" أضيئوا نجمتي " 🌟
' تجاهلوا الأخطاء الإملائية إن وجدت لطفا '
تطايرت أوراق التقويم المعلق على حائط غرفتي .... و توالت الساعات و الأيام و الشهور .... التحق جيمين بجامعتي فأضحى يتقاسم طريقي الواحد مع نامجون الذي لم أحدد إلا الآن انطباعه نحوه مع مشاحناتنا الدائمة الذي بت أستلطفها بين الفينة و الأخرى ... فعلى نقيض ما خالجني يوم التقيته .. جيمين ليس بذلك السوء ... في الأخير يبدو أن التفاهة تجري في أوردة عائلتنا ... أو إنها جينات متأصلة بنا ... تضحكنا نفس النكات .. لدينا نفس الطباع و السماجة .... نحب نفس الأصناف من الأكل و الأفلام و كذا الموسيقى ... بيننا قواسم مشتركة عديدة ... متطابقان و متجانسان حد النفور ... " حبة فول و انقسمت إلى نصفين " حسب قول جدتي . يبدو أنه شبيهي من أولئك الأربعين .أضحت حياتي أكثر إشراقا بوجوده .. كأنه فانوس مضيء معلق في غرفة مضيئة بالأصل وجوده ليس ضروريا لكنه مرغوب و مطلوب ... وجوده يشعرك أن هذا اليوم مميز ليس كالأيام التي تسبقه _ يوم عيد _... تحب الثريا المتمركزة وسط سقف الغرفة _مصدر الضوء _.. لكن ذلك الفانوس يبهجك و يشد انتباهك رغم أن نوره أقل توهجا .
أحببت أيامي السابقة و سكينتها الصاخبة مع عائلتي ... حماستي المتوقدة و أنا أنتظر مون أمام الباب كي يحضر بعض الخبز من بقال الحي ... تتشابك كفوفنا فننظم إلى السفرة تحت تذمرات جيمين الجائع على تأخرنا و أن إحضار الخبز لا يتطلب كل هذا الوقت .... أحمر خجلا بعد غمزة نامجون الآسرة و ذلك بعد تذكري سبب تأخرنا ... نمسك أيدي بعضنا مرة أخرى تحت الطاولة بينما نتناول الطعام باليد الحرة ... نتبادل أطراف الحديث عن يومنا بسعادة و بهجة ... توبخ جدتي بين الفينة و الأخرى أحدا منا لسبب يثير انزعاجها ... _دائمة القلق و الدفئ جدتي_
... من أكثر الأشياء قربا إلى قلبي استفزاز جيمين حين يغسل الأطباق فهاته مهمته الرئيسية في البيت ... تذمراته تشعر جانبي الشرير بالاكتفاء و النصر ... أخرج بعدها من المطبخ لأتوسد صدر حبيبي الجالس فوق الأريكة فيتقاسم معي لحافه الخفيف ليبدأ بالعبث بفروة شعري بأنامله الطويلة مما يبعث داخل كل خلية مني شعور الراحة و السكينة ..
ينظم لنا جيمين بعد انتهائه فيأخد جانب جدتي موطنا له.. يحشر نفسه هو الآخر في حضنها .. تتلاقى أعيننا فيبتسم بجانبية لإغاضتي .. أقلب عيناي فيشد انتباهي ما يعرض على التلفاز بينما أرتشف من حين إلى آخر مشروب مون الساخن ... انتظرت حينها أن تظلم الشاشة و يصعد الجنريك معلنا النهاية السعيدة التي ستستمر مع الشخصيات إلى ما لانهاية ... سأكون راضية تمام الرضى بهاته النهاية السعيدة ... لن أشتكي أبدا من تكرارها المتكرر و رتابتها .. سأكون ممتنة لعيش أحداثها كل يوم .. كل ليلة .. كل ساعة .. و كل ثانية ... بنفس الروح و بنفس الألفة و الشوق .
و لأن الريح لا تجري بما تشتهي السفن .. ولا السفن تطيع الريح و تنقاد وراء رغبتها ... أو أن السفن لم تعد تشتهي شيئا... فدوام الحال من المحال .... حالك سينقلب حتى و إن أمهلك وقتا أكثر من غيرك ... إلا أنه جامح لا يحب الاستقرار و الثبات ... يقودك مقيدا ورائه .... يحب عنصر المفاجئة فلا يكشف أوراقه كلها أمامك... يرغمك على اللعب وفق شروطه و على طاولته .... يضع الشروط و التعليمات .. تكون مسيرا تحت وطئته لكنك مخير في نفس الوقت .... يذهلك بتناقضاته الصريحة..... يرغمك على الاختيار لكنه يخيرك ... يمسك زمام الأمور لكنك القائد .... الأمر كسلسة الأحداث التي ستنتهي بإعصار مذوي أصله رفرفة واحدة من جناح فراشة ... فلكل فعل ردة فعل حتى لو تأخر ... أبسط ما تقوم به يحدد نهايتك ... اختياراتك هي من تُعبِّد الطريق أسفل قدميك ... كما قلت سابقا إنك مخيَّر و مسيَّر في نفس الوقت .. فلا تلم الحال و الوقت فقط .. فلتأخد نفسك النصيب الأكبر.
و لهذا أضحى اللوم ملازمي و أنا أجوب أركان البيت المهجور المغبرَّة أمسحها بأناملي الواهنة .... فتتجسد أرواح مالكيها السابقين كأنهن يحملن سحرا من نوع ما ... يتردد صدى ضحكاتهم و محادثتهم الأرجاء لتغرورق عيناي شوقا و وجعا ... أرغب بملامستهم بمعانقتهم لكنني لا أستطيع ... أرغب بالبكاء و الصراح إلا أن تنقطع حبالي الصوتية لكن عقلي لا يطيعني ... تتصلب أطرافي حينها و يرتجف جسدي رغم أن ذلك القرص الساطع يتربع على عرشه في مركز السماء متبخترا بقوة شبابه .. إلا أن الزمهرير يلفحني.... الوقت متشابه لا تتوالى أيامه البليلة .. أنكمش على نفسي طلبا للدفئ ... طلبا للاحتواء ... إلا أنني لا أحصل على شيء .
_________________________________________
" للحنين أعراض جانبية، من بينها إدمان الخيال ، النظر إلى الوراء و الإفراط في تحويل الحاضر إلى الماضي "
_________________________________________
أنت تقرأ
《 زمهرير 》
Romanceحلمت بأنٌَ لي حلماً سيحملني و أحمله إلا أن أكتُبَ السَّطر الأخير على رخام القبر : نِمتُ .... لكيْ أطِير #محمود_درويش