بين الحب و العائلة

1K 75 165
                                    

لفته بذراعيها و قد تموضع خدها على صدره تستمع لدقات قلبه الخافتة و تستشعر تنفسه المنتظم الهاديء و بداخلها سلام من عاطفة دافئة انبثقت كمياه من جوف أرض قاحلة فهي تناست أنها بين ذراعي ذلك الرجل الذي تناقض ملامحه سلوكه حولها أما هو فصار حضن الصغيرة إدمانا جديدا بالنسبة إليه يبعد عنه ضجيج الحياة و تقلباتها و كل ثانية تمر تتسع داخله الرغبة في التعمق بها و كأن إقترابها منه لم يكن بالكافي
فيا ليت الأرواح تمتزج و تمد القلب بما هو اكثر من حلاوة العناق .

تشبثت شيري بثيابه و اغمضت عينيها تتنفس عطره بعمق شديد أما هو و حين احسن بانغماسها فيه ذبلت عيونه و اتصلت أهدابه ببعضها البعض و سمح لانامله أن تغرس بلطف في كتفها و إنحنى فمال جذها و أكسبها شده المملوء بالشغف عليها إحساسا عجيبا أربك النابض الأيسر داخل قفصها الصدري ما جعلها مشوشة ترغب في الانفصال أولا

حين شعر كروكودايل بتدلي أطرافها و هزة رأسها الخفيفة بدأ يفك وثاقها يفصل ذراعيه شيئا فشيئا عنها و الشعور بالسلام والفتور لم يفارقا قلبه حتى بعد الإبتعاد ، حينها تراجعت الفتاة خطوة للخلف و عيونها ملتصقة بالأرض تعيد خصلة شعرها المتمردة خلف أذنها وكان هو قد أشاح بوجهه بعيدا .

كلاهما لا ينكر ما حدث ، ولكن السؤال يبقى أن كيف له الحدوث ؟
أسمع أحدكم بجلاد يعطف على الأسير

كان الصمت والشلل يخيمان عليهما فالعقل و اللسان عجزا عن بث كلمة تخرجهما من الجو العجيب ثم و بعد مرور بعض الوقت خفتت فيه شدة العواطف قليلا حمحمت ذات الشعر الأحمر و رفعت عيونها تحدق بوجهه تصطنع ملامح البشاشة و سألت :
" يبدو أنك لم تعد تخشى أن أهرب منك أليس كذلك ؟ "
خفض كروكودايل بصره ناحيتها ثم ناحية صدره وضع يبحث داخل جيب سترته عن علبة السجائر و بينما يعبث بها بين يديه أجاب :
" هل كنت لتفعلي ؟ "

ادارت عدستيها للناحيتين ثم هزت رأسها نافية ليبتسم هو بغرور و يقول :
" ذلك ما يسمى بالثقة "

وضعت شيري يدها أمام شفتيها تخفي ابتسامتها الخبيثة و نبست بمرح في صوتها :
" ماذا ! هل كروكودايل العظيم يثق بي ؟ أشعر بالإطراء "

اسند الرجل السيجارة بين شفتيه ثم إلتقط الولاعة و احرق جزءها السفلي ليستنشق محتواها ثم وبعد برهة نفث الدخان في وجهها و مضى مبتعدا عنها نحو مكتبه يقول :
" عندما تتعود القطط على منازل أصحابها يستعصي عليها الرحيل ما أقصده هو انك حتى لو حاولت ستعودين إلي في النهاية "

بقيت شيري مكانها تسعل و تبعد الهواء المختلط برائحة التبغ عن وجهها ثم قطبت حاجبيها و استدارت نحوه و قالت بحنق شديد:
" أتقصد أني مثل القطط ها ، لكن ما لا تعلمه أن القطط أنانية و عنيدة و إن حاولت العبث معها فهي ستخرشك و حسب " ثم فرقعت أصابعها في الهواء تبرز المخالب الوهمية حينها امال كروكودايل رأسه و راح يبحث بين الأوراق و الأظرفة التي على مكتبه بضجر و قال :
" اعلم اعلم ومع ذلك يظل المالك أقوى من قطته أليس كذلك ؟ ، و الآن انا أعمل فهلا تكرمتي علي بالسكوت "

السَّبِيل الوَحِيد  || Sir Crocodile حيث تعيش القصص. اكتشف الآن