اَلْفَصْل اَلْأَوَّلِ

273 13 0
                                    


مَوْضُوعُ اَلْمَقَالِ مُجَدَّدًا ! 

مَرَّ اَلْهَزِيعِ اَلْأَوَّلِ مِنْ اَللَّيْلِ عَلَى عَجَلٍ وَدَقَّتْ اَلثَّالِثَةُ صَبَاحًا وَكَانَ ذَلِكَ اَلشَّابِّ لَا يَزَالُ مُسْتَيْقِظًا عَجَبًا ! قَدْ تَقُولُونَ وَمَاذَا فِي ذَلِكَ ، فَالْكَثِيرُ مِنْ اَلنَّاسِ تَسْهَرُ حَتَّى وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ وَالْبَعْضُ اَلْآخَرُ لَا يَنَامُ حَتَّى تُرْسِلَ اَلشَّمْسُ أَشِعَّتَهَا اَلذَّهَبِيَّةَ لِمُطَارَدَةِ اَلظَّلَامِ ، وَلَكِنَّ اَلْمُشْكِلَةَ هُنَا لَيْسَتْ فِي اَلسَّهَرِ ، بَلْ فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ بِالتَّحْدِيدِ ، دَعُونِي أُخْبِرُكُمْ بِالسَّبَبِ اَلَّذِي يَجْعَلُهَا مُمَيَّزَةً دُونَ عَنْ غَيْرِهَا !

 كُنْتَ قَدْ رَأَيْتُ مَرَّةٌ فِي فِيلْمٍ أَجْنَبِيٍّ أَنَّ هَذِهِ اَلسَّاعَةِ بِالتَّحْدِيدِ ; هِيَ اَلْوَقْتُ اَلْمُفَضَّلُ لِخُرُوجِ اَلشَّيَاطِينِ ، وَانْطِلَاقُهُمْ فِي اَلْأَرْضِ لِلْعَبَثِ هُنَا وَهُنَاكَ , وَرُبَّمَا اَلْبَحْثُ عَنْ ضَحِيَّةٍ لِيَبُثُّوا اَلرُّعْبَ فِيهَا ، أَظُنُّ بِأَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ كَالْفُسْحَةِ فِي اَلْمَدْرَسَةِ اَلِابْتِدَائِيَّةِ ، فَبَعْدَ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مُتَوَاصِلَةٍ مِنْ جَدْوَلِ اَلضَّرْبِ وَالْعَمَلِيَّاتِ اَلْحِسَابِيَّةِ يَحِينُ وَأَخِيرًا وَقْتُ اَلْمَرَحِ ! 

وَتَنْتَشِرُ هَذِهِ اَلْمَعْلُومَةِ بِكَثْرَةٍ فِي ثَقَافَتِنَا اَلْعَرَبِيَّةِ اَلَّتِي تَزْخَرُ بِقِصَصِ عَنْ اَلْجِنِّ وَالْعَالَمِ اَلْآخَرِ ، لِذَلِكَ تَجِدُ اَلْأُمَّهَاتُ يَقُمْنَ بِتَحْفِيظِ أَوْلَادِهِنَّ اَلْمَعُوذَاتْ مُنْذُ نُعُومَةِ أَظَافِرِهِمْ ، وَهَذَا لِكَيْ تَكُونَ حَاجِبًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَكْرِ اَلشَّيَاطِينِ وَلِكَيْ تَقِيهِمْ طُولُ اَللَّيْلِ كَغِطَاءٍ وَفِيرٍ فِي لَيْلَةِ عَاصِفَةٍ بَارِدَةٍ وَثَلْجِيَّةٍ . وَهِيَ كَأَيُّ أُم حَنُونٍ تَخَافُ عَلَى مَصْلَحَةِ اِبْنِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ فِي هَذِهِ اَلدُّنْيَا ، فَكَانَتْ تُخْبِرُهُ بِأَنَّ اَلْوُحُوشَ سَتُلْتَهَمُهُ إِنَّ وَجَدَّتَهُ مُسْتَيْقِظًا فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ اَلْمُتَأَخِّرَةِ مِنْ اَللَّيْلِ ، وَلَكِنَّنَا جَمِيعًا نَعْلَمُ أَنَّهَا خُدْعَةٌ فَلَا وُجُود لِمَخْلُوقَاتٍ كَهَذِهِ فِي عَالَمِنَا . كَانَتْ كِذْبَةٌ بَيْضَاءٌ ، تُكَرِّرُهَا اَلسَّيِّدَةُ بِلْقِيسْ مِرَارًا وَتَكْرَارًا وَكُلَّمَا سَنَحَتْ لَهَا اَلْفُرْصَةُ ، لِكَيْ تَجْعَلَهُ يَتَوَقَّفُ عَنْ اَلسَّهَرِ وَعَنْ قِرَاءَةِ اَلْقِصَصِ اَلَّتِي تُزْعِجُ مَنَامَهُ , وَاَلَّتِي كَانَتْ تَسَبَّبَ لَهُ اَلْكَثِيرَ مِنْ اَلْكَوَابِيسِ ، وَفِي بَعْضِ اَلْأَحْيَانِ اَلتَّبَوُّلِ اَللَّاإِرَادِيِّ , وَلَكِنَّ ذَلِكَ اَلصَّغِيرِ لَمْ يَكُنْ لِيَسْتَسْلِمَ أَبَدًا ، حَيْثُ فَكَّرَ فِي طَرِيقَةٍ فَعَّالَةٍ لِحِمَايَةِ نَفْسِهِ مِنْ هَذِهِ اَلْمَخْلُوقَاتِ اَلْكَرِيهَةِ ، لَمْ يَكُنْ اَلْحَلُّ اَلسِّحْرِيُّ وَلَكِنْ مِنْ وُجْهَةِ نَظَرِهِ ظَنَّ بِأَنَّهَا أَفْضَلُ طَرِيقَةٍ لِيَحْمِيَ نَفْسَهُ . 

قربان على مائدة الزواج المبكر الكاتبة منال بن الدينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن