« الفَصْلُ الأوَّلْ »

570 46 194
                                    

كل طفلٍ في هذه الدنيا ، كل طفل بلا إستثناء ، يحب أن تكون عائلته متحابه متفاهمه ، تحتويه داخلها و تجفف الدمع حين يسقط و تُزيد الفرح حين يأتي...

لكن ليس كل الأطفال يحصلون على ما يريدونه ، هذه هي الحياة على أي حال...

فهناك و في أحد المنازل ذات الطابع الفخم الجميل ، مجرد النظر لها يوحي بغنى تلك العائلة القابعة في الداخل ، و في غرفة المعيشه من ذلك المنزل و بينما صاحب المنزل يجلس بهياج على الأريكه يُتابع مباراة كرة القدم ، و من وسط هياجه صاح على زوجته قائلًا بصوتٍ كان لا ينفك عن إرعابها : « يا إمرأه!! »

فجائت هي مهروله إلى حيث يقبع و قالت بصوتٍ مرتجف حاول أن يكون طبيعًا و فشل : « هل تريد شيءً؟ »

فراح يجيبها بعدم مبالاة لها و كان قد صب تركيزة على المباراة : «أحضري لي بعض النبيذ... »

فراحت هي لتهرول للمطبخ و تحضر له كوب النبيذ الخاص به ، وقفت على أطراف أصابعها لإحضار النبيذ من الرف الأعلى و لكنها عن طريق الخطأ سقطت و أسقطت النبيذ عليها ، صرخت و ياليتها لم تفعل....

فراحت تحاول تخبئة زجاج النبيذ المكسور و دواخله القرمزيه قبل أن يأتي ، بدأت خطواته تتوالى الواحده بعد الأخرى و ليأتي في النهاية ، هي لم تنتهي لينظر لها بإحتقار شديد كانت ترتعش من شدادته : « أتعلمين كم كلفني هذا النبيذ كي أحضره يا حُثاله؟! »

و قبل أن تجيبه هي بكلمه راح يسحبها من شعرها البُنِّي الطويل و يشدها لغرفة المعيشه حيث كان يُهلك بعض السجائر ، كانت هناك أحد عشر سيجارة على الطاوله ، لكن كانت الثانية عشر ما زالت مشتغله... أتوقع أن الجميع يدري ما سيحل بتلك المرأة الأن...

أمسك تلك السجارة المشتعلة و راح يطفئها في باطن كف يدها بينما هي تصرخ لينهرها قائلًا : «توقفي عن الصراخ ، امثالك لا يستحقون حتى طلب المساعدة»...

كان ينظر من بعيد ، ينظر لوالدته و هي تصرخ ، تطلب المساعدة ، تُضرب و تنزف ، غير قادر على المساعدة ، فقط يبكي و يبكي دون انقطاع...

قاطع بكائه صوت ذلك الرجل و هو يتحدث للسيده التي يدهس على جانب وجهها بقدمه الحافيه التي تمنى لو كانت بحذاء ليترك على وجهها طبعته :« أين هو ذلك الشيء ؟» فراحت تقول بين أنفاسها التي أُخذت بعد عراكٍ قد دار مع الهواء ليُنقص من نفسه و يعطي لها القليل : «في غرفته ، اتوقع- »...

لم تكمل كلماتها بسبب كسر ذراعها ، نعم يا ساده لقد كسر ذراعها بقدمه الحافيه ، تلك القدم المقززه الخاصه بإنسانٍ كان هو مقزز أكثر من قدمه كسرت اليد الخاصه بتلك السيدة المسكينه ، تصرخ تارة و تبكي تارةً أخرى ، لاحظ الرجل المقرف ذلك الطفل الذي ينظر لهم من أعلى الدرج فراح يسير ناحيته بينما يقول الكثير من الكلمات التي لا يحق لأب قولها لأبنه...

" المَاضِي "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن