الجزء الثاني عشر: معكَ عرف قلبي كيف يقع في الحبّ

449 71 41
                                    

أقفلت الخطّ مرتاحة البال تهنأ بسماع كلام والدتها الداعم، تعدها الوقوف إلى جانبها تسألها عن صحّة الكريملي تدعو له بالشفاء العاجل تشعرها أنّ همًّا بثقل الجبال قد أزيح عن عاتقها الطريّ، فمصارحة والدتها بالعلاقة مع الأديب أراح قلبها الطيّب الذي لم يعتد يومًا على المراوغة أو الكذب. سارت في الممرّ عائدة إليه تتوق إلى ملاقاته من جديد فإذا بها تبصر جينغار يخرج من الغرفة يبحث عنها في الأرجاء:

-آنسة سحر، سأجلب إناء للأزهار ثمّ أذهب إلى البيت، السيّد يمان يحتاج إلى بعض الأغراض، هو بأمانتك الآن

-كن مطمئنًّا أخي جينغار، لن أغادر قبل عودتك

دخلت الغرفة بهدوء فوجدته هائمًا في باقة الزهر بجانبه على الفراش يداعب بتلات ورودها النضرة وما إن اقتربت ملهمته من السرير حتّى بثّها امتنان الشكر:

-ورود الباقة ناعمة نضرة مثلك... أشكرك على جمال اختيارك

-يسعدني أنّها أعجبتك

-كثيرًا... عسى السيّدة الوالدة بخير

-الحمد لله...

سكتت لحظات ثمّ أردفت متابعة ببعض الحماسة المغلّفة بنفحة من الخجل:

-سألتني عنك... ودعت لك بالشفاء

-يعني... هي تعلم أنّك إلى جانبي... هل أفهم أنّها باركت علاقتنا؟

إبتسمت سحر وهي ترجع خصلات شعرها إلى الوراء يربكها جوابٌ بدا واضحًا للأديب يحمله إلى متابعة الكلام:

-لن أسألك عن رأي معالي الوزير، أعتقد أنّه لم يعرف شيئًا حتّى الآن

أجابت متمتمةً:

-ليس بعد... إنّما وعدتني أمّي أنّها ستفاتحه بالأمر

مدّ يده صوبها يدعوها إلى اقتراب بقي معلّقًا في الهواء عند إطلالة جينغار من الباب يحمل إناء لباقة الزهر مليئًا بالماء تناولته سحر شاكرة وحملته إلى المنضدة المرفقة بالسرير تضع فيه الأزهار بعناية وهي تسأل أديبها الحبيب:

-هل تنبّهت إلى عدد الورود؟

رفع نظره صوبها وأجاب بصوت عميق:

-أتعتقدين أنّني لم أنتبه إلى العدد؟ أنتِ تعيشين معي ما كتبته لك في الرواية حبيبتي... كنت متأكّدًا أنّك لم تختاري عشر ورود صدفةً، هو تاريخ لقائنا للمرّة الأولى بعد سنوات من الانتظار

أغمضت عينيها متأثّرة بجواب حلّق بها إلى السماء فرومانسيّته العابقة تتعدّى صفحات القصص والروايات، هي في طبعه متجذّرة تحيط قلبها بهالة من الهناء تقدّس مكانتها في حياته تمدّ أنوثتها بطاقة غريبة لم تشعر بها إلّا بعد لقائه. تركت الباقة ولاذت إلى جواره تتأمّله بنظرات مغرورقة بدموع الانفعال وبحسّ يتصاعد من عمق الوجدان همست له معترفةً:

ملهمتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن