قَمر الزمان

161 9 3
                                    

ارتجل من سيارته وملامح الجمود تعتلي وجهه ، نظر نحو البيت لثوانِ قليلة دون ان ترمش سوداويه.

مرّ في رأسه شريط ذكريات ، زفر أنفاسه ومسح على وجهه بخشونة.

أخفضَ رأسه وأحكم تثبيت كاتم الصوت حول فوهة مُسدسه ثم أخفاه خلف ظهره بخِفة وتقدم بخطوات ثابتة الى المدخل الرئيسي .

إقترب من البوابة الرئيسية وتحدث إلى أحدِ الحراس بنبرة جهمة.

- أخبروا قمر بمجيئي

هزّ الحارس رأسه للأمام بقبول وسار إلى الداخل.

...

رمشت بهدوء وهي تنظر إلى جان النائم على السرير الطبي، قاطع شرودها صوت رجولي من خلفها.

- انستي ، رام عزالدين في الخارج

تحدث احد الرجال بتوتر

انقبض قلبها وامتقع وجهها باللون الاصفر، ابتلعت ريقها وتحدثت بتلعثم دون أن تلتفت إليه

- لا تدَعوه ... لا يدخل الى هُنا !
صاحت بالحارس بذعر ليهز رأسه مُطيعا

- انا اتية

همست بصوت يكاد لا يُسمع

أومأ الرجل بقلة حيلة وخرج مسرعا

حاوطت جسدها بيديها وهمست بصوت مرتجف

- إهدأي ارجوكِ ، لن يعرف اذا لم تبوحي له بشيء

مسحت على ذراعيها محاولة تهدئة إرتجاف جسدها

خرجت بعد قليل بخطوات غير ثابتة لتلاقيه عند المدخل الخارجي للفيلا

- ماذا تفعل هنا ؟

سألت بريبة

- أهكذا تستقبلين ضيوفك ؟

همس رام بتلاعب

نظفت حلقها وسألت ثانية بصوت مهزوز

- جديا، لما أتيت ؟

- ليس لأجلك

توسعت عينيها ودق قلبها بخوف ، همست بصوت خافت متلعثم

- لأجل..ل من ؟

- ماذا تحيكين من جديد ؟
سأل بقليل من الإهتمام بعدما انتبه إلى ارتجاف شفتيها

- أنا ؟ لا شيء بالطبع لا أخفي شيئا هنا
اجابت بتلعثم

- هذا واضح ، وكأنني سألتك منذ قليل ماذا تحيكين وليس ماذا تخفين

رمشت بجمود وسط نظراته المتفحصة ثم همست

- أنا ... إرتبكت من وجودك هنا

هز رأسه موافقا لتكمل

- في بيتي ... أول مرّة أراك هُنا

- جئت للزيارة
- في الحقيقة كنت على وشك الخروج
- لم أقل أنني جئت لزيارتك أنتِ

توسّعت عينيها وسألت ببعض الشكّ
- ماذا تقصد ، هذا البيت لي

- أعرف كُل شيء

- ماذا تعرف ؟

تجاهل سؤالها وسار إلى الداخل أدارت جسدها ولحقته بخطوات متسارعة

- إلى أين أنت ذاهب توقف رام رام

لم يتوقف إلا عندما أمسكت بذراعه بكلتا يديها

- توقف
همست وهي تتنفس بسرعة

وقفت قبالته ونظرت إليهِ بغضب
- لم أسمح لكَ بالدخول
- ستخبريني أو أعرف بنفسي ؟
- لا أفهم عمّا تتحدث
- من تُخفين في الداخل؟
- لا أحد.
- أثبتي لي إذا
أنهى جملته وسار بضع خطوات إلى الداخل مبتعدا عنها
- رام أرجوك توقففف
صاحت به بصوت مهزوز

- هل هو ذاك الصبي البغيض؟
سأل بعدم إهتمام وهو يدير رأسه يمينا ويسارا بحثا عن أي غرفة.
عقدت حاجبيها بعدم فهم وعاودت السؤال
- هل تقصد ريان؟
- ذاك الشقيّ ، لم يكن يبتعد عنكِ مترا أين هو؟
سأل بتهكّم
إبتلعت ريقها وقالت بصوت هادئ
- لنكمل حديثنا في الخارج
- جان حيّ
- ....
- إذا فأنا لستُ مخطئ
- ....
- لماذا أخفيتِ عني ؟

خرجت عن صمتها لتردّ بنبرة مُعاتبة
- كيف كنت سأثق بك
- لا تثقين بي اذا؟
- ....
قطّب حاجبيه وتحدث بنبرة قريبة إلى الصراخ
- أخاكِ الذين يدّعون أن دماءه في يديّ هاته حي يرزق وأنتِ تخفين عني ، كيف سأثق أنا بكِ اذا هاه؟

إبتلعت ريقها وتحدثت بصوت متّزن
- إذا كنت سأدفع ثمنًا لقاء الحفاظ على حياته فأنا مُستعدة
رفع حاجبيه للأعلى بتفاجئ وشعر بوخزة في صدره
- هل تعتقدين أنني حقا سوف أوذيكِ؟
- أنت تفعل كُل شيء
ألم تختطفني وتقيّدني في قبوكِ ذاك لأيام وليالي
- كفى !!! إعرفي كلامك ثم تحدثي
- ما بهِ كلامي ... ألم يُعجبك سماع ماضيك من شفتاي؟

أدار وجهه للجانب وتحدث بصوت هادئ
- ظننت أنكِ تعلمين مقدار حبي الذي دفعني لإحتجازك أنا
- بل أنا لاحظت الكاتم على فوّهة مُسدسك
قاطعته بصوت يتصنع الثبات
زفر بإرتياح وهزّ رأسه بقبول
- فهمت مصدر خوفك حبيبتي لكن لا داعي
هزّ رأسه يمينا وشمالا نافيا وهو يخرج مسدسه ويفكّ الكاتم
- والله لن ألمسكِ ... لن أفعل لروحي السوء

- ولأخي ؟
سألت بإهتمام بصوت مهزوز

عقد حاجبيه بخفة وقد لاحظ قلقها
- لا أعدكِ
- لأجلي ؟
همست برجاء
- بشرط
- ما هو؟
- أن تعودي إليّ

رمشت أمام وجهه ثم همست بقلة حيلة
- أنت تعلم ، لقد حاولنا لم ينفع
- هذا شرطي
رفعت حاجبيها بخفة وتراجعت خُطوة إلى الوراء
- لا لا لا ...لا تهربي مني يا عمري
همس بأنفاس متثاقلة وهو يحيطها بذراعيه ويقربها إليه ثم يحتضنها
- إن البعد عنك يقتلني
تجمعت الدموع في عينيها ، أكمل وهو يحتضنها.
- إرحمي هذا القلب
- أنت إرحمني
إبتعد عنها بعدما أنهت جملتها الأخيرة، مسح بإبهامه دمعة كانت قد تسللت على خدها الأيسر.
- ما سببُ هذه الدموع؟
- لا أريد العودة إلى هناك
- هل هي دموع العين أم القلب؟
لم تجب على سؤاله وظلت تناظر الأرض بإنكسار
دنا وطبع قبلة دافئة على شفتيها
- ليلة
عقدت حاجبيها بخفة ورفعت عسليتيها لتنظر إلى سوداويه بتردد.
- ماذا ؟
سألت بهمس
- إقضِ ليلة معي

قَمريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن