( ١٦ ) رحمه أم قسوة

20 2 1
                                    

فكانت تسير خلفه  زمّار الذي كان يرتدي  ثوب اسود ذو قلنسوة اطراف ثوبه نقشت بزخارف فضية اللون وقد سرحت استبرق في فكرها
وهي تحدث نفسها : ماذا سيفعل بي هذا الرجل
ما هي غايته  هل هي  مثل غاية كل رجال هذه المدينة
ام له غاية اخرى

فجاة توقف زمّار وقال  : لقد وصلنا

وكانا في قلب المدينة الصحراوية الواسعة التي تدعى بالمدينة العتيقة ، امام بيت مبنيٌّ من الحجارة والطين، ويعتبرُ هذا البيتُ اكبر بيوتِ هذي المدينة بيت الساحر زمّار

ففتح زمّار احد ابواب البيت الذي كان له ابواب عديدة وكان ذلك الباب من خشب ذا لون اسود فلما دخلا

قال لها زمّار : اتبعيني لأريكِ البيت الذي سيكون تحت مسؤوليتك

وكان البيتُ يتألفُ من عدةِ غرفٍ، وكانت الأرضيةُ مغطاةً بالرمالِ والحصى، وعلى الجدرانِ كانت تتدلى أسلحةٌ وأدواتٌ مختلفةٌ وعلى نفس ذلك الجدار هناك مجموعة من الادوات الموسيقية وكان هناك جدران معلق عليه رايات سوداء ذات رسوم لمخلوقات مخيفة . وكان البيتُ محاطًا بسورٍ مبنيٍّ من الحجارةِ الكبيرةِ، وكان هناك مرآبٌ  يقعُ قربَ البيتِ قد امتلى  بالأنعام  كالماعز والاغنام وكذلك الإبلِ
فلما انتهت جولتهما

قال لها زمّار : ستعملين عندي كخدمة مسؤليتك هي الطبخ وتنظيف البيت ويكون لك  اجر تحصلين عليه كل خمس عشر يومًا
خمس دراهم فضيه  تنفقينها ام تحفظينها فهي لك افعلي بها ما تشائين

فقالت استبرق التي تحمل ابنها بين ذراعيها: شكرا لك يا سيدي

وقال زمّار : ولكِ هذه الغرفة التي لها بابين باب لداخل البيت والباب الآخر يؤدي للخارج  هناك شيء آخر يجب عليك الالتزام به وهو بعد حلول وقت الغروب غير مسموح لكِ التواجد دخل البيت إلا بغرفتك ولا تفتحي باب الغرفة المؤدي لداخل البيت أبدًا حتى يحين وقت شروق الشمس هذا امر صارم لا استثناء فيه

فقالت أستبرق يا سيدي لن أفعل اي شيء قد يقضبك

فقال زمّار : والآن أذهبي لدارك وارتاحي وفي كل شروق شمس يأتي لك شخص من اتباعي ويطرق عليك الباب الخارجي لغرفتك ويعطيك ما تعدينه لنا ونعم كدت أن انسى  هنا نحن نتناول وجبتين فقط وهما الافطار والغداء

فقالت استبرق : كما تأمر يا سيدي ثم استاذنت من السيد زمّار لتذهب لغرفتها

فقال زمّار اذهبي

فذهبت استبرق لغرفتها مباشرةٍ ولما اغلقت الباب الغرفه سقطت مستنده بظهرها عليه وقد اجهشت بالبكاء فنهمرت  الدموع التئ امتلئت حقد وكره لهذه الحياة التعيسة التي وصلت إليها والمجهول الذي ينتظرها قد ارعب قلبها

وقالت : لا يجب على طفلي أن يعاني كما عنيت انا ويعيش في ذل لا ذنب لهُ فيه

فوضعت طفلها الرضيع على الارض وكشفت الغطاء عن وجه وظهرت العينين ثُنائيّة اللَّون والبشرة الصهباء فأطبقت يديها على رغبة ابنها

وقالت : حَيَّةٌ بَرْصاءُ وابن زنا كيف لكي أن تعيش سامحني يا مضر  يجب علي أن ارحمك لتنعم بسكينة الموت وكانت الدموع تنهمر من عينين استبرق وتسقط على وجه مضر وبدأت تزيد قبضتها أحكامًا وشده ومضر لم يصدر منه اي فعل لا بكاء ولا حركة

ولكن اصبحت بشرته مزرقة بسبب الاختناق
وبصورة فجائية قد احست استبرق بشىء مرعب  متواجد بالقرب منها وتولد عندها شعور لم تجربه من قبل هل هو خوف أم اشمئزاز او شئٍ اخر ولكن هذا الشعور هو الذي جعلها تترك رقبة مضر الطفل الذي لما رفعت يدها عن عنقه كان يرمقها بنظرات حادة تصرخ بكلمات لا صوت لها

فتركته استبرق على الارض هربرت الى إحدى زوايا الغرفة وجلست وهي تقول لنفسها : ما كنت انا فاعله هل جننت كيف لي ان اقتل طفل كيف سولت لي نفسي ان اقتل ابني هل لي الحق بعد الذي فعلته ان أسميه ابني وعادت للبكاء بدموع كالجمر من شدت حرارتها تكاد ان تترك اثر على وجنتيها واستمرت بالبكاء حتى حل الصباح

فسمعت صوت ضربات مصدرها باب الغرفه المؤدي لخارج البيت فلما فتحت الباب وجدت رجل يرتدي  ثوب اسود ذو قلنسوة ويحمل بيده شوال ثقيل قد أمتلئ على آخرة بالمؤن ولما رآها ترك الشول امام الباب وانصرف دون قول اي كلمه سواءً ترحيبية او تعليمه فحملت استبرق بصعوبة هذا الشوال الثقيل

وقالت : اكيد هذا هو الرجل الذي حدثني عنه السيد زمّار واخذت هذا الشوال الثقيل متجها للمطبخ  لتعد الفطور تاركة مضر لوحده في الغرفة مرمي على الارض منذوا حاولت قتله لم تقترب منه قط وكان تصرفها هذا نابع من نكران للواقع وهروب من ندمها ومحاسبة ضميرها
♾️♾️♾️♾️♾️♾️♾️♾️♾️♾️♾️♾️♾️♾️♾️♾️♾️♾️
اشكر كل من صوت او كتب تعليقًا لا تعلمون كم يسعدني تفاعلكم  🌹
() خالد السعدون ()

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 04, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أقسم بالولاء لمضرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن