ست.

121 19 17
                                    


"ما هو حلمكَ جيمين؟"

سألَت مَن تستلقي على ظهرها وتوسّدت ذراعيها المتاشبكَين تحت رأسها على رمال الشاطئ كحال المعنيّ بالحديث جوارها..

يتأمّل النجوم كما تفعل هي ليجيب:

"أن أكونَ مغنّيًا مشهورًا، أن يُصبح سحر الناس بالنّجوم هيّنًا أمام ولَعهم بصوتي حينما أغنّي.. أن أُصبح رجلًا يُريده العالَم كلّه."

نظرَت إليه لتسأل:

"أيمكنكَ غناء شيءٍ لي؟"

نظرَ لها بعينَين برغم انطفاء الحياة بهما ظهرتا لامعَتَين لينظر للسماء مجددًا وسمعَته يهمهم قبل أن يغنّي بنبرةٍ لشدّة عذوبتها شعرَ البحرُ أمامه بالخزي لكونه مالحًا..

"Angel, don't fly so close to me,
I'm what you want not what you need..
You don't wanna lose those wings,
People like me break beautiful things."

-"أيّها الملاك، لا تطير بالقرب مني،
أنا ما تُريد، ليس ما تحتاج..
أنتَ لا تريد خسارة هذه الأجنحة،
فالناس أمثالي يكسرون الأشياء الجميلة."-

لم يُطِل في الغناء إلّا أنّ فؤادها كان يتخبّط داخلها وكأنّه يحاول حفرَ مخرجٍ من صدرها ليفرّ هاربًا إليه..

يُريد أن يربّت على عينيه الذابلتين ويطبع قبلةً دافئة على كلّ منهما علّ الحزن الساكن فيهما يتطاير مُبعثرًا بين نسمات الهواء..

"صوتكَ أجمل ما قد سمعته أذناي طوال حياتي جيمين."

لم يعقّب وكأنّه اعتاد سماع هذا، لطالَما أدركَ منذ صغره أنّ صوته جميل، لم ينتظر سماعَ مدح أحدهم، يكفيه ثقته بذاته وبنبرةِ صوته..

"لا تتخلّ عن حُلمِكَ أبدًا، أنت تستحق النجاح."

قالت بعد صمتٍ دام لبُرهةٍ ليتنهد هو قائلًا بابتسامةٍ مريرة:

"بعضُ الأحلامِ قُدّرَ لها أن تبقى أحلامًا هيفرون."

"بل الأحلامُ وُجدَت لتُصبح واقعًا جيمين."

ابتسامة ساخرة رُسمَت على شفتيه قبل أن يجيب:

"لا أملكُ تلكَ الرفاهية لأركض وراء أحلامي هيف."

شعُرت بغُصّةٍ تقبض على قلبها حين سماعِها لهذا اللقب وعقدَت حاجبيها حينما داهمَتها ذكرياتٌ مشوشة لا يتضح منها شيء..

فقط صورٌ متقطّعة لفتاةٍ بزيّ مدرسيّ تجلس على ذات الشاطئ برفقة شخصٍ لم تتمكّن من تبيّن هيئته، لا تعرف حتى إن كانَ صبيًا أم فتاة..

الغريب في الأمر أنّ ضحكات الفتاة برفقة ذاكَ الشخص تصدح منافسةً صوت الأمواج، والأغرب أنّ تلكَ الفتاة كانَت في الحقيقة هي..

إنها ذات اللّمحة التي تداهم أحلامها عُنوةً قبل أن يتحوّل الحلم بأكمله إلى كابوسٍ مرعب يؤرق ليلها واعتاد جعل حياتها جحيمًا..

نهضَت جالسة تُمسك برأسها إثر الألم الحاد الذي داهمها ليجلس هو الآخر سائلًا:

"هل أنتِ بخير؟ ماذا حدث؟"

حركَت رأيها يمينًا ويسارًا ثمّ أجابَت بنبرةٍ متألمة:

"لا أعلم، هذا اللقب.. أنا أمقته."

لطالَما سمعته في أسوأ كوابيسها، لا تعلَم مَن يناديها به، لكنّه يؤلم قلبها بشدة..

"لم أقصد، أنا أعتذر حقًا.."

قال عاقدًا حاجبيه ليربّت على ظهرها لبعض الوقت حتى هدأ الألم برأسها لتتنهد براحة قبل أن يسأل:

"هل أنتِ بخير الآن؟"

أومأت برأسها مؤكدة قبل أن تجيب:

"أجل، لا تقلق."

"لا بأس عليكِ، كلّ شيء سيكون بخير."

قال بنبرةٍ دافئة بينما يمسّد على خصلاتها المموّجة بهدوء وكأنّها هي الأصغر سنًا هنا..

أغمضَت عينيها تشعر بالراحة تسري في أوصالِها فورَ سماعها لحديثه الهادئ وشعورها بلمساته الدافئة..

كانت دائمًا ما تشعر بالنّفور من الجميع حينما يداعبون خصلاتها، حتى حبيبها السابق كانت ترفض لمساته لخصلاتها..

لكن الآن، تودّ من الجالس جوارها أن يمرر يديه الدافئتين على خصلاتها إلى الأبد..

أهذا هو ما يشعر به الشخص تجاه أصدقائه دائمًا؟ أن يكونَ كلّ ما قد حُرّم على الجميع مُباحًا لهم؟!

ربّما..

---------------------------------------------------------

---------------------------------------------------------

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
لَـيـلـةٌ لا قـمَـر لَـهـا. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن