهو يهتف : أنا خلفتهم ونسيتهم
لـتضحك بـمشاغبة وهي تدلف إلى غرفة ملابسها لـترتدي فستان الخطوبة
وقفت أمام المرآة بابتسامة لفت نظرها كتابها الذي أصدرته ليلة أمس
لـتمسكه بـشرود وهي تقرأ نبذة تعريفها ..

" جنة عوف ، محللة نفسية ، مصرية الأصل وعاشت حياتها في برلين "

تنهدت بـحب وهي تتذكر حياتها و ما كتبته في ذلك الكتاب
سردت حياتها بـطريقة مختلفة
وكل ما حدث في ذلك الكتاب من واقعية .. معاكس تماماً لما حدث في حياتها من خيال
قابلت ديفيل الذي أسلم لـيتزوجها بسبب رائحتها !!
بينما كانت هي في ندوة مع صديقتها وقابلته هو وياسين بـصدفة تكاد تكون قاتلة
شردت تتذكر مقابلتهم الأولى بابتسامة شاردة

*flash back *
انتهيا من ندوة صديقتها جنة و ركبا السيارة
وجنة تتذمر عما ترفضه رودينا
و حادثة غير متوقعة
توسعت عينيها وهي ترى السيارة التي صدمتها أمامها وأحدهم ينزل منها بغضب يهتف :
الله يحرق سواقة الحريم
عقدت حاجبيها غاضبة وهي تراه يتمتم بالعربية لتتمتم وهي تفتح باب سيارتها تستعد للنزول :
وكمان هو اللي متعصب ده أنت ليلة اللي خلفوك كحلي
حاولت أن تجعلها تهدأ ولكن للأسف كانت رودينا هبطت تاركة إياها تحادث الهواء
نظرت رودينا له بغضب والمحيط في عينيها هائج يشاركها غضبها
وبصوت غاضب أطلقت صيحاتها ولعناتها
تهتف بغضب غير مهتمة بالشارع    أو الطريق الذي وقف
: مش تفتح يا بني آدم لا ونازل متعصب أوي كمان يعني بسواقة الحمير بتاعتك دي ومتعصب !؟
وبعيون العشب المحترق الذي وقع أمام معتوهة لا ترى نفسها مخطئة
: سواقتي أنا اللي سواقة حمير؟    جاية في طريق عكس و رئيسي ومش مركزة وسواقتي أنا سواقة حمير .. على كده بقى انتى غلبتى الحمار في الغباء !!!!
واندهشت هي من رده وصدمتها ألجمتها وهي تعيد النظر حولها ثم إلى سيارتها
إنه محق لقد أخطأت الطريق
ولكنه أهانها و رودينا لا تترك حقها
: آه وبما إنه مش مركزة فأخبطها وخلاص وبكدة تركز صح .. بس العيب مش عليك العيب عليَّا إني وقفت أتكلم مع الحمير في الشارع
ومشت بغضب راكبة سيارتها
نظرت له أمامها بنظرة منتصرة
كطفلة فازت بلعبة ما
وأدارت سيارتها ذاهبة..
تاركة إياه ينظر في أثرها
بغضب عارم
بينما جنة وعندما مرت رودينا بالسيارة بجانبهم .. لمعت عين من يجلس بداخلها
بـلمعة عسل جعلتها.. تشع بهجة
*back*

ديفيل و بعدما أسلم لكي يتزوجها سُمي بـ "ديف"
واجها الكثير حتى تزوجا
والحق يُقال زوجها لا يسمع سوى
لما يريده ..
أفاقت على صوت طرق الباب و ابنتها تهتف لـتجعلها تسرع
فتحت الباب بتذمر وهي تنظر لابنتها
وابنتها هادئة .. كوالدها
يكادا يجعلانها تجن
: You're slow, Mom
(أنتى بطيئة أمي)
لترفع جنة حاجبها بـغيظ وهي ترى ابنتها تتخطاها لـتجلب ربطة العنق الخاصة بأبيها
هي في الثامنة ؟
تكاد تقسم أنها تكبرها هي شخصياً !!
مرت بجانبها لـتقف على المقعد أمام ديفيل الجالس بابتسامة مكتومة على مظهر زوجته
و الأخرى تربط له ربطة عنقه التي
تعلمتها خصيصاً لتفعلها له
بدلاً من جنة
هي ببساطة تغار من جنة !!
زفرت جنة بـبرود وهي تراها تخرج بـأنف مرفوع
لـتشهق على سحب ديفيل لها من خصرها بـشقاوة هاتفاً :
بتغيري من بنتك يا صغنن
رفعت حاجبيها بغيظ تضرب صدره هاتفة : أنا مابقتش بعملك حاجة خالص يا ديف ..
ست كخة دي بقت هي اللي مراتك مش أنا !!
لـتتعالى ضحكة ديفيل بينما يضمها له
لـترتاح هناك .. مكانها .. أحضان شيطانها
و إن كان الاسم ظُلماً له !
_____________________

الفرحة
النهاية السعيدة
الضحكة

الخيال
الواقع
مصطلحات أصبحت حياتهم منذ تعرفهم على بعضهم
أبطال روايتها .. وحياتها ..
ميدوسا صديقتها هي و رودينا والتي تعلمت العربية منهما ..
ماتيو صديق زوجها بالعمل و زوج ميدوسا و الذي شخصه معاكس لما صورته ..
نعم ولقد تعلم العربية من قبل زوجته ولم يرد تعليمها حتى يستطيع الغضب عليها بما لا تفهمه
و جنة و رودينا لم يجعلوه يهنأ     بتلك الخاصية
ويبدو أن نظرة السخط في عينيه  بسبب ذلك !!
جاك ليس صامتاً بالمرة بل يكاد يكون
أكثرهم ثرثرة.. عمله مترجم وهذا
سبب معرفته للغة العربية ..
وتعلمون من يكون الليدر؟
إنه والد زوجها العزيز و والدها الروحي من جعلها تتقدم في عملها
وتطلق لذلك الكتاب العنان للسطوع
والد زوجها ديمقراطي كلياً حيث ما إن قال ديف أنه يريد الإسلام حتى صارت بينهما معركة على إثرها تعرف الليدر على جنة
و أحبها بكل حرمان داخله من
عدم إنجابه فتاة
نظرت إلى صديقتها المتذمرة بسبب طول فستانها ..
ياسين يحاول أن يتزوجها منذ تسع سنوات وكانت ترفض
بسبب أنها لا تريد أن تتعلم الطبخ
الآن !!
و عفت عنه بالخِطبة والزواج بعد شهرين
نعم هي رودينا و كذلك زواجها سيكون مختلفاً !
_____________________

بينما ما يحدث عند رودينا هو معاكس لـحقيقتها كلياً
بداية حبه لها كانت حلم
حلم تمنى الحصول عليه .. رآها مرة واحدة ..
والأخيرة حُلم
ابتسمت وهو يحاوط خصرها لتهتف : مش هاتقول لي الحلم !
ابتسم بجانبية تعشقها
تراه جذاباً بها هامساً : والمقابل
رفعت حاجبها بـمعنى حقاً
ليبتسم ببرود معلناً أن لا شيء دون مقابل عند المحامي !
لـيبتسم بخفة مديراً إياها فجأة فعادت له شاهقة وهمس هو بجانب أذنها بمشاغبة :
نبقى نتناقش في بيتنا يا .. يا مراتي
وابتسمت هي بـخجل لا يظهر
سوى معه !!

عودة لـجنة الشاردة في رقصتهما بـحب
تنظر إلى زوجها الذي هتف : جنة !
لتهتف ابنتهما بغيظ :
جنة no..   إيمان yes
لتتنهد وهي تبعد عينيها عنها حقا أصبحت تغار على زوجها
من ابنتها !

هم مجموعة من المجانين أصبحوا أصدقاء بفعل الصدفة
الصدفة حياة
وكل صدفة سيترتب عليها مستقبل حتى من بعيد
فقط إن تعاملت بالطريقة الصحيحة
كانت عينيها تدور عليهم بـشرود وابتسامة
عندما رأت واقعها الأشبه بالخيال
قررت أن تخط حروف الواقع في كتاب
فأصبحت المعادلة معكوسة
الخيال واقع .. و الواقع خيال !
ابتسامتها توسعت وهي تجد صديقتها تضحك مع ياسين الذي لا يمل من عصبية تمتلكها
و زوجها يلاعب ابنتهما التي تنظر لها
ماتيو يناغش زوجته التي تبتسم له بحب لا يضاهي العشق الذي في    قلبه لها ..
جاك يغازل إحداهن كعادته !
هم لم يكونوا شراً .. بل هم بيدق للعبة كان جهاز تحكمها شر ..
بدايتهم كانت خاطئة فـأصبحت
النهاية معلومة
توسعت عينيها وهي تجد رودينا تقترب منها بقالب كعكة كبير
وانتشرت في الأجواء حولهم
رائحة الكرز
بل الكثير و الكثير من الكرز

حيث اليوم عيد ميلادها و هي
عاشقة للكرز
التفوا حولها بابتسامة و رودينا هتفت بحب : كل سنة وانتى معانا يا جنة
لتبتسم جنة لها بهدوء : كل سنة وانتى حوالينا يا رودي
أمسك ديف بيديها و ابنتها اقتربت منها
بابتسامة بعدما لاحظت ضيق والدها من تصرفها الغيور تجاه والدتها
والتف الجميع حولها بمشاكسة :
يلااا قولي هوف

كان ذاك چاك الساخر لتبتسم له وهي تنخفض لتطفئ الشموع فأغمضت عينيها أمام الشموع لتتمنى أمنية

و دار بعقلها جملة كتبتها في كتابها
" النهاية وإن لم تكن مرضية فهي ليست سوى بداية جديدة لقصة نتمني لها نهاية ترضينا فنحن نستحق نهاية
تشبه أفلامنا .. "
لتفتح عينيها بابتسامة أمام الشموع ثم تنظر أمامها بمشاكسة غامزة بإحدى عينيها ....

_____________________





|| موت برائحة الكرز 🍒 || حيث تعيش القصص. اكتشف الآن