اَلزِّيَارَة الاوَلَّى . . .
.
أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ اَلْمُلْكُ لِلَّهِ ، يَوْمٌ جَدِيدٌ حَلَّقَ فِي الا فَقِ بِجَنَاحَيْهِ اَلْكَبِيرَيْنِ فَوْقَ اَلسَّمَاءِ اَلَّتِي اِكْتَسَتْ حُلَّةً رَمَادِيَّةً ، جَاعِلَةً اَلنَّاسِ تَتَرَقَّبُ غَيْثًا طَيِّبًا ، وَمَرَّتْ سَاعَاتُ اَلْفَتْرَةِ اَلصَّبَاحِيَّةِ فِي جَوّ مِنْ اَلتَّرَقُّبِ وَالْحَذَرِ لِتَدُقَّ اَلْوَاحِدَةَ بَعْدَ اَلزَّوَالِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَحْدُثْ أَيُّ شَيْءٍ ، وَمِنْ اَلْمَدِينَةِ وَضَجِيجِهَا وَأَصْوَاتُ اَلْمُحَرِّكَاتِ اَلْمُزْعِجَةِ وَالرَّوَائِحِ اَلْكَرِيهَةِ ذَهَابًا إِلَى اَلسِّجْنِ .
دُخُولاً مِنْ اَلْبَوَّابَةِ اَلْكَبِيرَةِ وَالْحَدِيدِيَّةِ ، اَلَّتِي كَانَ يَقِفُ أَمَامَهَا حَارِسَيْنِ مُسَلَّحِينَ ، مُرُورًا بِالسَّاحَةِ اَلْخَاوِيَةِ عَلَى عُرُوشِهَا ، اَلْخَالِيَةَ مِنْ أَيِّ بَهْجَةٍ أَوْ سُرُورٍ وَأَخِيرًا لَيُّ اَلْأَرْوِقَةِ اَلْقَدِيمَةِ وَالْمُتَهَرِّئَةِ اَلَّتِي تُؤَدِّي إِلَى اَلزِّنْزَانَاتِ ، وَبِالتَّحْدِيدِ إِلَى اَلزِّنْزَانَةِ رَقْمِ 11 ، أَيْنَ كَانَتْ تَجْلِسُ تِلْكَ اَلشَّارِدَةِ بِجَانِبِ اَلنَّافِذَةِ وَتُحَدِّقُ بِمُقْلَتَيْهَا اَلزُّجَاجَتَيْنِ إِلَى اَلْحُرِّيَّةِ اَلَّتِي كَانَتْ تَلُوحُ لَهَا مِنْ وَرَاءِ تِلْكَ اَلْقُضْبَانِ اَلْحَدِيدِيَّةِ اَلصَّدِئَةِ .
بُعْدُ لَحَظَاتٍ مِنْ اَلسُّكُونِ وَالشُّرُودِ عَادَتْ لِتُخَطِّطَ فَوْقَ تِلْكَ اَلصَّفَحَاتِ اَلْبَيْضَاءِ ، كُلُّ مَا كَانَ يُثْقِلُ كَاهِلُهَا وَيُؤَرِّقُهَا ، حَيْثُ كَانَتْ هُنَاكَ اَلْكَثِيرُ مِنْ اَلْأُمُورِ تَجْعَلُ مُقْلَتَيْهَا تُخَاصِمَانِ اَلْوَسْنْ ، مِثْلٌ هَذَا اَلْمَكَانِ وَهَذِهِ اَلْجُدْرَانُ اَلْخَالِيَةُ مِنْ اَلْبَهْجَةِ وَذَلِكَ اَلْفِرَاشُ اَلرَّثُّ اَلْقَدِيمُ . كَانَتْ تُبْحِرُ بِسَفِينَتِهَا وَسَطَ أَفْكَارِهَا كَمَا تَفْعَلُ كُلَّ يَوْمٍ مُتَجَاهِلَةٍ اَلْعَوَاصِفِ وَالتَّقَلُّبَاتِ اَلْجَوِّيَّةِ ، هَارِبَةً مِنْ اَلْوَاقِعِ وَمِنْ اَلْحَقِيقَةِ اَلْمُرَّةِ كَالْعَلْقَمِ ، وَلَكِنْ ذَلِكَ لَمْ يَدُمْ لِوَقْتٍ طَوِيلٍ ، فَصَوَّتَ مُزْعِجٌ صَدَحَ فِي اَلْأَرْجَاءِ جَعْلَهَا تَسْتَيْقِظُ مِنْ حُلْمٍ لَذِيذٍ كَانَتْ قَدْ اِجْتَهَدْتُ كَثِيرًا فِي اَلتَّحْلِيقِ إِلَيْهِ
_ شَمْسُ ا لاصَيْلْ اُتْرُكِي ذَلِكَ اَلدَّفْتَرِ وَتَعَالٍ إِلَى هُنَا لَدَيْكَ زِيَارَةٌ !
زِيَارَةٍ !
هَلْ هَذِهِ نُكْتَةُ أُمِّ اَأنْ سُكَيْنَة اَلْحَارِسَةَ قَدْ فَقَدَتْ عَقْلَهَا وَصَارَتْ تَتَخَيَّلُ أُمُورًا لَمْ تَحْدُثْ وَلَنْ تَحْدُثَ مِنْ اَلْأَسَاسِ ، اِلْتَفَتَ شَمْسَ اَلْأَصِيلِ إِلَيْهَا وَبَقِيَتْ تُحْدِقُ بِهَا لِثَوَانِي ، فِي مُحَاوَلَةٍ مِنْهَا فَهْمِ مَا اَلَّذِي يَحْصُلُ هُنَا ، لِتَكْتَشِف فِي اَلْأَخِيرِ أَنَّ مَوْضُوعَ اَلزِّيَارَةِ لَيْسَ بِنُكْتَةٍ بَلْ حَقِيقِيٌّ مِائَةً بِالْمِائَةِ . إِلَى جَانِبٍ أَنَّ تَرَاتِيلَ وَجْهِ سُكَيْنَة كَانَتْ جَادَّةً لِلْغَايَةِ ، فِي ذَلِكَ اَلْوَقْتِ وَقَفَتْ شَمْسُ مِنْ مَكَانِهَا وَتَمَشَّتْ بِضْعَ خُطُوَاتٍ حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى سَرِيرِهَا ، اِلْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالاً لِكَيْ تَتَأَكَّدَ مِنْ أَنَّ لَا أَحَد يُرَاقِبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ رَفَعَتْ اَلْمَرْتَبَةُ قَلِيلاً وَأَخْفَتْ اَلدَّفْتَرَ أَسْفَلهَا .
أنت تقرأ
قربان على مائدة الزواج المبكر الكاتبة منال بن الدين
Romanceرواية قربان على مائدة الزواج المبكر من تأليفي أنا منال بن الدين قريباً...