الفَصل الثَّامِن والعِشرُون

680 52 83
                                    

╭──────༺28༻──────╮

رَجُلٌ فَظّ.

تَجَاوَزَت الشَّمسُ مَرَاحِلَ الظُّهر، شتَاءُ هذَا العَامِ إختَلفَ عن سَابقِيه.. ورُبَّمَا عَن القَادِمِينَ بَعدَه، إنقضَى شَهرَانِ بالفِعلُ ومُعظَمُ أيَّامِه قَد خَضعَت لدِفئٍ مَا إنتَشَر، حتَّى أسفَلَ تِلكَ الغُيُومِ المُتلَبِّدَة.. كَانَت العَواصِفُ تَتَراجَعُ عَن الزِّيارَة. خَلفَ ذلكَ الشُّباكِ الكَبيرُ كَانَ الجَوُّ صَحوًا جمِيلاً، عِندَمَا طَلَبَت لاَريسَا منَ الأمِيرِ أمرًا غَريبًا لَم يَتحَكَّم بمَا يكفِي فِي نَفسِه وأبدَى تَعبِيرًا مُتفَاجِئًا، ثمَّ مُستَغربًا مُترفِّعًا :" تُرِيدِينَ قضَاءَ يَومٍ مَعِي.. " كَانَ حَاجِبُهُ مُرتَفعًا وشَفتُهُ تَرسُم إبتِسامَةٍ صَغيرَةً لَم تَرُق لهَا أبدًا.. رُؤيَتهُ غَيرَ مُتحمِّسٍ للفِكرَةِ ثَبَّطَ عَزِيمَتهَا للَحظَةٍ وأصبَحَت أكثَرَ إرتِباكًا، لقَد أمضَت الصَّبَاحَ فِي التَّحدُّثِ إلَى المِرآةِ والتَّدَرُّبِ علَى مَا ستَقُولُه، علَى الرَّغمِ مِن أنَّ شقِيقَتهَا هِيتش إستَمَرَّت فِي نَعتِهَا بالجُنُونِ ومُحاوَلةِ مَنعِهَا عَن الإقدَامِ علَى خُطوَةٍ كَهذِه.

-" دَعِينِي وشَأنِي، أخبَرنِي أخِي أنَّ الرِّجَالَ يُحبُّونَ الفَتاةَ الجَرِيئَة، سأذهَبُ إلَيهِ بنَفسِي.. رُبَّمَا هُوَ يَشعُرُ بالخَجلِ مِنَ المُبادَرَة، مَن يَعلَم.." وَضَعَت يدَهَا علَى قَلبهَا وتَنفَّسَت بعُمقٍ أمامَ إنعِكَاسَهَا، وظَهرَت هِيتش خَلفَهَا ساخِرَة :" يَشعُرُ بالخَجَل؟ ذلكَ المُتغَطرِس؟ لاَبدَّ أنَّكِ فقَدتِ عَقلَكِ لاَريسَا." ثمَّ تنَهَّدَت وإنتَقَلت عَينَاهَا الضَّجِرتَانِ إلَى المَكَانِ مُختَلفٍ عاقِدَةً ذرَاعَيهَا العَارِيَّتَين. " إذًا هِي فِكرَةُ نَاثَانِيل، كَانَ يَجبُ أن أعرِف.. ذلكَ الأخُ الأحمَقُ لاَ يُبالِي بأيِّ شَيء."

-" إنَّهُ يبَالِي بِي، ويُحاوِلُ مُساعدَتِي علَى التَّقرُّبِ مِنَ الأمِير، علَى عَكسِكِ تمَامًا." كَانَت تتَحدَّثُ هكَذَا علَى الدَّوَام، بثقَةٍ خَالصَةٍ فِي نَظرَتهَا للآخَرينَ وحُكمِهَا، ولكنَّ هِيتش أصبَحَت مُعتادَةً علَى ذلِك.. ومَا عادَ أمرُ إقنَاعِ شَقيقَتهَا الغَبيَّةِ بصِدقِ نَوايَا أحدَ الأولَويَّات، رغمَ ذلِكَ وَاصلَت التَّحدُّثَ لهَا بإسمِ الوَاقِعِ والصَّواب.

-" لاَرِيسَا، أنتِ إبنَةُ الدُّوقِ آرثَر بنَفسِه، وَالنَّبيلَةُ ستِيفَانِي.. هَل تَعتَقدِينَ أنَّ التَّصرُّفَ بهذَا الشَّكلِ المُسيءِ يُلاَئمُكِ ومَكَانَتَكِ فِي المُجتَمَع؟ لاَ أعلَمُ مَا نَوعُ الحِيلِ الَّتي يَستَعمِلهَا نَاثانِيل لإقنَاعِكِ بهذَا الجُنُون، ولكِنَّكِ مُلزَمَةٌ بالنَّظَرِ إلَى قِيمَتكِ قَبلَ مَشاعِرِ حُبِّك، مِنَ المُفتَرضِ أن يَأتِيكِ هُوَ لاَ أنتِ."

Majestic Eclipseحيث تعيش القصص. اكتشف الآن