« الفَصْلُ الخَامِسْ »

175 35 90
                                    

في هذه العوالم الواقعية... لا وجود لتلك المفاهيم السطحية ، بطل ؟شرير؟ ما هذا الهراء بحق الجحيم؟... الطبيعة البشرية و العقل البشري متقلبين فهكذا ترى الإنسان حين يراك يساعدك و هو من خلف ظهرك يضمر لك الشر أكثر من عدوك... ليس بالجديد على أي حال... و لن يكون جديدًا إلا على من تسلطت رؤيته فقط على المنظور الإيجابي....

المنظور الإيجابي ليس بشيء في الواقع لكن الإكثار منه مجرد سُخف عقيم و غير نافع بكل المقادير... كما لو كنت تريد للطفل النظر للحياة بواقعية و منطقية تامه و هو مازال في سنواته الأولى من الحياة... أنت لا تنميه... بل فقط تطعمه الكثير و تسرف في اطعامه و تقول أنك ربيته لتأتي في أحد الأيام و تلومه على ما صار عليه... أنها غلطتك منذ البداية يا عزيزي...؟

فكرت ذات الفستان البنفسجي الغامق في كل هذا بينما تنظر للقابع أمامها ، كانت البقعة الزرقاء المائلة للبنفسجي تتمركز على قفاه و كانت هي المسؤولة عن أعلام الأخرى في حين أستيقظ أو لا... لا تعلم حتى لما ضُرِبَ بهذا الشكل مع أنهم يعلمون أن جراء هذه الضربة يمكنه أن يفارق الحياة... كيف له أن يفرط في ما طَمَعَ فيه السيد الأكبر...

فُتِحَتْ بندقيتاه المُحْمَرَاتَانْ لتقابل بنفسجيتيها المُزَرَاقَتَانْ و راح يردف قائلًا : « أكيكو؟ ماذا حدث؟ » فراحت هي تتحدث بخفوت كي لا تسمعها الأخرى و التي لابد أنها خلف الباب تلتمس أي صوت أو حركه لتدخل و تحضر الأخر : « أخفض صوتك ، إن سمعتك ستأخذك إليه...يريد منك التبرع بدمك لأحدهم و لا أدري عن باقي التفاصيل ، لكن لا تقلق التبرع بالدم ليس مؤلم إن ضغطت مباشرة بطريقة خفيفة على مكان دخول الإبرة و وضعت عليها قطنه صغيرة لبضع ساعات أو حتى تتيقن من توقف النزيف »... نظر لها بحيرة لكنه أومئ بعد هذا و نظر لها بتقدير ، كانت من وجهة نظرة فتاة ناضجة تستحق التقدير...

فُتِحَ الباب و ما أطل عليهم سوى وجهها الابيض ذا لون الثلج و عينيها الزرقاوتين الماسيتين : « رينتارو يريدك ، أكيكو-تشان ، يريدكِ أيضًا » وقفت من خلف بينما تنفض الغبار الغير مرئي من على فستانها الأسود و الذي يشبه و كثيرا فساتين العمال و الخدم...

نظر الطفلين لبعضهما و راحا يحملقان بها و لكنهما لم ينبسا بحرفٍ واحد و تَبِعِاهَا بصمت...

كان ذا الشعر الكحلي يقف و برفقته رجل ذا ملامح جميلة و هادئة و تنافر شخصيته تمامًا ، شعرٌ بَنٌي و عينين زرقاوتين تحملقان في تلك العيون القرمزية من أمامه : « سيد تسوشيما موساشي ، أليس كذلك؟... لم أكن أعلم أنك تسعى خلف طفلك لدرجة أن تخبر والدتك كي تدفع لك كفالة السجن و تأتي إلى هنا بنفسك لتأخذه  و إدعيت أمام والد زوجتكَ أنك قد هربت من السجن حتى تخيف زوجتك على طفلها الوحيد غير عالم بما يدور في عقلها المريض »... لم يعلق الأخر على ما نبذ به كحلي الشعر و فقط جلس على كرسيٍ من حديد و عاكس ساقاه و وضع أحدى يديه على فخده و الأخرى أسند بها رأسه و الذي مال حوالي ثلاثين درجة في اتجاه اليسار...

" المَاضِي "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن