تَكملَة الفَصل السَّابِق

774 52 49
                                    

صفقةٌ خَاسرَة، الجزء الثَّالث.
حُفرةٌ فِي الجِدَار.

-" لَم يتَطلَّب الٱمرُ الكَثِير، لقَد ضَخَّمتُمُوه.. أنت.. إدريَان، إيرِين.. الأمِيرَة." بَينَمَا يَملأُ كَأسَهُ بالنَّبيذِ الأحمَرِ كَانَ باترِيك يُحاوِلُ جَعلَ إدوَارد يَقُولُ شَيئًا، وكَانَ الأخيرُ جَالِسًا خَلفَ مَكتَبهِ صَامِتًا مُنذُ اللَّحظَةِ الَّتِي جَاءَ فِي الغُرفَة، تَعلُوه نَظرَةٌ غاضِبةٌ وحادَّة. أخذَ باترِيك كَأسًا آخرَ بَعدَ أن إستَرقَ نَظرَةً سَريعَةً إلَى أخِيهِ ولمَحَ أنَّ الهدُوءَ بَدَأ يَسلُكُ طَريقَهُ إلَيه، فأضَافَ بينَمَا يسكُبُ مَا تَبقَّى فِي القَارُورَةِ مِن أجلِه :
-" الخدَمُ رَأو كُلَّ شَيء، مَاذَا ستَفعَل بشَأنِهِم؟"

أجابَهُ إدوَارد :" جَعلتُ دَانيَال يَهتَمُ بأمرِهِم، إنَّهُ بارِعٌ فِي قَطعِ الألسُن."

ضَحِكَ باترِيك ضحكَةً قصِيرَة، وقَرَّبَ الكَأسَ مِنهُ قَائلًا :" لَستُ مُتأكِّدًا إن كَانَ ذلِكَ سيَنفعُ مَعَ الخَدَم، لَم يَنجَح أحدٌ فِي قَمعِ إشاعَةٍ تنَاقَلتهَا الأفوَاهُ الرَّخِيصَة."

-" أخبَرتُكَ بأنَّ هذَا مَا يُجِيدُ فِعلَه، يُمكِنُكَ النَّومُ بسَلاَم، هذَا مَا تَسعَى إلَيهِ علَى الدَّوام، السَّلاَم." ردَّ إدوَارد ببَعضِ الحِدَّة والإستِخفَاف، ثمَّ علَى مَضضٍ أخذَ الكَأس، لَم تَكُن لدَيهِ نِيةٌ فِي الثَّمَالَةِ اللَّيلَة، ولكِنَّ كَأسًا وَاحِدًا لَن يَضُرّ، قالَ لنَفسِهِ وٱولَى قَطرَاتِ النَّبيذِ الحَامِضَةِ تُبلِّلُ حَلقَه. جَلسَ بَاترِيك وَشارَكهُ الشَّرابَ بلاَ نَخب، فقَط بصَمتٍ وكِلاَهُمَا يُفكَّر بخُصوصِ مَا حدَث، ثمَّ سألَ إدوَارد  :" هَل تُصدِّقُ مَا قالَتهُ الأمِيرَة؟ "

-" أظُنُّ ذلِك، إنَّهَا فتَاةٌ مُنعَزِلَة ومِنَ الطَّبيعِيِّ أن تَملِكَ نَوعًا منَ التَّعلقِ تِجَاهَ خَادمَتهَا الخَاصَة، كَانَت مَعهَا مُنذُ جَاءَت القَصر." أجابَهُ ثمَّ فكَّر مُتسَائلًا :" عَشرُ سنَوَات؟ ثَمَانِيَة؟ الوَقتُ يَمضِي بِسُرعَة."

أطلقَ الآخرُ زفرَةً طَويلَةً طَرَدَ بهَا شَيئًا مِن غَمامَاتِ الضِّيقِ خَارجًا وقال :" ثمَانِيَة، قَضَت مِيكَاسَا عامَينِ فِي قَصرِ الشَّمَال."

-" حَسنًا أيًا كَان، مَا قالَتهُ عَنهَا وعَن خَادمَتِهَا، يبدُو الأمرُ مَنطِقيًا حقًا."

-" لَيسَ بالنِّسبَةِ لِي، أعرِفُ خَادمَتهَا الشَّخصيَّةَ بمَا يَكفِي لأنفِي القِصَّة، تِلكَ المَرأةُ لَن تَحمِلَ أبدًا."

-" كَيفَ تَعرِف؟ "

-" إنَّهَا وَفيَّة، لَن تَضعَ أميرَتهَا علَى المِحَك كمَا حدَثَ قَبلَ قَليل، هَذَا مَا أعرِفُه." إجتَرعَ كَثيرًا هذِهِ المَرَّة، ثمَّ وضَعَ الكَأسَ علَى المَكتَبِ وضَمَّ عَينـيهِ بحَرَارَة، بدَأت الإحتمَالاَتُ تُشَتِّتُهُ مِن جَدِيد.. لَم يَكُن عَلَيهِ إنهَاءُ الأمرِ حِينَهَا، كُلُّ هذَا التَّعبِ خلاَلَ الشَّهرِ الأخِيرِ أرهَقَ دِمَاغَهُ كَثيرًا، وأصبَحَ التَّفكِيرُ بصُورَةٍ واضِحةٍ يُشكِّلُ بَعضَ التَّحدِّي.. دَلكَ إدوَارد مَا بَينَ عَينَيهِ ثمَّ مَسَحَ علَى وَجهَهِ بيَدِه، كَانَ باترِيك يُراقِبهُ وَيتَرقَّبُ مَا سيَقُولُهُ تالِيًا، فهذَا الهُدُوءُ مِنهً لَيسَ بمُتوقَّع.

Majestic Eclipseحيث تعيش القصص. اكتشف الآن