الفصل السابع :اَلزِّيَارَة اَلثَّانِيَةِ

46 6 0
                                    


اَلزِّيَارَة اَلثَّانِيَةِ 


. جَاهِلٌ ، أَهْبَل سَاذِجٍ وَبَطِيءٍ اَلْفَهْمِ عُصْفُورْ كَانَ قَدْ حَلَّقَ فَوْقَ بُسْتَانٍ يَضُمُّ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً مِنْ اَلزُّهُورِ ، وَاَلَّذِي سُرْعَانَ مَا تَحَوَّلَ إِلَى مَحَطَّةٍ قَرَّرَ اَلتَّوَقُّفُ بِهَا كَيْ يَسْتَعِيدَ أَنْفَاسَهُ قَلِيلاً بَعْدَمَا أَعْيَاهُ اَلسَّفَرُ اَلطَّوِيلُ ، وَأَوَّل مَا لَفَتَ اِنْتِبَاهُ اَلطَّائِرِ بِمُجَرَّدِ أَنَّ دَلَفَ اَلْمَكَانُ ، وُرُودُ اَلْجُورِي اَلْحَمْرَاءَ ، وَبِالتَّحْدِيدِ تِلْكَ اَلزَّهْرَةِ اَلَّتِي كَانَتْ مَغْرُوسَةً فِي اَلْأَمَامِ وَشَامِخَةً فِي اَلسَّمَاءِ شُمُوخَ اَلْجِبَالِ ، وَفِي اَلْحَالِ اِقْتَرَبَ مِنْهَا وَفِي نِيَّتِهِ قَطْفُهَا لِأَخْذِهَا مَعَهُ اَإلِىْ مَوْطِنُهُ . 

وَلَكِنَّهُ بِمُجَرَّدَ أَنَّ اِقْتَرَبَ مِنْهَا وَلِسَبَبٍ مَجْهُولٍ زَالَ كُلُّ إِعْجَابِهِ بِهَا ، لِيَتْرُكَهَا هُنَاكَ وَحِيدَةٌ مَكْسُورَةٌ اَلْخَاطِرِ وَيَتَوَجَّهُ إِلَى وُرُودِ اَلتُّولِيبْ اَلْبَيْضَاءَ ، فِي اَلْحَقِيقَةِ هَذَا لَمْ يَكُنْ يَعْنِي أَنَّهَا بَشِعَةٌ أَوْ كَانَتْ تَفُوحُ مِنْهَا رَائِحَةً كَرِيهَةً مُنَفِّرَةً بِالْعَكْسِ فَهِيَ كَانَتْ جَمِيلَةً وَرَقِيقَةً . وَلَكِنْ كَانَ لِلْقَدَرِ رَأْي آخَر وَمَرَّ اَلْوَقْتُ وَبَقِيَتْ تِلْكَ اَلْوَرْدَةِ وَحِيدَةً هُنَاكَ ، حَزِينَةً وَمَكْسُورَةً مَهْمُومَةً ، وَعِنْدَمَا ظَنَّتْ بِأَنَّهَا اَلنِّهَايَةُ ، حَلَّقَ طَائِرٌ شَهْمٌ شُجَاعٌ نَبِيلٌ فَوْقَ سَمَائِهَا وَبِدُونِ أَيِّ تَفْكِيرِ أَوْ مُقَدِّمَاتِ خَطْفِهَا مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ اَلْوُرُودِ وَاصْطَحَبَهَا إِلَى بُسْتَانِهِ أَيْنَ زَرْعُهَا وَأَغْرَقَهَا اِهْتِمَامًا وَرِعَايَةٌ ، وَفِي اَلْمُقَابِلِ تِلْكَ اَلْوَرْدَةِ اَلْحَزِينَةِ أَزْهَرَتْ وَأَشْرَقَتْ وَقَدْ كَافَأَتْهُ بِعُطُورِ زَكِيَّة لَا مَثِيلُ لَهَا . 

وَشَمْس اَلْأَصِيلِ كَانَتْ زُهْرَة جُورِي حَمْرَاء ، تَأَخَّرَ نَصِيبُهَا وَلَكِنْ كَانَ ذَلِكَ لِحِكْمَةِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اَللَّهُ ، وَيَقُولَ فِي كِتَابِهِ اَلْعَزِيزِ " عَسَى أَنْ تُكْرِهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرُ لَكُمْ " ، وَهَا نَحْنُ اَلْيَوْمَ اِجْتَمَعْنَا هُنَا لِنَطْلُبِهَا مِنْ وَالِدِهَا مُصْطَفَى عَلَى سَنَةِ اَللَّهِ وَنَبِيِّهِ مُحَمَّدْ عَلَيْهِ أَفْضَلَ اَلصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَمَا هُوَ جَوَابُكُمْ ! 

بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ مُقَدِّمَةَ الا مَامْ كَانَتْ رَائِعَةً وَمُعَبِّرَةً لِلْغَايَةِ عَنْ اَلْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَالنَّصِيبِ ، إِلَّا أَنَّ سُؤَالَهُ كَانَ مُضْحِكًا بَعْضَ اَلشَّيْءِ ، بِالْأَخَصِّ عِنْدَمَا سُئِلَ مُصْطَفَى مَا إِنْ كَانَ مُوَافِقًا عَلَى إِعْطَاءِ اِبْنَتِهِ لِعَدْنَانْ ، فَهُوَ لَوْلَا خَشْيَتُهُ مِنْ كَلَامِ اَلنَّاسِ وَمَاذَا كَانَ سَيُقَالُ عَنْهُ لَكَانَ هُوَ شَخْصِيًّا قَدْ ذَهَبَ بِنَفْسِهِ إِلَى عَدْنَانْ وَعَرَضَ عَلَيْهِ أَخْذُ إِحْدَى اَلْفَتَاتَيْنِ . إِلَى جَانِبِ ذَلِكَ فَهُوَ كَانَ مُتَحَمِّسًا لِلْغَايَةِ ، مُتَحَمِّس لِدَرَجَةِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ اِنْتِظَارُ حَتَّى تُشْفَى جُرُوحُ اِبْنَتِهِ اَلَّتِي تَسَبَّبَ لَهَا فِيهَا وَذَهَبَ إِلَى عَدْنَانْ وَحَدَّدَ مَعَهُ مَوْعِدًا لِلْخُطْبَةِ ، فِي ذَلِكَ اَلْوَقْتِ اِبْتَسَمَ مُصْطَفَى وَهَزَّ رَأْسُهُ بِمَعْنَى أَجْلٍ 

قربان على مائدة الزواج المبكر الكاتبة منال بن الدينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن