كنتُ لا أزال في السابع عشر من عمري، فتاة جميلة ولطيفة، قصيرة ونحيفة، كنتُ أُعرف بطيبة قلبي وعقلي الذي يفوق سني بالكثير، فأنا كنتُ مثقفة ومستوعبة معظم الأمور التي حتى الكبار ولم يستوعبوها بعد، أحاول أن أصلح علاقتي بربي، وكانت أبسط أمنياتي أن أصبح فتاة ملتزمة من يراها يدعو للذي رباها، كنتُ دائماً أحاول أن أنشر البهجة في الأماكن التي أكون حاضرة فيها، بطبيعة الحال كنتُ فتاة محبوبة من قبل الجميع، عيبي الوحيد أو لنقل أنهُ نقطة ضعفي هو أنني أخجل لدرجة لا يستوعبها العقل، أي كلما حدثني رجل أم فتى أشعر وكأن قلبي سيتوقف من شدة الخجل.
والدتي مريضة، لديها ثُقب في قلبها، ووالدي شخصاً عنيداً ودائماً يتصرف بعصبية وقراراته معظمها خاطئة، لكنني أحاول أن لا يكون هناك توتراً في علاقتنا حتى لا يفرغ جّل غضبه عليّ، فقد كنتُ إبنة مطيعة، ومتفوقة في دراستي، لذا إعتقدت أنه لن يتصرف تصرفاً خاطئاً تجاهي، ولكنه فعل..
في السابع من يونيو، تغيرت حالة أمي إلى الأسوء فتم نقلها إلى المستشفى لتجري عملية، لكن المشكلة أننا لم نجد شخص يتبرع بقلبه لها، طلب والدي مني أن أتبرع بقلبي فوافقت بدون منازع وطبعا كيف لشخص حي أن يتبرع بقلبه؟ وبأمر من رب العزة والجلالة لفظت آخر أنفاسها فوق سرير العمليات، توقفت معاناتها وآلامها التي كانت تخنقها عندما كانت على قيد الحياة، والآن لم نبقى إلا شخصين في المنزل فأختي متزوجة ولا تأتي إلا أحياناً، وأمي رحمها الله قد ذهبت لوجهتها، كان الأمر كالحلم بالنسبة لي، لم أعتقد أن هذا اليوم سيأتي وسأشهد جنازة أمي، شعرت بظلام حالك يسيطر عليّ من الداخل، إعتزلت كل شيء، لم أعد أتواصل مع أي شخص، لم أقطع صلتي بربي لأنه كان الوحيد الذي يفرج عني همي ويسعد قلبي ويجبره، فكنتُ أبكي وأبكي عند كل صلاة، لم تمر أي صلاة إلا وبللت السجادة من شدة البكاء، وأختي أحياناً تزورنا لِنُواسي بعضنا وندردش قليلاً، كنت أتظاهر بالقوة وأنا معها لكنني كنتُ ضعيفة للغاية، أما عن أبي فإستغل موت والدتي وأصبح يعاملني بطريقة بشعة ولم يعد يناديني عائشة كما كان بل أصبح يناديني يا إبنة فاطمة، لم أعد أفهمه ولا هو يتركني لأفهمه، يوبخني ويشتمني وأحياناً يفاجئني بهدية أو خبر جميل، فاطمة هي أمي وأنا إبنتها عائشة ووالدي كريم، وددت أن تعلموا أسمائنا الآن حتى لا تختلط لكم الأمور بعد الآن، أحياناً كنت أشعر وكأن لوالدي إنفصام الشخصية فهو في كل مرة يظهر لي وجه جديد.
مرت الأيام على وفاة أمي وتعودت على غيابها، أحمد الله لأنني ولدتُ في عائلة غنية، كان لدينا بعضاً من الخدم لذا لم يكن هناك داعي لأتحمل مسؤولية المنزل، فركزت على دراستي وكان الجميع يحاول مواساتي ظناً منهم أنني لازلت في مرحلة الصدمة وأنني مكتئبة وأفكر بالإنتحار..إلخ، لكنني كنتُ أعلم نيتهم الحقيقية فإبتعدت عنهم جميعاً وبقيت بمفردي، أحاول إستجماع نفسي، لم يكونوا يتحدثون إلا عن أمي وكان يزعجني كثيراً هذا الأمر.
بعد أربعة أشهر من وفاة أمي، طلبني والدي ليخبرني بقراره الذي جعلني مصدومة..
قال لي:"يا إبنة فاطمة، كما تركتكِ أمكِ أخاف أن أترككِ أنا أيضاً، وبعد التشاور مع أقاربكِ قررت أن أزوجكِ لإبن صديقي، لكن لا تخافي لن تغادري المنزل إلا بعد تخرجكِ عدا ذلك سيكون هناك شخص يدعمكِ ويقف بجانبكِ لو حصل لي شيء، كما أنه يعرفكِ ولن يمانع من زواجهُ بكِ، فما رأيكِ أنتِ؟"
كنت حقاً مصدومة، قلت بكلمات متقطعة:"م..ماذا؟ هل س..ت..زوجني؟ أنا لا أف..هم ش..يء!"
مسكني من ذراعاي وجعلني أجلس على الأريكة قائلاً:"تقبلي الحقيقة، هذا لمصلحتكِ وأيضاً أنا لن أترككِ تغادرين المنزل ولن تتحملي مسؤولية الزفاف، أنتما فقط ستتزوجان على سنة الله ورسوله".
أنت تقرأ
زواج بدون قيود
Romanceعائشة فتاة مراهقة ومتدينة، يقوم والدها بتزويجها من فتى يكبرها بعامين يدعى عمر.. بعد الزواج تدرك عائشة أن زوجها يدرس معها في نفس الثانوية ونفس القسم، وتكون الحياة حلوة عليهم لولا تدخل مجموعة bkl التي زعيمتهم عاشقة لعمر أي زوج عائشة وبالتالي تسبب لهم...