«الفَصْلُ الثَّانِي »

322 46 193
                                    

كانت تلك السيدة حسناء المظهر ماتزال تلازم المشفى حتى مع مرور يومين لازمها فيهما القلق و العصبية ، لم تكن يومًا مِن مَن برع في التلاعب بمشاعره حتى و إن كان من أجل طفله...

كانت غير قادرة على ذلك ، فقد أخذ ذلك الطُفَيّليّ طفلها و لازمه حيث لا تقدر أن تذهب ، كانت تجلس طوال الأيام تحدق في السقف بينما تدور ألآف الأسئلة في عقلها المُغطى بالطبقات حسنة المظهر...

فقد كانت تتمتع بشعرٍ بُنيٍ مجعد جدلته لضفيرتين صغيرتين ، تغطي عينيها بشعر غرتها فتتلائم عينيها العسلييتين مع شعرها البندقيّ ، كان وجهها شاحب كما لو كان قد خطف أحدهم روحها ، لم تقوى على الحديث ، فقد كان شحوب وجهها طغى على عقلها...

مرّ اسبوعين في تلك المشفى و ها هي على نفس الحال ، عُلِجت جُسمانيًا ، لكن من قال أن الشيء الوحيد الذي قد تأذى قد كان بدنها؟...

دخل ذلك الطبيب المشؤوم لغرفتها صاحبة الرقم السادس بعد العشرين ليتلفظ لها ببعض الكلمات المقتضبه و يرحل دون أن يخبرها و لو قيد إنملة عن طفلها المحبب...

ارتدت ثيابها بمساعدة من الممرضة و التي أصبحت صديقتها على مدار الأسبوعين السابقين ، هذه طبيعة في الإنسان ، فهو دومًا ما يبحث عن من يؤنس وحدته و يفك كربه و يداوي الجروح التي لم يكن سببًا فيها... طبيعةٌ بشريةٌ بحته...

كانت قد ارتدت فستانً صيفيًا ناسب قوامها بشده فبات كما لو كان قد فُصِلَ لتكون هي من تَلْبَسُهُ ، راحت تمشي ببطء شديد بين أروقة المشفى يدها مضمضة و تتأرجح و هي تمشي بعدما رفض ذلك الضفدع البشري أعطائها حامل اليد...

سألت هنا و هناك و و قد كان العاملين يرشدونها بإمتعاضٍ كان قد قَبَحَ وجههم فوق القُبح قبحًا ، راحت تسير للطابق الأعلى في هذا المشفى ، حيث يتركز مكتب ذلك الطبيب المشؤوم و طفلها الحبيب الذي أخذه منها عنوه ، و مرت حوالي الربع ساعة و هي تصعد الدرج كون المصعد قيد التصليحات...

كان كل طابق في هذا المشفى يبدو اغرب من الذي قبله ، فمثلا في الطابق السابق للأخير كانت الدماء مبعثرة في الأرجاء و المعدات المتسخه هنا و هناك ، لا أعلم حتى كيف لم تصل وزارة الصحة لذلك المكان بعد... إن كانت مشفى خارج تدخل الحكومة سيكون هذا لمصيبة...

نظرت حولها بهدوء ، أعتادت المشهد في ثانيتها ، لم تكن من النوع البكاء ، و لم تهرع من الدماء ، فهذه حرفة سنوات على كل حال...

و ها هي ذا وصلت لوجهتها ، تنظر بهدوء لذلك الباب الخشبي الذي كُتِب عليه بوضوح :
« Doctor .mori ogāi »...

لم تطرق الباب و دخلت على حين غرة من الرجل الأخر ، لكن لم تكن على حين غرة حقا ، فقد كان يراقبها عبر الكاميرات في جميع الطوابق ، فقط تظاهر بالصدمة لإرضاء كبريائها التي مازالت تحتفظ بها بطريقةً ما : « آه! عزيزتي سونيتشكا ، هذه ليست الطريقة الصحيحة للترحيب بطفلكِ اللطيف و والده الحبيب »... نظرت سونيا له بقرفٍ كان قد لون وجهها بوضوح شديد : « فالتتوقف عن التصرف بلطف أمامه و أظهر الأفعى التي أنت عليها »... قهقه الموجه له الكلام بهدوء و راح يجلس بقرب الصبي الصغير....

« الدَلِيلُ الكَامِلْ للْخَّطَاءْ »حيث تعيش القصص. اكتشف الآن