الفصل الخامس

338 20 4
                                    

زهرة فى مهب الريح
البارت الخامس
____
لا تعى بنفسها وهى تدك بقبضة يدها الصغيرة على صدرها بقوى هاوية تتمتم بكلمات لم تصل لمسامع الجالس إلى جوارها
" ما تروحيش ما تروحيش فوقى فوقى ، غبية غبية هضيعى ارجعى "
أنفلتت منه ضحكة صغيرة ساخرة عليها معلقا.
"كل الشو ال بتعمليه ده مش هيشفعلك ولا هيقلل من ال مستنيكى يا زهرة"
بينما هى بعالم أخر ينهش الند.م به قلبها واحداث ذلك اليوم تعود لها من جديد كصف.عة تحذرها بألا تلقى اللوم على احد سواها هى فقط.
تزفر بضيق وهى تمسك بالهاتف تنتظر اجابته وهى تهاتفه للمرة الثانية على التوالي، حتى اتاها الرد.
زهرة: ايه ده كله يا على، كنت فين برن من بدرى.
على بصوت متعب: والله يا زهرة التليفون كان بعيد وبالعافية قمت وجبته علشان ارد ولولا انى مخصص ليكى رنه ماكنت قمت ولا اهتميت.
زهرة: للدرجة دى دور البرد شديد.
على: بصراحه هو مش بس البرد.
زهرة: هو انت مخبئ عليا حاجه.
على: انا نزلت الشغل.
زهرة: نزلت الكافية وانت تعبان احنا مش قولنا ترتاح.
على: الراجل كتر خيره مستحملنى فمحبتش اتقل عليه وبعدين بعد الدواء ال قولتى عليه حسيت نفسى احسن.
زهرة: ازاى احسن وانت مش قادر تقوم من مكانك حتى.
على: ما هوو.
زهرة عائدة لحاجبيها: ما هو ايه؟
على : مياة سخنة نزلت على رجلى امبارح حرقتنى.
زهرة : وبعدين.
على: روحت للمستشفى واهو من امبارح فى البيت مخرجتش لا كافية ولا سنتر واهو على السرير .
زهرة: مش كنت تخلى بالك من نفسك يا على.
على: النصيب يا زهرة يالا الحمدلله.
زهرة: سلامتك الف سلامة، حد معاك يراعيك.
على بحسرة: مين يا زهرة ما انتى عارفة ال فيها.
زهرة: خلى بالك من نفسك.
على: حاضر.
أغلقت معه الهاتف شاردة، فاليوم لم تأتى كلا من عاليا ولا زينب والمحاضرة الوحيدة لليوم ألغيت ولا رغبة لها بالعودة لمنزل الامو.ات الان، زفرت بضيق وهى تتحرك للعودة.
بعد وقت قليل وعلى اول شارع لفت نظرها السكون المحيط بالمنطقة، نظرت إلى ساعة يدها وجدتها العاشرة صباحا، كلا بعمله الان، ساقتها قدمها وهى تجرها بملل لتقف أمام بوابه منزلها، رفعت رأسها لأعلى تجد نوافذهم مغلقة، ولا يوجد أحد بأى شرفة من الشرفات، ابتسامة ما.كرة لاحت على وجهها وهى تحيد بنظرها عن المنزل إلى الطريق مرة أخرى لتسرع بخطواتها نحو تلك البناية التى تليهم بأمتار، التقطت أنفاسها ورفعت رأسها لأعلى تتذكر وقتها حديثه.
" ساكن فى أوضة على السطوح"
صعدت السلالم بسرعة وخفة حتى لا يشعر بها احدهم، وكل تفكيرها أنها ستفاجئه بقدومها ليستشعر قلقها عليه، وانها حقا تهتم لربما تجرأ بعدها واتخذت علاقتهم منحنى اخر غير ذلك المنحنى الرتيب الحذر حتى فى الكلمات التى تخرج من فاهه.
وصلت إلى السطح وقد لفت نظرها مدى نظافته وترتيبه، وقعت عيناها على الغرفة الوحيدة به، هندمت وضع ملابسها واتجهت لها، طرقت على الباب الموارب بخفه، ليصل لها صوته.
على: مين؟
لم ترد، لتبتسم وهى تدلف من الباب.
زهرة: انا.
على بدهشة: زهرة؟!!
زهرة وهى تغلق الباب بعدما تأكدت من عدم وجود احد بالسطح مرة أخرى.
"زهرة، مفاجأة وحشة الف وارجع تانى"
على: مقصدش بس ازاى يعنى احم جيتى.
قالها وهو يحاول النهوض من على الفراش، لتتجه له زهرة بسرعة تمسكه من كتفه تعيده مرة اخرى، تحدثه برقه.
" توتو اقعد أرتاح هو انا جايه اتعبك ولا ايه"
تكمل حديثها بعدما عاد براسه للخلف، وهى لا تزال ممسكة بكتفه، تتعمد الاقتراب منه وهى تعيد وضع الوساده خلف رأسه يصل لها  صوت ابتلاعه لريقه، تراه يغمض عينيه بقوة لتبستم لنفسها فمن الواضح أن تأثيرها قوى عليه وللغاية.
جلست على مقربة منه تنظر له بعيون ناعسة" ينفع اعرف ال انت فيه ومكنش معاك وخصوصا انى عارفة انك لوحدك ومحدش جنبك"
سعد قلبه بحديثها كثيرا ظهر اثره على وجهه وهو يبتسم لها" حقيقى يا زهرة انا مهم عندك اوى كده"
زهرة بدلال مفرط " يعنى يا على لو مش مهم كنت جيت لحد هنا اشوفك محتاج حاجة، ولا كنت كلمتك كل الوقت ده"
نظرت حولها
" بس ايه الشطارة دى الأوضة زى الفل"
على: الوحدة علمتنى حجات كتير.
نظرت له برقة متابعة وهى تسير بغنج تتطلع حولها.
" تعرف كان نفسى من بدرى اشوف اوضتك"
عقدت حاجبيها تلتف له وهى تشير على الطعام على المائدة المعلب.
" انت ما كلتش حاجه ولا ايه"
اجابها بإيماءة من رأسه.
لتنظر له بتذمر طفولتها مصطنع جعل قلبه يقفز بداخله من فرط مشاعره.
" ينفع كده؟ خلاص هسخن الاكل وتاكل قدامى، اوكى"
مرة اخرى إجابه بإيماءة من رأسه.
لتبستم له برقه هدمت اخر ذرة ثبات لديه، ليظل نظره معلق بها حتى انتهت وتقدمت منه تضع الصنية على قدمها وهى تجلس جواره.
يالا بقا افتح بقك.
على بدهشة: هتأكلينى؟
زهرة وهى تهز رأسها بابتسامة صغيرة.
بس الجرح فى رجلى وو.
قاطعته زهرة وهى تضع المعلقة بفمه تحدثه بهمس.
"بس انا حابه تاكل من ايدى يا على، مش عارفة حاسة انى كده هكون مرتاحة أو مطمئنة انك على الأقل اكلت وخلى بالك هتخلص ال قدامك ده كله"
حسنا يا سادة مشاعر إهتمام وحب افتقدها منذ رحيل والديه وبالأخص والدته، لم يشعر بنفسه وهو يحتضن يدها بيده لتسرى تلك الشعرية بجسدها وقد ارتجف قلبها بداخلها تنظر إلى يدها مشدوهه محدثه نفسه واخيرا، اخيرا عرفت كيف هو الشعور عندما يحتضن أحدهم كف حبييته، بلعت ريقها بصعوبة وهى تراه يقرب يدها من فمه وهو مغمض العينين وهناك دمعة صغيرة هبطت على يدها تزامنا مع تلك القبله التى طبعت عليها لتخرج شهقة صغيرة مكتومة منها، لا تصدق انها تعيش تلك اللحظات التى تمنتها معه هو مع على، توترت من هول تلك المشاعر التى عصفت بها لتهتز ساقها بتوتر كما هى عادتها لتختل تلك الصنية الموضوعة على قدمها تشهق بألم وقد سقط محتواها عليها وبالاخص ذلك الحساء الساخن.
شهقتها تلك اخرجته من تلك الحالة التى عصفت به، ليرى ما حدث لينحنى من مجلسه بسرعة مقتربا منها يزيح من عليها بيده يسمح على ساقيها، لتهدأ حركتها وتتخدر اعصابها من ذلك القرب، تتذكر احد تلك المشاهد والبطل قريب من معشوقته بهذا الشكل تتذكر وصف عاليا لها وهى تكن فى مثل هذة الموقف مع كريم.
طال صمتها ليرفع نظره بسرعة يسألها بقلق.
" أنتى كويسة"
بطر حديثه وهو يجدها شاردة به صافنه بوجهه قريب للغاية منها، مرت ثوانى ام دقائق اتصلت بها الأعين وفقط أنفاس ساخنه تخرج منهما.
لتقترب هى منه برأسها تضع يدها على كتفيه، وعيناها لا تفك حصار عينيه ليقترب هو منها كالمغيب لتكن تلك أول قبلة تحظى بها، بادلته إياها من جديد بشوق تستكشف كيف يكون مذاقها.
بينما هو بعالم أخر فتاة أحلامه بين يديه، وهو الشاب الذى لم يقترب من احداهن قبلا لتاتى هى برقتها وبراءتها تخطف قلبه وتهدم حصونه، ليتمادى دون وعى وهى لا تمانع لتاتى تلك اللحظة التى خرجت منها شهقة صغيرة متألمة جعلتها تفيق على حالها لتتسع عيناها بصدمة من وضعها لتضرب تلك الجملة بعقلها وقد اخبرتها بها عاليا سابقا
"كله بيتصلح وبيرجع زى الاول"
لتبتسم بظفر وتقرر الاستمتاع بتلك اللحظات التى شاهدتها وارقتها ليال طوال.
بعد وقت أعادت من وضع الغطاء على جسدها البارد مولية ظهرها له تبتسم بإنتشاء بينما على الجانب الأخر ينظر لها بندم وصوت أوشك على البكاء.
_ انا اسف يا زهرة انا اسف، مش عارف انا عملت كده ازاى، الشيطان كان اقوى منى، سامحينى استغلتيت طيبتك وبراءتك.
استمعت له ببلاهه، لتحرك فمها بالاتجاهين سخرية منه، ليس هذا ما يحدث،  بل يسقيها البطل كأس عشقه مرة تلو الأخرى متغزلا بها، لتعتدل فى جلستها تنظر أرضا تجاريه بحديثه.
" هو ده جزائى يا على، انى وثقت فيك وحبيت اكون جنبك فى حالتك دى، تعمل فيا كده تستغل حبى وثقتى وتضيعنى بالشكل ده"
_انا بحبك ومش هتخلى عنك وانا مستعد أصلح غلطى.
زهرة وهى تقف ترتدى ملابسها بسرعة بتهرب منه.
" ال حصل عمره ما هيتصلح يا خسارة يا خسارة يا على"
_ زهرة اسمعينى بس.
_ اسمع ايه أرجوك انا مش مستعدة  اسمع حاجه دلوقت خالص، انا ضعت ضعت
قالتها وفرت هاربة من أمامه حاول اللحاق بها لم يستطع من ألم ساقه كما لا يزال عاريا، ليجلس على الفراش ينظر لبقعة الد.ماء أمامه ليمسك الشرشف يضعه على وجهه يبكى بندم، ليصدح صوت أذان الظهر، يتنهد بحزن وهو يطوى الشرشف بعناية يضعه بعدها بالخزانة، متوجها إلى دورة المياة بصعوبه، يقف تحت المياة الباردة لعلها تخفف قليلا من نار الذنب التى تأكل قلبه.
بينما هى عقب خروجها من تلك البناية مررت بنظرها على الطريق قبل أن تخرج لتنتظر ثوان حتى مرور أحدهم من أمامها لتخرج مسرعة إلى منزلها.
تدلف من الباب وهى تدندن متجهه إلى غرفتها يوقفها صوت والدتها.
الام: غريبة يعنى راجعة بدرى انهاردة.
زهرة بسخرية:لا هو الغريبة سؤالك بصراحك ما كنا بطلنا الأسئلة دى.
الام: قصدك ايه
زهرة: ابدا ما تاخديش فى بالك، محاضرة وخلصت وجيت على طول ها ارجع تأنى لو وجودى هيزعجكم.
الام: لا بس وطئ صوتك علشان اخوكى بيذاكر وبلاش تغنى.
زهرة وهى تتجه لغرفتها: عُلم.
الام فى اثرها: فى حاجة متغيرة فيكى يا بت بطنى.
بينما تلك الزهرة عقب دخولها أخذت تدور حول نفسها بسعادة تجلس على الفراش وهى تضع يدها على فمها تتذكر طعم تلك القبلة، تتنهد بشوق وهى تتذكر ما حدث بعدها.
تتمتم بعدما أخذت ملابس نظيفة متجه إلى الحمام.
" ما كانش قادر ياجل تأنيب الضمير شوية"
فى ركن منزوى يجلس يقرأ بكتاب الله وعيناه تفيض بها الدموع وصوت شهقات متتالية هى كل ما يصدر عنه، يد ربطت على كتفه، رفع رأسه لصاحبها وهو يجلس إلى جوارها بصعوبة لكبر سنه وحالته الصحية ليعاونه على بسرعة.
_تعيش يا على يا بنى.
نظر ذلك الرجل ذو الوجه البشوش له، والآخر صامت لا يقوى على رفع عينه من على الأرض.
_ من الظهر وانت هنا كل ما ادخل اصلى ألاقيك واهو العشاء قرب وانت لسه قاعد، مالك يا بنى فى ايه؟
_ما فيش ياحج كامل اتوحشت الغالين بس، ولو على الشغل فأنا راجع من بكرة.
_مش عيب عليك كلامك ده يا على، على العموم انا عارف ال بيك.
رفع اعينه المتسعة المذكورة له برعب ليهز رأسه بالايجاب يحيد عنه بنظره لمسبحة يده يحرك حباتها بين يديه، انا وبصلى الظهر كنت واقف جنبك وخدت بالى من بكائك استنيت لما الناس تخرج واسالك،انت لوحدك قعدت فضفضت مع ربك على ذنبك وعرفت قد ايه كنت صيدة سهلة للشيطان، اضايقت منك واتصدمت فيك وخرجت من غير ولا كلمة، لكن لما رجعت وانا شايفك وانت على نفس الحالة قلبي حس انك حقيقى ندمان وزرعة ابوك لسه موجوده فعلشان كده هنصحك روح يا بنى لابوها واعترفله واطلبها منه وماتنامش الليل إلا وهى على ذمتك.
على بخزى: تفتكر بظروفى دى هيوافق.
الحج كامل: تفتكر يا بنى فى ظرفه دا قدامه حل تانى يالا بينا وانا جاى معاك مش هسيبك لوحدك.
يمسك على بيده حتى يقبلها، يسحبها الآخر بسرعة.
حج كامل: عيب عليك يابنى انتى زيك زى شريف ابنى الله يرحمه يالا بينا يا بنى يالا وبالمرة نادى على عمك محسن المأذون هو جوه يجئ معانا ما فيش وقت ده عرض وشرف والله اعلم حال البنت المسكينه دى ايه دلوقت.

نوفيلا زهرة فى مهب الريح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن