مُستَوَيَات الصَّـلَاة السَّبع.

240 29 24
                                    


بِـسْـمِ اللَّٰهِ الَرَّحْـمَٰـنِ الرَّحِـيـمِ.

الصّلاة هِي عَمُود الدّين وهِي الفَارِقة بينَ الكُفر والإِيمَان، والنَّبيّ الحَبِيب ﷺ قَائِل: "إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشّرْكِ وَالكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ"، وتَرْكُ الصَّلَاةِ جُحودًا لِوُجُوبِهَا كُفْرٌ بالإِجْمَاعِ، وكذَلك تَركُها تَهَاوُنًا بِها كُفْرٌ فِي قَولِ كَثيرٍ مِن أهْلِ العِلمِ، والشَّخص الّذي يُصَلّي أحيَانًا وَيَتَكَاسلُ عَنها بَعض الأحْيَان ويُأخِرُها تَوَعَدَه اللّٰه تَباركَ وتَعالَىٰ بالوَيلِ قَائِل: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ، ويَجِبُ أنْ نَعرِفَ أنّ أوّلَ مَا يُحَاسَبُ العَبدُ عَلَيْهِ يَومَ البَعْثِ؛ هوَ الصَّلَاة، فَإذَا قُبلت قُبل سَائِر عمَله وإِذَا رُدَت رُدّ سَائِر عَملِه والعِيَاذُ باللّٰه، ومَن أَرَادَ مَعرِفَة مَكَانة الإِسلَام مِن نَفسِهِ فَليَنظُر إِلَىٰ مَكَانَة الصَّلَاة فِي قَلبِهِ.

•إلَىٰ أيْ مُستوَىٰ وَصَلْتَه فِي الصَّلَاة؟•

كلّ إِنْسيّ مُؤمنٌ مُصَلّي لَه مُستَوَىٰ مُعَيّن فِي الصّلَاة، وقَد وصَف الإِمَام الغَزَالِي ٠٧ مُستَويَات لِلْصَلاة؛

المُستوَىٰ الأوّل؛ مرحَلة العِبء:
لَيسَ فقط أنْ تَكون شَاعِر بِثُقلٍ لِلصَلاة عَليكَ، وإنّمَا تُصبح فِي نظَرِكَ كلّ الأَسبَابِ مُيسّرة حتّىٰ لَا تُصَلّي،
*لَم أَتَوَضَّأ بَعد؟ حَسَنًا بَعد تَنَاولِي للأَكلِ....فَقَط سأكْمِل ما بِيَدِي....لَقَد ضَيَعتُ العَصر! حَسَنًا سأبدَأ مِنَ الغَدِ*، ثمّ تَلتَزِم بالصّلَاةِ أسبُوع وتُضَيّع ١٠ أيّام، بَعدَها تُجَاهِد حتّىٰ لَا تَنقطِع عَن مُقَابَلَة رَبّك ومَرّة تَنجَح بِهَذا ومرّات كثِيرة تَفشَل.

المُستوَىٰ الثَّانِي؛ مَرحَلة المُرَاءَاة:
تَكُون مُواضبًا عَلىٰ صلَاتِك ورَاضٍ عَن نَفسِكَ جِدًا، وتَلُوم النّاس الّذين لا يُصَلّون، وتُصبِح مُظهِرًا صَلَاتك لِلنَاسِ وكَأَنّك تَتَجَرد مِن تُهمَةِ تَركِ الصَّلَاة، لَو أمكَنَك الأمرُ لنَبَأتَ الكَونَ كلّه أنّكَ لَم تَعُد تَارِكًا لِلْصَلَاةِ، والغَزَالي يَتكَلم عَن خَطَرِ هَذه المَرحَلة، يُنبِئ بأنّ الشَيطَان يأتِيكَ مِن بَابِ أنّك مُنَافِق ومُرَائِي وأنّه عَليكَ بالصّلَاة لَمَّا تَكُون مُقتَنِع وَمُؤمِن وَمُخلِص فِي الصَّلَاة، وَهُنا رَدّ الغَزَالي؛ صَلِّ، حتّىٰ لَو مَرَائِي، حَيثُ لَو كَان هُنَاكَ جُزء صَغِير فَاسِد فِي قَلبِكَ فَالصَّلَاة تُصلِحُهُ، فَلَن يَنتَصِرَ عَلَيكَ ويُكْمِل تَدنِيسَ قَلبَكَ بِمَا تَبَقىٰ مِن تَركٍ لِلصَلَاة.

المُستَوىٰ الثَّالِث؛ مَرحَلة إِسقَاط الفَرِيضَة:
بَدَأتَ فِي التَّخَلُصِ مِن مُرَائَاتِك وَهُنَا يَغزُوكَ شُعُور المَسْؤُولِيّة تِجَاه الصَّلَاة وأنَّكَ سَتُسأَلُ عَلَيهَا، وَدَائِمًا فِي بَالِكَ قَولَه تَعَالَىٰ: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ وَأَنتَ لَستَ مُبْتَغِي أنْ تَكُونَ مِنَ النَّاسِ المَذْكُورِينَ بالآَيَة، فَتُصَلّي لتُسقط الفَرِيضَة حَتّىٰ لَو كُنتَ غَيرُ مُرَكّز أَو مُتْعَب أَو مُستَعجِل.

المُستَوَىٰ الرَّابِع؛ مَرحَلَة التَعَوُّد:
الصَّلَاة بَاتَت لَكَ عَادَة، فَقد أصبَحتَ تُقِمُهَا دُون تَفكِير وَلَا تَدبِير وَلَا قَرَار، أَوَّل أَمْر أنَّك تُفَكِرُ فِيها تِلْقَائِيًا؛..*هَل صَلَّيتُ العَصر؟ حَسَنًا، أيّ صَلَاة فَاتَتنِي؟.....*، وقَبلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ البَيتِ تَتَوَضّأ، وَكلّ مَا بَطَلَ وُضُوءكَ تَتَوَضَّأ فِي أسرَعِ وَقْتٍ حَتّىٰ تَجْهَز دَائِمًا لِلصَلَاة.

المُستَوَىٰ الخَامِس؛ مَرحَلَة المُنَاجَاة:
أَيّ مُشكِلة وَقَعت عَليكَ أَو أَيّ بَلَاء يَنزِلُ عَلَيكَ تَتَملَكُكَ حَالَة الشَكوَىٰ وَالدُّعَاء لِلّٰه، وطَلَب العَونَ مِنه وأحيَانًا مِن أجلِ التَيسير فِي أَمرٍ مَا، قَبلَ هذَا كُنتَ تُصَلِّي لِأَنَّك مُعتَقِد أنّ الصَّلَاة لِلّٰه لأنَّه فَرَضَهَا وَتَكتَشِف وَقتَهَا أنَّكَ تُصَلِّي لأَنَّك أنْتَ الّذِي بِحَاجَةٍ لَهَا، وأنتَ الرَاغِبُ بِجُمُوحٍ لأيّ فُرصَة تُقَرِبُكَ مِن رَبِّكَ.

المُستَوَىٰ السَّادِس؛ مَرحَلَة ؛ "أَرِحنَا بِهَا يَا بِلَال":
تُصَلِّي الفُرُوض وتُحِبَّ النَوَافِل، تَجِدُ نَفسَكَ غَير قَادِر عَلَىٰ تَضْيِيع فُرصَة لِتَسجَدَ فِيهَا لِلّٰهِ....، تُحِبّ الصَّلَاة وَخَاشِع فِيهَا لأَنَّكَ مُدرِك أنَّكَ فِي حَضرَة اللّٰه، فِي كَنَفِ اللّٰه وفِي رِعَايَتِه جَلَّ جَلَال اللّٰه.

المُستَوَىٰ السَّابِع؛ مَرحَلَة المَعِيَّة:
الّتِي قَالَ اللّٰه تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ لنَبِيِّنَا ﷺ: ﴿وَأسْجُد وَاقْتَرِب، وهَذِهِ بإِختِصَار مَنْ فَقَدَ اللّٰه مَاذَا وَجَد؟! وَمَنْ وَجَدَ اللّٰه مَاذَا فَقَدَ؟!
أَولَوِيَاتُك فِي الحَيَاة تَتَغَير، تصرُفَاتُك غَير ثَابِتَة، أخْلَاقُكَ نَفسُهَا لَيسَت مُطلَقَة، يمُدُّكَ اللّٰه نُورًا مِنْ نُورِهِ، وَجَمَالًا مِنْ جَمَالِهِ وَحِكْمَة مِنْ حِكْمَتِهِ، وَرَحمَة وَمَغفِرَة مِن لدنِهِ.

أَدعِيّة لِلثَبَاتِ عَلَىٰ الصَّلَاةِ:

اللَّهُمَّ يَا مُقَلِبَ القُلُوب والأَبصَار ثَبِّت قُلُوبَنَا عَلَىٰ الصَّلَاة، وَاجعَلهَا أحَبَّ إِلَينَا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.

رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاة وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ.

نَــفْـحَــةُ رَمَـــق.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن