اَلْفَصْل اَلتَّاسِعِ : يَوْمُ اَلزِّفَافِ

51 7 0
                                    


يَوْمُ اَلزِّفَافِ . 

فِي مَجَلَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ قَامُوا بِوَضْعِ قَائِمَةٍ لِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ مِنْ شَأْنِهَا إِبْهَاجَ اَلْفَتَيَاتِ وَجَعْلِهِمْ يَرْقُصُونَ فَرَحًا ، وَمِنْ بَيْنِ هَذِهِ اَلْأُمُورِ نَذْكُرُ ثَلَاثًا فَقَطْ ، اَلتَّسَوُّقُ ، اَلتَّخَرُّجُ مِنْ اَلْجَامِعَةِ وَالْحُصُولِ عَلَى عَمَلٍ جَيِّدٍ وَمُرِيحٍ وَأَخِيرًا فِي يَوْمِ اَلزِّفَافِ . فَقْدٌ يَصِلُ اَلْحَالَ بِالْفَتَاةِ فِي يَوْمِ زِفَافِهَا مِنْ شِدَّةِ اَلْفَرَحِ ، إِلَى حَدِّ اَلْبُكَاءِ ، وَهَذَا لِأَنَّهَا وَأَخِيرًا سَتَتَزَوَّجُ بِشَخْصٍ تَعَلَّقَ قَلْبُهَا بِهِ تُعَلِّقُ اَلطُّيُورُ بِأَعْشَاشِهَا ، وَالْمُغْتَرِبِينَ بِأَوْطَانِهِمْ ، وَقَدْ تَبْكِي حُزْنًا أَيْضًا عَلَى فِرَاقِ عَائِلَتِهَا وَمُغَادَرَتِهَا لِبَيْتِهَا إِلَى بَيْتٍ جَدِيدٍ ، لَا تَعْرِفُ شَيْئًا عَنْ طِبَاعِ سُكَّانِهِ إِلَّا بَعْضُ اَلْمَعْلُومَاتِ اَلْقَلِيلَةِ .

 مِثْلَمَا حَدَثَ اَلْيَوْمِ ، مَعَ شَمْسِ اَلْأَصِيلِ فِي أَهَمِّ يَوْمٍ فِي حَيَاتِهَا ، فَهِيَ قَدْ بَكَتْ كَثِيرًا بَيْنَمَا كَانُوا يَلْبَسُونَهَا اَلْفُسْتَانَ اَلْأَبْيَضَ ، وَبَكَتْ وَهُمْ يُصَفِّفُونَ شِعْرُهَا وَبَكَتْ وَهُمْ يَدْهُنُونَ تَرَاتِيلُ وَجَّهَهَا اَلْفَتِيُّ ، بِشَتَّى أَنْوَاعِ مَسَاحِيقِ اَلتَّجْمِيلِ ، لِكَيْ تُعْجِبَ اَلْعَرِيسَ وَلَكِنَّ اَلْبُكَاءَ لَمْ يَكُنْ مِنْ فَرْطِ اَلسَّعَادَةِ بَلْ مِنْ شِدَّةِ اَلْحُزْنِ ، وَبِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّهُ يُفْتَرَضُ بِهِ أَنْ يَكُونَ يَوْمًا سَعِيدًا ، إِلَّا أَنَّهَا شَعَرَتْ بِالْكَثِيرِ مِنْ اَلْعَجْزِ وَالِانْكِسَارِ وَهِيَ بَيْنَ أَهْلِهَا . 

بَكَتْ شَمْسُ اَلْأَصِيلِ اَلْيَوْمِ بِسَبَبِ اَلْكَثِيرِ مِنْ اَلْأُمُورِ ، كَانَ أَوَّلُهَا وَأَهَمّهَا تَفْرِيطُ وَالِدَيْهَا بِهَا ، بِتِلْكَ اَلطَّرِيقَةِ اَلْمُهِينَةِ ، وَتَرْكُهَا تَذْهَبُ مَعَ هَذَا اَلرَّجُلِ اَلْغَرِيبِ ، اَلَّذِي لَا يَعْرِفُونَ عَنْهُ مَا إِنْ كَانَ سَيَتَزَوَّجُهَا أَوْ سَيُذَبَّحُهَا ! بَكَتْ وَهِيَ جَالِسَةٌ عَلَى طَاوِلَةِ اَلنِّكَاحِ ، وَبَكَتْ بَيْنَمَا سَأَلَهَا اَلْقَاضِي مَا إِنْ كَانَتْ مُوَافَقَةُ أَمْ لَا ، وَبَكَتْ عِنْدَمَا اُضْطُرَّتْ لِلرُّكُوبِ مَعَهُ فِي رِحْلَةٍ وَاحِدَةٍ ، إِلَى مَصِيرٍ مَجْهُولٍ ، وَهَاهِي ا ? ن مَحْبُوسَةً مَعَهُ وَجْهًا لِوَجْهٍ فِي أَحَدِ غُرَفِ اَلْفَنَادِقِ اَلْفَاخِرَةِ ، مُرْتَدِيَةً هَذَا اَلْفُسْتَانِ اَلْأَبْيَضِ اَلَّذِي يُفْتَرَضُ بِهِ أَنْ يَكُونَ رَمْزًا لِلْفَرَحِ وَالسَّلَامِ ، هُرَاءً ! وَبَيْنَمَا كَانَتْ شَمْسُ اَلْأَصِيلِ جَالِسَةً بِذَلِكَ اَلْفُسْتَانِ اَلْأَبْيَضِ فَوْقَ اَلْكَنَبَةِ ، وَتَرْتَجِفَ مِثْلٌ فَرْخٍ صَغِيرٍ وَسَطَ عَاصِفَةٍ ثَلْجِيَّةٍ هَوْجَاءَ ، فَتْحُ عَدْنَانْ بَابِ اَلْغُرْفَةِ وَدَلَفَ إِلَى اَلدَّاخِلِ ثُمَّ غَادٍ لِغَلْقِهِ مُجَدَّدًا بِهُدُوءٍ ، بَعْدُ ذَلِكَ تَقَدُّمُ مِنْهَا وَهُوَ يَحْمِلُ بَيْنَ يَدَيْهِ كِيسًا كَبِيرًا ، لِيَجْلِس بِجَانِبِهَا أَخِيرًا وَيَقُومُ بِمَسْحِ دَمْعَةٍ كَانَتْ تَنْحَدِرُ بِسُرْعَةِ عَلَى خَدِّهَا ، ثُمَّ سَأَلَهَا بِاسْتِغْرَابٍ 

قربان على مائدة الزواج المبكر الكاتبة منال بن الدينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن