« الفَصْلُ الرَابِعْ »

197 39 154
                                    

أستيقظ ليرى تلك السيدة الشقراء تنظر له بهدوء ، فُزِعَ من نظراتها الثاقبة لكنها أشارت له بأن يتبعها ، نظر لها بحيرة و أستقام من على السرير ليجلس و ينتظر منها الحديث قبل التتبع...

« شوجي ، رينتارو يريدك » قالت بهدوء لكنه نظر لها و القرف يَقْطِرْ من عينيه ، تجاهل الطلب و راح يسألها : « ما أسمكِ سيدتي؟ » نظرت له بهدوء بعينيها التي داهمت البحر و خطفت زرقته : « إيليس... موري إيليس » تلفظت هي بما سبق و ملامحها لا تنفك عن الجماد....

خرجت من الغرفة فراح يتبعها بهدوء ، تبعها لأحد الغرف ، أنعطف يسارًا و من ثم ذهب لأخر الممر ليجد تلك الغرفة مفتوحة... غرفة ذلك المشؤوم...

لكن تلك السيدة ذات الخصلات البنية و التي كانت غرفتها تقبع بجوار غرفته فتحت بابها فجأة ، نظرت لصغيرها و أخذته من إيليس ، حملته و دخلت غرفتها و تأكدت من أغلاق الباب... لم تكن تنظر للصغير كثيراً ، لكن في المقابل عيناه لم تكن تنزاح من على وجهها الشاحب ، أغروقت عينيه ، بكى كما لم يبكى قبلًا... كيف لا و هي كانت قد غابت عنه لفترة ليست بالقصيرة ، و هو لا حيلة بيديه ليخرج مما أوقعته فيه.... فكيف لطفلٍ في الخامسة من عمره أن يتحمل...

صدق من قال أن الشقاء لا يأتي سوى للأطفال ، فكما يبدو... يتحمل الأطفال أحيانًا أخطاء الكبار...

ربتت على ظهره بهدوء ، و راحت تقول بهدوء و عينيها على هاتفها الرنان : « يال الهول ، إن كنت أعلم أن من سأنجبه سيكون بهذا الضعف لمَ كنت أنجبتك... يال السخرية... » أتسعت عيناه كما لو كانتا ستخرجان من محجريهما... « م..ماما؟ » قال و دموعه بدأت في الأنهمار كما لو كانت شلالًا غاضبًا... حاول الإبتعاد عنها لكن في المقابل كانت هي متشبثه بظهره بأظافرها التي طالت في الأسابيع الماضية و راحت تتلفظ بصوتها العذب الهامس : « أردتك أن تعيش لكن يبدو أنك أغبى من أن تفعل ذلك... تتبع الموت في كل همسه و لمسه ، لا تستطيع العيش دون أن تموت ، أتريد الموت هكذا؟ حتى يوم ولادتك كنت ستقتل كلانا... اليس هذا كافيًا لك؟ أتريد مني قتلك و أعيش في جنوني لما تبقى من عمري ؟ أم تريد أن يفعل بك ما كان سيفعله حتى يرتاح هو و تفقد مستقبلك المظلم انت؟... ماذا تريد بالظبط يا ذا الخمس سنوات السوداء... منذ يوم ولادتك و الشقاء يلحق بي ، ألآ ترى أن هذا يكفي؟... لا تجرؤ على أن تناديني بماما حتى تجمع شتات نفسك و تتعلم طبيعة الدنيا من حولك... الحياة ليست بهذه السهولة أيها الطفل المشؤوم... »...

وضعته أرضًا ثم خرجت من الغرفة كليًا و أغلقت الباب من خلفها و راحت للدرج القريب من غرفة المحجوز في غرفتها ، نزلت الدرج درجةً درجة... يتمايل ثوبها الأسود قطنيّ الخامه مع كل خطوة تخطوها... أنعطفت يسارًا و من ثم وجدت كرسيًا خشبيّ جلست عليه بهدوء لبضع الثواني... لتجد الشقراء تقف خلف الباب و تراقب تحركاتها فقالت هي بكل اشمئزاز : « نادي صاحبكِ فلي معه حديثٌ مطول » أضمحل خيال إيليس و راحت تبلغ المعنيّ بالكلام ما قيل لها....

" المَاضِي "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن