٣-إلىٰ اللِقاء، رُبّمَا.

194 15 28
                                    

مَرين.

مرّت الأيامْ لِتتعدىٰ الشُهور وَها قد بَلغنا ما يُقارب السنة وَالنِصف.
لَم أكتَفي عَن خيطِ عِباراتِ حُبّي بِرسائِلٍ هي غايتُها.
لَم يَخمِد شَوقي يومًا لَها، لَم يتوانى قَلبّي عَن سردِ قصائِد تَغزُلًّا بِعينيها، لَم تُغادر يومًا فِكري أو خواطري.
فَبِكُلِ روايةً كتبتُها كانت هي مِحورها، بَطلتها، كانت لها تصريحًا بِحُبّي.

فَقد كَثرُت لِقاءتُنا وأصبحتُ ألمَحُها بين الحينِ والأخر بَعد أن انتقلت لِبيرلين بِغرضِ الدِراسة، وأمسىٰ يَومي ينقضي بين خواطِرها. بِهذه الفترة زاد إعجابي بِها بِبرائتها، بِروحِ الطِفلة المشاغِبة التي تستوطِنها أحيانًا ورَوحِ المرأة العاقِلة أحيانًا أُخرىٰ. كانت مزيجُ غَريب، وَجميل.

وَلَم أعلَمْ بانتِهاء هذه اللِقاءات إلا بَعد أخر مرّة تقابلت بِها أعيُنِنا، كُنا نَناظِر بَعضنا لِعدة ثوانٍ لَم تنقطِع. كانت أول مرّة التحمت بِها نظراتُنا لِهذة المُدّة وأخر مرّة.

بَعد انتِهاء لِقائِنا بِمُدة عَلمتُ أنها أصبح لَديها حَبيب. غَضِبت، حَزِنت، وَخُذِلت. رُبَّما لَم نتصارِح بالأقوال وَلَكِن أعيُنِنَا صارَحت، قصائِدنا صارَحت، لِقاءتُنا صارَحت. أكنتُ الوَحيد الذي يتخيل هذه قِصة الحُب البائِسة! أكنتُ الوحيدَ الذي أحب!
أكنتُ الوحيد الذي انجرف بِمشاعِره!

مُنذ حيِنها وَلم يَلتَئِم جُرحُ قلبّي، لَم يُسِعفني عَقلي وَفؤادي بين حين وحين يشتاق. وَلكَنني تجاوزت تجاوزت حُبّها وَذِكرياتُها أو هذا ما أُؤمن بِه. فَمن قَد يَنسىٰ فتاةً مثلها! ولكنّني تجاوزت حتّىٰ بَعد أن عَلِمتُ بانفصالِها عَن حبيبها، تجاوزت.

إذًا لِما! لِما ارتجفَ قلبي حين لَمَحتُها صُدفةً عابِرة لَم يستَعدُ أيّ مِن قلبي وعقلي لها. لِما ابتسمت شفتاي وَعَجزت قَدماي عَن الحراك! لِما شعرتُ بِكُلِ شيءٍ وَعكسُه! لِما! لِما عادت ذِكرها لا تُبارِحني بَعد أن جاهدت بِنسيانِها! لِما بِنظرِة مِنها هُدِمت جميع الحُصون ذرفتُ دَمًا لِبنائها! وما ألمني هو رسالتها، رِسالةَ غَير مُباشِرة مِنها صَرحت بِها الكثير....

«كُنتُ أعلم بِالقصائِد وَهويّة مُرسِلها،
كُنت أعَلم بِحُبِّك وِإن لَم يَكُن حَقيقًا،
كُنتُ أعلم وياليت لَم أعلَم.

فَمَن يُحِب يُصرِّح، وَأنا لَم
ألقىٰ مِنَك سِوىٰ الجَفاء،
حَتّىٰ شككتُ يومًا
بِكونِك مُرسِل هَذه الرسائِل.
بِكونِك تُحبُّني.

فَمن يُحِب لا يُشكك بِمصداقية
مشاعره وأنا شككت.
شككتُ حتّىٰ أمسيتُ أكرهُك،
وأكره كُل ذِكرىٰ مُتعلِقة بِك.

فَكيف لِقصائِد تجعلني أهيمُ بِك،
وأنا هُنا لا أعلمُ أكنت
أنت مَن يُفتَرض أن أحب أم لا!
لا أعَلم أتصدُق بِمشاعِرك أم لا!
أم أنّك فَقط ماهِر يَخيطُ كلامً مَعسول
لِكل فَتاة تُعجب بِموهِبتها!
لا أعلم!

فأنت لَم تُحبّني، رُبّمَا أحبَبت فِكرَة
وجودي، الخيال الذي أنسِجه بِحروفي.
لكن لَم تُحبّني أنا.
أو رُبّمَا هذا ما أدعيه لأنفي حقيقة أن
يومًا ما أحدًا أحبّني،
أو لكي لا أُعلِق قلبّي بِحُبٍ
كاذِب أنا الخاسِرة بِه.
فِلقلبٍ لَم يُحِب يومًا
كُنتَ أنت أول مَن طَرقه
وَفتح لَه أسوارَه.

وَربُما كُنت كذَلك تُحبُّني،
وَلكنِ لَم تَكُن واضِحًا بأي مِن أفعالِك.
حتّىٰ وإن كُنت صددتُك كنتُ سأتأكد.
لكنَك خُفت مِن الرَفض، وأنا خُفت علىٰ قلبي.

فَلِقصائِدك نسيت، وَلذكرياتِنا مَحيت،
وَلكَ تخطيت.
لَكِن لِما! لِما ارتجفَ قلبّي حينَ لمحتُكَ اليوم!
لِما بَعد أن أيقنتُ أنّ لَم يَعُد لَكَ
مَكانًا بِقلبّي، لِما انقَبَض وَبالغضبِ
وَالفَرح أحسست!

فَكم ناجيت أن تتحدّث وَبلا فائدِة،
وَلكَن هذه هي قِصتُنا بِدأت صُدفةً،
وانتهتِ صُدفةً.
رُبما كُنا سنكون شيئًا لَو تحدّثت
وَربُما لا.
لكنّني اعتدتُ الصمتَ مِنك،
فلن أتوقَع الكثير.

قَد تَجمعُنا صُدفةً أُخرىٰ وَرُبّما لا.
إلىٰ اللِقاء، يا من لا أعرف هُويته حتّىٰ الأن.»


«النهاية»

____

تمّت بِحمدِالله يوم
١٥-٤-٢٠٢٣

اكتملت الرواية الحمدُلِلَّه.♥️♥️
أول مرّة أخلص رواية وده شعور،
مُفرح وُمحزِن في نفس الوقت.♥️♥️

🎉 لقد انتهيت من قراءة مَا بَعد الثانيّة عَشرَ.✓ 🎉
مَا بَعد الثانيّة عَشرَ.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن