◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 02

319 21 0
                                    

" و لَـمـا رَأَيـتُ النُّـجُـوم تَـذَكَّـرتُكِ .. فَـالشَّـيـئ بِـالـشَّـيئ يُـذَكِّـرُ "

-

عاد إلي منزله بعد يوم شاق في الشركه ، دخل إلي غرفته ثم خلع ثيابه و توجه للحمام ليجلس بحوض الإستحمام ، نزل برأسه إلي الأسفل حتي غطت المياه جميع جسده بما فيه رأسه ، ذلك ما تعود علي فعله عندما يريد أن يصفي ذهنه أو التفكير في صفقة ما ، ظل ثواني معدوده داخل الحوض ، كاد يخرج حتي شعر أن جسده متيبس مكانه ، فعلم ما سيحدث ، الآن يشعر أن جسده مشلول تماما ، زيوس و مارسيا سيأتون !
وبالفعل لم يخب ظنه ، فكان نظره موجه لأعلي حتي ظهر زيوس أمام عينيه ..
كان يُمسك بـلوحه كبيره تحتوي علي رسمه ما ، ليست واضحه لـ فاليريو بشكل كبير ، أدار زيوس اللوحه إلي وجه فاليريو و هو يقول :
_ أنظر .. أهدتني مارسيا تلك الرسمه اليوم ، لقد رسمتني و ببراعه !
نظر فاليريو إلي الرسمه و التي كانت بالفعل تشبه زيوس لحدٍ كبير ، أي تشبه فاليريو ، جاهد فاليريو لإلتقاط أنفاسه تحت الماء و هو يشعر أنه يختنق ، تحدث زيوس و هو ينظر للوحه و سعاده ترتسم بعينيه :
_ سيأتي يوماً و سترسمني مارسيا مره أخري ، ولكنها لن ترسمني أنا ، سترسمك أنت .
بدأ فاليريو يشعر أن روحه تنسحب منه ، فلم يعد يستطيع التنفس تحت الماء ، ولكن كل هذا إختفي بإختفاء زيوس .
أخرج فاليريو رأسه بسرعه من الماء و هو يلتقط أنفاسه بقوه ، مسح المياه عن وجهه و هو يحاول تنظيم أنفاسه ، أدار رأسه بالحمام بحثا عن أي أثر لـ زيوس ، ولكن كالعاده لم يجد أي شيئ يدل علي أنه كان موجود .
خرج من حوض الإستحمام و هو يلف المنشفه حول خصره و أخري يجفف بها شعره ، لم يتوجه لإرتداء ملابسه بل ظل هكذا و هو يتوجه ناحيه أحد الأدراج بخزانته ، فتح الدرج و أخرج منه دفتر كبير ، جلس علي فراشه و هو يمسك بقلم في يديه ، يخطو به كل ما حدث معه بالحمام ، متضمنا كلمات زيوس له .
جلس يقرأ تلاخيص كل ما كتبه عنهم ، منذ كان في العاشره من عمره ، إلي أن أصبح في الثانيه و الثلاثون :
" أنا أري أحلاما غريبه " ، "زيوس يشبهني للغايه " ، "أمي تصدقني" ، " زيوس يتحدث عني و كأنه هو " ، "ما أراه ليست مجرد أحلام" ، "أنا أري كوابيس" ، "زيوس تحرر من العبوديه" ، " زيوس أصبح محاربا " ، "لقد ظهرت فتاه مع زيوس " ، "إسمها مارسيا" ، "عيونها عسليه و شفتيها مكتنزتين" ، "زيوس رأي شعر مارسيا ، شعرها أحمر و مجعد" ، " مارسيا تبدو كـ الغجر " ، "مارسيا صهباء " ، " أنا أري زيوس و مارسيا في الحقيقه" ، " زيوس أحب مارسيا " ، "زيوس إعترف لـ مارسيا بحبه " ، "مارسيا أحبت زيوس" ، "زيوس يقابل مارسيا في الخفاء " ، " مارسيا تستطيع الرسم جيدا جدا " ، "زيوس لا يستطيع الإفصاح للجميع عن حبه لـ مارسيا " ، "زيوس مجرد محارب فقير بعض الشيئ" ، "زيوس في الأصل عبد" ، "لقد أتتني رؤيه لـ زيوس و مارسيا في منتصف الإجتماع في الشركه"، "مارسيا أميره " ، " مارسيا إبنه ملك أرغوس " ، " زيوس علَّم مارسيا الفروسيه " ، "آريز صديق مارسيا " ، "آريز يحب مارسيا منذ الطفوله " ، "مارسيا لا تحب آريز ، مارسيا تحب زيوس " .
توقف عن القراءه و هو يشعر بألم شديد برأسه ، ذلك الألم الذي أضحي صديقه الوحيد الذي يأتيه بعد رؤي زيوس و مارسيا ، أغلق الدفتر و هو يعيده مكانه ، جلس يفكر بكلم إيريك الذي قاله له صباحا ، هل من الممكن أنه لا يري أيه رؤي ، و إنما تلك مجرد تهيئات ينسجها له عقله؟ ولكن كيف ؟ تلك الرؤي يحلم بها منذ أن كان طفل رضيع ، إنها حتي ليست أحلام متقطعه ، بل أنها متواصله كـ فيلم ممل يعرض قصه حياه لشخصٍ ما ، أنه يعيش تفاصيل حياه زيوس ، بل الأسوء أنه يشعر بشعوره ، عندما يشعر زيوس بالفرحه يشعر هو أيضا بالفرحه ، عندما بكي زيوس موت شقيقته بكي فاليريو أيضا دون سبب واضح ، بكي حتي قبل أن يري زيوس في منامه و يعلم أن "إلينا" شقيقته الصغري ماتت ، كان هذا عندما كان زيوس و إلينا عبيدا ، توفيت إلينا جراء ضرب سيدها لها ، فكانت تعمل خادمه في إحدي البيوت بعدما إشتراها إحدي النبلاء ، بعدها بكي زيوس كثيرا ، بكي موت شقيقته و صغيرته ، فلم تكن أخته فقط ، بل كانت إبنته أيضا ، هو الذي لم يعرف له أبا ولا أم ولا أي اسره سوي إلينا ، هرب بعد موتها من أسياده ليقرر بعدها الإنتقام منهم و قتلهم جميعا ، وبالطبع لم ينسي قاتل شقيقته ، فـ نال هو أيضا جزاء فعلته ، ولكن علي يد زيوس ، بعدها أصبح إسمه منتشرا في هيلاس (اليونان) بأكملها ، لأن أسياده الذين قتلهم لم يكونو قليلين البته ، بل كانو حكام لقري كبيره في أرغوس ، ليتحول من زيوس الخادم إلي زيوس الفارس المحارب ، فأستطاع أن يكتسب ثقه الكثير من زعماء و حكام أرغوس ، بما فيهم الملك "ديلان" العظيم ، والد مارسيا .
كان فاليريو يعرف جميع تلك التفاصيل جيدا ، فكان كأنه يعيش بزمنه المعاصر في إيطاليا ، و يعيش قبل آلاف السنين في اليونان القديم ، حتي تلك الجمله كانت غريبه علي عقله !
حتي أنه يفكر أحيانا بأنهم تجمعهم كل الصفات ، حتي في عملهم ، زيوس كان محاربا يقتل جميع الظالمين و من يفكر الإعتداء علي بلده ، كذلك فاليريو يقتل جميع الظالمين ، ولكن الفرق بينهم أن زيوس كان محاربا شريفا لا يعتدي علي بريئ ، أما فاليريو فهو رجل عصابه لا يفرق بين بريئ و مظلوم ، فقط يقتل كل من يعترض طريقه!
وضع رأسه علي الوساده مقررا التخلص من كل تلك الأفكار التي ترهق روحه و عقله ، محاولا النوم جيدا إستعدادا ليوم جديد ، أو ربما رؤيه جديده !

-

فتحت هاتفها و هي تبحث عن رقم آيلا صديقتها ، حتي وجدته فأتصلت بها :
_ مرحبا آيلا .
_ مرحبا عزيزتي كيف حالك ؟
_ بخير ، في الواقع سأدخل بالموضوع .
_ أراهن أن هناك مصيبه !
_ لا تقلقي ، ما رأيك بإجازه ؟
_ ماذا لا أفهم ، هل تسألينني علي رأيي بالإجازات أم ماذا؟
ضربت راسيل رأسها من غبائها ، تحدثت و هي تجز علي أسنانها :
_ بحق الله أيلا ، ما شأني برأيك في الإجازات ؟
_ لا أعلم هذا أول شيئ خطر ببالي .
_ كنت أسألك ما رأيك أن نأخذ إجازه ، و نسافر ؟
صاحت آيلا بصوت عالٕ و هي تقول :
_ ماذا ؟ أنتِ ، راسيل يلماز ، ستسافرين ؟ أنتِ حتي لم تخرجي من إزمير منذ سنوات طوال !
تحدثت راسيل بتوتر بعض الشيئ :
_ و ما المشكله لا أفهم ، سنسافر لبعض الوقت ليتحسن مزاجنا قليلا .
_ و أين سنسافر ؟
_ إلي أرغوس ، في اليونان .
صمتت آيلا لبعض الوقت و لم تجيب ، حتي أنها ظنت أنها أغلقت الخط :
_ آيلا هل أنتِ مع..
توقفت عن الحديث و هي تستمع إلي صوت ضحك آيلا عبر الهاتف ، نظرت إلي الهاتف بإستغراب و كأنها تراها ، تحدثت آيلا من بين ضحكاتها :
_ عفوا ، ولكن أرغوس؟ بحق الله؟ هل أنتِ ذاهبه للبحث عن زيوس أم ماذا؟
صاحت بها راسيل لتتوقف آيلا عن الضحك :
_ أقسم أن أغلق الهاتف بوجهك آيلا ، هل تتمسخرين علي؟
_ أسفه حقا لم أقصد ، ولكنك بحياتك لم تأخذي إجازه و تسافري لخارج البلاد ، و عندما تقرري أن تفعلي تتوجهي لأرغوس ، هل هذا متعلق بالرؤي؟ بالتأكيد نعم .
تنحنحت راسيل و هي تجيب :
_ لقد أتتني مارسيا و طلبت مني أن أذهب إلي أرغوس بعد عشره أيام ، و هناك سأجد موطني ، لم أدري مقصدها و لكني بعد تفكير طويل قررت أن أذهب ، لنعتبرها أجازه صيفيه !
_ حسنا و لكن لأخبرك ، إن وجدنا زيوس هناك أَنا من سيتزوجه ، فحسب رسوماتك له هو وسيم للغايه !
ضحكت راسيل علي حديث آيلا ، فهي بالفعل رسمت زيوس و مارسيا كثيرا ، و يرجع هذا لسبب براعتها الشديده في الرسم .. تماما كـ مارسيا !
_ إذا راسيل ، كيف سنقنع مديرنا اللطيف بشأن أجازتنا؟
تنهدت راسيل و هي تفكر لحل :
_ دعي هذا الأمر علي !
أغلقت الهاتف و هي تضعه بجانبها ، وقفت أمام المرآه و هي تنظر لنفسها ، لا تعرف إن كانت تنظر إلي راسيل أو لـ مارسيا ، حدثت نفسها و هي تنظر بالمرآه :
_ هل إن أكلت بشراهه و أصبحت أثمن لن تأتي لي مارسيا مره أخري؟ هكذا سنختلف فهي ستكون نحيفه و أنا سأكون ثمينه !
ولكنها نظرت مره أخري الي جسدها و هي تمحي ذلك التفكير الغبي عن رأسها ، فكان جسدها متناسق بشكل مستفز ، لما تفعل هذا به !
_ حسنا ، سأصبغ شعري ، نعم سأصبغه من الأحمر إلي الأسود ، لا لا زيوس شعره أسود .. حسنا سأجعله أصفر ، نعم هذا أفضل .
لكنها أمسكت شعرها لتري لونه الأحمر اللامع الذي كان محط أنظار الجميع منذ صغرها ، فقد ورثت صفتها كـ صهباء من والدتها .
جلست علي الفراش و هي تفكر بصوت عالي :
_ تُري ماذا ينتظرني في أرغوس؟
و لم يمض دقائق حتي سقطت في النوم ، فوصل لها إجابه سؤالها ، ولكن علي هيئه حُلم !

-

◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن