حبيبي يا صانع القهوة

البارت الثامن

              

                 ..... اسفة على التأخير.......

وقفتُ بجانبهِ و أنا أبلع ريقي ، أظنُ موتي سيكون على يديه لا محالة ..

{{ الخطوة الأولى هي تحضير الاسبريسو من خلال إضافة الماء إليه ....و تحريكه بشكل هادئ إلى أن يذوب كاملا }}

كانت كُلُ كلمة يَنطِقها بثقة كبيرة تتبعها حركات يديه و قدميه لتعليمي ، أشعرني ذلك بالقليل من الراحة ..

هدَّأتُ نفسي و رحتُ أحاول قدر المستطاع التركيز في كلامه ، كل ما أردته في تلك اللحظة أن أعرِف عنه المزيد و المزيد و لن أمَّل في طلب المزيد ..

أسندتُ مرفقيَّ على المنضدة و أنا أُكَوِر كلتا يداي على خدودي أتبعه بعيناي في كل حركة .. أنا حقا مُركزة في ما يقوله .........تقريبا !!

قام بخفق الحليب بالإعتماد على آلة الخفق المخصصة ثم صَبَّ القهوة أولاً ليضيف لها الحليب المخفوق بهدوء شديد ..

يداه ثابتتان جدا ، كشخص يحمل ريشة و يرسمُ بها ..
نشبِهُ بعضنا لكن كلٌ منا في ما يُحب و يهوى..

إبتسمت و أنا أراه يرسمُ بعودٍ خشبي صغير مُشَكِلاً خطوطًا للقهوة على المساحة البيضاء .. يبدو مستمتعا ..

~ أهو حُلمك أن تُصبح صانع قهوة و تَفتَتِح كافيه ~

قلتها بنبرة فضولية ، أردت أن أعرف لقد زاولني الفضول ليبتسم و يُبعِدَ نظرهُ عني عائدا بعينيه لإكمال تصميمه على القهوة ..

{{ أجل ، كان جدي خبيرا و ضليعا بهذه الأمور ...كنت أقف بجانبه مذهولا من إتقانه لهذا الفن .... قهوتُه دائما ما تجعل الناس يَسبَحُون في بُعد آخر .. و هذا ما جعلني أحِبُها ..أحببت شعور الناس و تَمَتُعِهم بها..... كنت أتدرب كل ليلة للوصول إلى مقام جدي ....لكن لا مجال للمقارنة ... يبقى الأفضل دائما }}

أنتَ بحد ذاتك تأخذ الناس لِبُعدٍ آخر نَاهِيكَ عن قهوتِك ...لا مجال للنقاش ..

أَخبرنِي أن والديه تُوُفِيا حين كان في السابعة من عمره إثر حريقٍ شَبَّ في منزلهم  بينما كان عند جدَّيه ، و منذ ذلك الوقت بقي يلازمهما حتى تُوفِي جَده و هو  في  15 من عمره  بسبب جلطة دماغية  ....

         ~ أنا حقا آسفة ...لم أقصد أن أُذَكِرك ~

قلتها و أنا أشعر بالإستياء من نفسي ، لم أقصد أن أعيد له ذكرياته الحزينة ..

{{ لا عليكِ ..}}

ثم أردف بصوت خانق و هو ينظر إليَّ بعينينِ حزينتين

{{ كلنا سنموت في النهاية سول بي }}

ظللت أنظر إلى عينيه و إبتسامته حتى قاطعني ..