بعد عده ساعات ..
كان عساف واضعاً كوب من القهوة الخاليه من السكر امامه .. ينظر الى دخان سيجاره بأسف مصطنع و هو يتكلم مع مساعده : لا اله الا الله .. شباب زى الورد بيروح .. تفتكر نعمل العزاء فين .. عايزين عزاء يليق بقريبه رجل أعمال محترم زي .. و نشوف لينا معهد كده ندخل فيه الصغنونه و خلاص كده .. اكيد مش هسرف القرشين على علامها يعنى .. اه و ابقى فكرني نصلح البوابه الى مكسوره الى كنت بتدخل منها .. مش هدفعك حق التصليح بتاعها .. لأجل غبائهم بس ..
صدرت ضحكه من المساعد الخاص به قائلاً : مش عارف أقولك ايه يا باشا و الله .. بس حوار الدراع ده جامد بصراحه .. بس انا مش فاهم بردوا ليه عملت كده .. كان ممكن اكمل الحاجات الى بعملها فى البيت و خلاص ..
- انت شوفتها خافت صح .. بس مترعبتش .. انا بس كنت بهيئ عقلها أنه يبقى مرعوب و عنده استعداد لتوقع الاسوء .. فلما خدت دواء .. الهلاوس الى تجيلها تجرها للموت مش تبقى فاقده السيطره بس .. بردوا انا معرفش اخر خيالها ايه .. كان لازم نساعد البنت ..
اكمل ببراءه : انا كنت بس بساعدها .. بديها افكار يعنى ..
كان يضحك و هو يرتشف قهوته ليصفع الباب فجأه داخل منه ملاذ بعنف و كان هناك ضماضه على راسها و بعد الخدوش فى وجهها قائله : مش خايف عفريتي ينططك و انت قاعد كده بعد ما موت ..
وقف ينظر لها بصدمه و قد بهتت نظرته ..
قبل قليلاً من الوقت ..
كان الحارس ساقطاً ارضاً أمام بركة الدماء المنسابه من راس ملاذ الساقطه على كومه العشب المتجمعه أسفل الشرفة ..
فقد أعتاد الحارس جمعها فى ذلك المكان حتى يكون كلاً من شرف الفتيات و البوابه تحت ناظريه اعتاد فعل ذلك .. ظناً منه انه بذلك لا يكون مقصراً اياً من اعماله .. خففت كومه العشب من الاصطدام فلم يصب جسدها بأذي ولكن جرح رأسها كان كبير نوعاً ما وضع قطعه قماش محاولاً ايقاف النزيف و من ثم اسرع بلأتصال بكل من عمران و الأسعاف ..
وصل عمران سريعاً الى القصر بعد أن اجري اتصالاً بعنان يخبرها أن لديه موعد مهم هو و ملاذ .. فلتذهب الى منزل والدته بعد انتهائها من الحصص المخصصه لها ..
قام طبيب الطوارئ بأجراء الاشعه لها و تضميد جراحها .. لم تصب بأي اصابات بالغه سوى الجروح و قد تمكنت بعد وقت قليل من الخروج من المشفي .. وقف عمران امامها بعد أن أفاقت قائلاً : دلوقتى ايه ؟
وضعت يديها تتحسس مكان الجرح : هقولك بس عايزاك فى مشوار قبلها .
بالعوده الى مكتب عساف :-
تكلم عساف بعد ان خطف نظره الى مساعده الذي بهت منذ دخول ملاذ .. فان نجي عساف من ملاذ و هو امر طبيعي فمن ينقذه هو من يده بعد ان افشل مخططاته ..
اقتربت من مكتبه و هي تلقي بعض الاوراق امامه .. القى نظره على الاوراق و عاد ببصره اليها و لم يحرك ساكناً .. قالت له : مش حابب تبص على الورق .. ده ورق يهمك على فكره ..
- ايه الورق الى يهمنى بقى ..
- ده ورق تنازل ..
اخذ الاوراق سريعاً و هو يكمل مستعجباً مدارياً حماسه : تنازل ..
- اه .. للدوله ..
- دوله ؟
- اه .. اتنازلت عن القصر للدوله و قدمنا طلب ناخد شقه صغننه كده على قدنا و واقفوا .. و دي نسخه من الورق يمكن ينفعك ... هنعمله متحف عقبال عندك ابقى تعالى زورنا بقى مش هندفعك تذكره ده احنا اهل ..
نظرت له بشماته .. كان مبهوتاً مما اوصلها تفكيرها اليه .. استدارت بقوة مسطنعه تداري ارتجافه جسدها ..
لا تدري كيف وصلت الى السياره التى كان عمران فى انتظارها بها ..
ركبت جواره و هي تتنهد ليتكلم هو بابتسامه : خلصنا ..
- الحمد لله .. انا كنت مرعوبه .. لو كنت وقفت قدامه ثانيه كمان كان دفنى تحت المكتب عادي ..
- وحياتك عندي لو كنتى استنيتى فى القصر ثانية كمان مش بعيد كان عملها .. كويس انك طاوعتينى من فتره و مشينا فى الاجراءات .. يادوب كان فاضل توثيق الورق ..
- طب ايه ..
- ايه ..
- مش هنتجوز بقى ..
- اطلع يا عمران اطلع .. ده انا كنت هروح فيها من كام ساعه ..
- ما احنا هنبدء سوا صفحه جديده اهو ..
- انت عايز ايه ..
- عايز نتجوز ..
- طب يلا بينا امى و اختك اصلا هناك معاهم الشهود و الماذون ..
صدرت ضحكات خافته منها .. فمنذ دخلت ذلك القصر لم تضحك بذلك الصفاء .. و لكنها فى الواقع لم تكن لعنه الارث و لا دخل للقصر بالامر .. كانت لعنه و افه النفس البشريه و هي الحقد و الطمع .. فمن كان مفترض ان يكون سند فى تلك الحياه .. كان هو من سيودي بها الى القبر بدم بارد ..
يسوقنا الله الى اقدارنا .. يسوقنا دائما الى الحمد .. فربما فى ظروف أخري او حاله غير التي مرت بها ملاذ كانت ستتمنى تلك الاموال او العيشه الرغده لاجل ان تخف من الثقل على كاهليها او توفر الى اختها عيشه هنيه .. و لكن الان بعد ما راته حقاً كل ما تتمناه هو راحه البال .. ان تغمض عينيك على وسادتك امناً لهو ارث لا يفقه من يسعى خلف مطامعه فقط ..
القت نظره على عمران تبتسم فى هدوء .. و من ثم اغمضت عيناها تريح راسها قليلاً من ذلك الالم .. تحمد الله على عوده حياتها الى سابق عهدها ..
النهاية ..