أخوتي المؤمنين ، حديثُنا اليومَ عن موضوعٍ مُهم جداً ، ألا وهوَ سوءُ الظنِ وحسنِهِ ، سوءُ الظنِ واردٌ في كلِ مَوردٍ لا محالةَ ، ولو عُدنا إلى مَعنى ( سوءِ الظنِ ) فَهوَ إعتقادُ جانبِ الشرِ وترجيحهُ على جانبِ الخيرِ فيما يَحتَملُ الأمرينَ مَعاً فالظنُ تُهمَةٌ تَقعُ في القلبِ بلا دليلٍ وتنتهي بوصفِ الشخصِ المُتَهمِ بما يَسوؤوهُ من القبائحِ بُهتاناً وزوراً دونَ دليلٍ أو برهانٍ ، ولسوءِ الظنِ وحسنهِ آثارُ في قلبِ المؤمنِ ، و في سلوكهِ فالمؤمنُ يَحتاجُ إلى حُسنِ ظنٍ بالآخرينَ ... و كلُ إنسانٍ مُبتَلى ، إما إبتلاءٌ خارجيٌ ، أو إبتلاءٌ من نفسهِ ،
الإبتلاءُ الخارجيُ : هوَ المتعارَفُ عليهِ إما فَقدُ شَخصٍ عَزيزٍ ، أو غَيرها من الإبتلائاتِ الدنويةِ
الأخرى ، أما الإبتلاءُ الآخرُ فهو ؛ من نَفسهِ ، أي أنَّ الإنسانَ يبتلى نفسه بنفسه ، كيف !! كيف يبلتي الإنسان نفسه بنفسه ؟؟ من خلال سوء الظن ...
ظن السوء هو أحد أعظم الآفات ، وكم من كلام قد أُدُعِىَ أنه حقيقة ، وهو مبني على سوء الظن ، وإن تمركز سوء الظن في قلوبنا ؛ فسيبنى عليه ما يبنى من الحقائق المدعية ...
أحياناً يكون سوء الظن كسحابةٍ عابرة تمر لحظة ولتنتهي بعد ذلك ، ومرة يستقر في قلبك إلى أن تسيئ الظن بكل من حولك ...
لكل كلام وجهين ، وعلينا أن نحمله على
( محملٍ حسنٍ ) ...
ويقول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
- ٣٤ -
( ضع أمرَ أخيكَ على أحسنه ) ....
( إياك أن تسيئ الظن فإن سوء الظن يُفسِدُ العبادةَ وَّ يُعَظِّمُ الوِّزرَ ) ....
( آفةُ الدينِ سوءُ الظنِ ) .....
( سوءُ الظنِ يفسد الإمورَ ويبعثُ الشرور َ ) .
( سوءُ الظنِ بالمحسنِ شرُ الإثمِ وأقبَحَ الظُلمِ ) .
الظن إرتياب ولكلٍ إربٍ فإبعَدوا عن الريبِ ...
وفي كثيرٍ من الأحيان لايفهم الآخرون كلامنا ويظنونَ به أسوءَ الظنونِ ، ويفسرونهُ حسب نواياهم ، حتى في السلام فإن ، القيتَ السلام
ولم يُجب أو أجابَ بفتورٍ أو إستعجالٍ فلا تسئ الظن وتقل : فلان هكذا وهكذا ولموقفٍ سابقٍ لا يزال يذكرهُ ووو .... ، بل إختلق له الإعذار وإنسج له في مخيلتك عله لم يسمع أو كان يفكر في أمرٍ هامٍ فأجابَ بإستعجالٍ أو أو أو .... ، وفي أبسط الأمورِ والمواقفِ يردُ سوءُ الظنِ والفهمِ بينَ : الأختينِ ، و الأخوينِ ، و بينَ الإصدقاء ، و حتى بين المدرسينَ و الطلابِ ، يطرحُ التلميذُ سؤالاً فيظنهُ الإستاذُ تحدياً أو إختباراً ولا يقصدُ التلميذُ بهِ شيئاً ، ويعتقدُ المعلمُ بأنه يستفزهُ أو يقللُ من قيمتهِ إلى آخره ..... أو بين الإقرباء فحين يرى العم ما يعيبُ بأبنِ أخيه وينصحه من باب الحرص لا أكثر فعلى أبن الأخ أن يسرَّ لإن عمه يريد له الأفضل ومن الرائع أن ينتبه علينا الأخرون ثم
ينصحوننا فهذا دليل إهتمامهم بنا ويريدون لنا الإفضل فعلينا ألا نسيئ الظن ونقول ما لم يصح ......
احبتي رفقاً بنواياكم فإنَ سوءَ الظنِ خصلةً سيئةً ، وحصيلتها أسوء .....
قالَ الله تعالى في محكم كتابه الكريم :
﴿ ﷽ ﴾{ يَا أيُها الَذينَ آمَنُواْ إِجتَنِبواْ كَثِيرَاً مِنَ الظَنِ إِنِّ بَعضَ الظَنِ إِثمٌۖ ولا تَجَسسَوۡاْ ولا يَغتَبْ بَعضُكُم بَعضاً أَيُحِبُ أحَدَكُم أَنْ يَأكُلَ لَحمَ أَخيهِ مَيتَاً فَكَرِهتمُوهُ .... } ....
فالنفسر الآية بشكل مبسط معاً :
ثلاثاً :
١ - إجتنبوا ( فعل إمر يدل على الإمتناع ) كثيراً من الظنِ إن بعض الظن إثم .
٢ - ( ولا تجسسوا ) .
٣ - ( ولا يغتب بعضكم بعضاً ) .
فالنعتبره سلماً يتكون من ثلاث درجات : الدرجة الأولى ( ظن الأثم ) حينما نظن السوء سنحاول إثبات ما ظنناه و نتحرى هل ما ظنناه صحيح ؟؟
فسوف ننتقل إلى التجسس لنعلم
( الدرجة الثانية ) ولا تجسسوا
وحين التجسس وطرح الظنون سنغتاب من نتحدث عنه ( الدرجة الثالثة )
ولا يغتب بعضكم بعضاً ..
وأساس كل هذا هو ظَنُ السوء ؛
فالنبتعد عنه أخواتي ......
(( مقتطفاتٌ شِعريةٌ ))سَوفَ أسردُ هنا بعضَ المقتطفاتِ الشعريةِ والخواطرِ النثريةِ ، أي بعضٌ مما إستهواني وألهَمني ...
من روائعِ ما قيلَ في الشَوقِ :
ألَا هل لِأشواقِي إليكِ سَبِيلُ؟
وهل لِاشتِعَالِي في هواكِ مَثِيلُ؟
يَقولونَ: لوْ يَهوَى لسَالتْ دُموعُهُ
ولكِنَّها بينَ الضُّلوعِ تَسِيلُ!
- عبد الواحد عبد الرازق ..
وإنّي أَهيمُ شَوقًا إنْ مرّرتَ بِخاطِري