ياسر

22 5 0
                                    

الأيام باتت شديدة التشابه، وكأنني أدور بدائرة مفرغة لا نجاة فيها... بعد أن عاهدت نفسي بأن لا يطرق الحب أبواب قلبي مجددا ف بت أصادق من الجنس الاخر الكثير، تلك زميلتي وهذه صديقتي وغيرهم ممن استفدت بمساعدتهم لي في محاضرات الجميع... أجل باتت أيامي تتشابه، أو أنني ظننتها كذلك فما انقضت إلا أيام حتى هاجمت فتاة ما وقتي الممل و المكرر ف أصبحت أنتظر اليوم التالي بكل شغف، أريد أن أستمر في قصفها بل و حتى مجرد الحديث معها يشفي ما بداخلي من انطفاء، لكنني لن اعتبرها حبيبة بل ستكون صديقة تنير بوجودها دربي ولو حتى لبعض الوقت، أخرجني صوتها الصارخ من أمواج أفكاري تطالبني بترك يديها قائلة و قد عانقت تضاريس وجهها تلك الملامح الطفولية التي لطالما راقت لي:

_أخبرتك أن تترك يدي يا صاحب الأرجل الطويلة.

"صاحب الأرجل الطويلة" بالنسبة لها تظن بأنها نالت مني، لكن لطالما تراقصت هذه الكلمات من فاهها هي بالذات فذلك يعد إطراء بالنسبة لي، أردفت وأنا أستفزها قصدا:

_سأتركك شرط أن تعتذري لي عن دوسك على حذائي الأبيض... يا أيتها الطويلة.

أتبعتها ضاحكا كيف أسميتها بالطويلة وهي لا تتعدى الشبر، دائما ما تصيح بأنها تعدت في طولها المتر وخمسين سنتمتر، لكنها بملامحها الطفولية لأقسمت بأصابعي العشر أنها لاتزال تجاهد لتصل المتر تلك القصيرة التي تمتلك لسانا بطول صور الصين العظيم.

_حسنا أعتذر... أعتذر قم بتركي الان.

كلي علم أنها لا تعتذر بصدق وأنها تخطط لشيء ما لكنني ورغم هذا تركتها فلقد أحسست بتألمها أثناء ضغطي الطويل لمعصمها، لتردف بعدها:

_أعتذر؟ ... في أحلامك أيها الفاشل.

لتختمها بضربي على قدمي فتفر هاربة بأقدامها القصيرة... أخشى أن تتخطى مشاعري نحوها الحدود، تلك القصيرة واللعنة أجدني أشتاق إليها... أرجو ألا تكون مشاعر حب، مجرد إعجاب سينتهي يوما ما...

----------

"مريم"

من يحسب نفسه ذلك الأحمق ليمسكني بذلك الشكل، لكنني... لكنني أحب إزعاجه المستمر لي، أشعر وكأن علاقتنا تزداد قربا مع مرور الوقت وهذا يروقني... "مريم" ما الذي تقولينه... ما تشعرين به مجرد إعجاب لا تفكري به كثيرا، هو ليس جميلا وكثير العلاقات مع الفتيات وهذا ما يزعجني، وبالرغم من هذا فهو يمتلك ابتسامة جميلة وصوت ساحرا أحببته للغاية... لا علم لي كيف أصبح الوضع هكذا وبات يروقني، لأنني وفي بداية الأمر شعرت بكره شديد نحوه ليس من لا شيء، إلا أنني لم أحبب تجمع الفتيات حوله، وأكثر ما أكرهه في الشاب هو كثرة العلاقات التي يفتخر بها مع الجنس الاخر... لدى دعيت ألا أراه مجددا وإذ به يشغل تفكيري بعدها من دون إدراك مني.

عندما وصلت للجامعة تم بعثي للفوج 6 ولم أعرف أي أحد هناك وما أكره لي ألا أدرس مع شخص قد مر بحياتي من قبل لكن ومن حسن حظ أنني صادفت زميلة لي في الثانوية تدرس نفس تخصصي لكن ليست من نفس الفوج الذي أنا فيه... لا أدري في الحقيقة إن كانت صدفة جميلة أم لا، لأنني قررت بعدها الانتقال إلى فوجها والدراسة معها... كان الفوج 8 هو الفوج الذي انتقلت له، كان مليئا بالوجوه لكنني رأيت وجها واحدا حينها علمت أن "ياسر" لم يكن كالحدث العارض، بل وجب و أن جعله الله شخصا في حياتي، ليست الجامعية فقط بل اليومية كذلك، لأنني أفسحت له المجال ليتراقص بين أفكاري و دائما ما أحدثه في مواقع التواصل... لكن بعيدا عنه رأيت بأن زميلتي وضعت ثقلها الخفيف على قلبي، كانت "خولة" هدية من الرحمان عز وجل، فلقد أصبحت أعز أصدقائي...

وها أنا ذا الان أتشاجر يوميا مع "ياسر"، من الجيد أنني هربت من بين يديه فلو بقيت هنيه واحدة لتم اكتشاف ما يخالجني من مشاعر نحوه، أريد أن أترك هذا الحب يكبر ويختفي دون علم أحد أي أحد بذلك حتى صديقتي العزيزة لم أتجرأ وأخبرها بذلك... أستمتع بوجهه المحبب إلى قلبي دون ملاحظة أحد... أنصت له بحب ليس لأهمية الموضوع الذي يخبرنا به بل لأنني أرغب في سماع صوته يرن على أذني دون توقف... أوقف حديثي مع نفسي ذلك الصوت الأنثوي الضاحك.

_هيا يا "مريم" توقفي عن المزاح ولنذهب لنأكل.

كانت تلك الجملة صادرة من "هبة" صديقة "ياسر" والتي أصبحت صديقتي أيضا فلقد لمست في الدقائق الأولى لنا روحا طيبة خفيفة... أجبتها وأنا أمضي بعيدا عنهم:

_الأكل هو خياري الأول ألا ترين أقدامي تتجه بتلقائية نحو المطعم.

_أجل... أجل ومن لا يعرف صاحبة الكرش.

_لماذا تستمرون بنعتي بصاحبة الكرش؟

_لأنك كذلك.

حمحمت متظاهرة بالغضب مكملة طريقي وأنا أعقد ذراعي بذراع "خولة"... حسنا أنا أناديها زوجتي ومن سأجد مثلها لأتخذها زوجا لي... هذا القليل من عقلي المجنون الذي لا أراه ك باقي عقول الفتيات... أنا مختلفة للغاية بطريقة لا يمكن ملاحظتها ولا استنتاجها.

كان الغذاء يسر القلب شاورما شهية تدغدغ بطني الكبير... معهم حق لقولهم عني بصاحبة الكرش لأنني وبالمختصر لا أزال جائعة، عندما أعود للمنزل سأكل ما تطبخه أمي صحنا أو صحنين من مأكولاتها الشهية.

نظرة خاطفة لألمح تلك الابتسامة التي لم تكن لي... كانت ل "هبة" يتبادلون فيها الحديث، شعرت ببعض من الحزن خاصة عندما نصعد إلى حافلة نقل الطلبة كانت الوحيدة من يطلب منها الجلوس معه... وأنا حينها يا إما أجلس وحيدة في إحدى المقاعد أو بجوار صديقتي "خولة"... كان ما يفعله سببا لعدم اطلاع أحد عن حبي الشديد نحوه لذا استمررت في كبح ما يخالجني وأناظره من بعيد، من خلف الستار أو ما أسميه أنا خلف الكواليس التي كنت أنا بطلتها... لكن في الواقع الذي أعيشه كنت أشعر بأن "ياسر" يحمل مشاعرا اتجاه "هبة" و هذا كان يزعجني للغاية لكن في نفس الوقت جعلي أستطيع أن أخفي غيرتي عليه... لطالما تمنيت أن يكونا سعيدين إذا كان حبهما متبادلا... و في الأخير لقد تعودت على أن أخفي الكثير، خاصة قلبي أخفيته بحرص بعيدا عن أعين الجميع.

عبدة العادات والتقاليد (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن