ثمانِ.

113 20 41
                                    


تجلس على الشاطئ وحدها، تنتظر قدومه إلّا أنّه لم يأتِ كحاله منذ ما يقرب للأسبوع..

تأتِ وترحل دون أن يجلس جوارها حتى يتحدثان بعشوائية في مختلف الأمور..

نهضَت بعد أن أخذَت قرارها في الذهاب إلى منزله، تشعر بالقلق من أن يكونَ قد تعرض للتعنيف من قِبَل والده مجددًا..

لذا مضَت في طريقها عازمةً على إبلاغ الشرطة إن وجدَته قد تأذى حقًا..

لا تعرف عنوان منزله لذا تسأل الناس في الطريق عن منزل جدة شابٍ يُدعى بجيمين..

نظراتهم لها يملؤها الاستنكار وربّما بعض التعجّب، وهي لم تنزعج حقًا فهي تُعتبر غريبة عن البلدة التي تركتها منذ عشرة أعوام..

وصلَت إلى المنزل الذي قد تمّ وصفه لها لتقف أمامه تأخذ نفسًا عميقًا قبل أن تطرق الباب..

فُتحَ لترى فتاةً في سنّ العشرين ربّما لتظنّ أنها في المنزل الخاطئ لذا سألت:

"أعتذر، أليسَ هذا منزل جدة جيمين؟"

عقدَت الفتاة حاجبيها لتتفقدها جيدًا بنظراتها قبل أن تسأل:

"ولِمَ تسألين عن جدتي؟"

"هل أنتِ أخت جيمين؟!"

حركَت الفتاة رأسها نافيةً ولا زالَ حاجبيها معقودين، فهي لا تعلَم من هذه الفتاة، ولِمَ تسأل عن جيمين الآن؟!

سمحَت لها بالدخول دون تعقيب، دلَفت لغرفة المعيشة لتجلس هناك قبل أن تقول الفتاة بتهذيب:

"سأنادي على جدتي، أترغبين في شُربِ شيء؟"

حركَت الأخرى رأسها نافية لتدلف الفتاة إلى الداخل كي تنادي على جدتها..

لا زالَت تشعر بالقلق وتنتقل عيناها إلى بُقع مختلفة من الغرفة كعادتها لتقع على شيءٍ بعينه على إحدى الطاولات أمامها..

نهضَت لتتأكد مما رأته قبل أن تتسارع أنفاسها لتسرع إلى خارج المنزل محاولةً التقاط أنفاسها..

كيفَ يُمكن لهذا أن يحدث؟!

--------------

بعدَ يومين بالمساء تجلس على الشاطئ ولا زال عقلها عالقًا في تلكَ اللحظة بمنزل جدته..

شعرَت به يجلس جوارها ولم تنظر إليه حتى..

"هل اشتقتِ لي أيّتها العجوز؟"

سأل لتنظر إليه بنظرةٍ ذات مقصد سائلة:

"لِمَ كذبت؟"

أغمض عينيه متنهدًا، لقد عرفَت..

نظر إلى البحر أمامه قائلًا:

"لم أكذب، أنتِ مَن لم تسأليني."

ابتسامة ساخرة رسمتها شفتاها قبل أن تنظر للبحر هي الأخرى قائلة:

"أنت محق، أنا لم أسأل.. "

ساد الصمت لثوانٍ بينما فضّل البحر أن يكون ثائرًا في هذه اللحظة..

"لكن كما تعلَم جيمين، ليسَ من المعتاد أن أسأل شخصًا إن كانَ على قيد الحياة أم قد وافَته المنيّة بالفعل.. "

قالت بينما تتذكّر صورته المُزيّنة زاويتها بشريطٍ أسود والتي سبقَ ورأَتها على الطاولة في منزل جدته..

لا تعلَم حتى لِمَ لا تشعر بالخوف منه، مَن يقبع جوارها الآن ليس بشرًا، ربّما روحٌ شاردة وربما شبحٌ لا يعرف للرحمة سبيل، لكنها لا تأبه.. لا زالَت تشعر بالراحة جواره..

نظرَ إليها متأمّلًا محياها المُغلّف بالجمود ليرسم على شفتيه ابتسامةً مريرة قبل أن يقول:

"لا يمكنكِ التذكّر بعد.. أليسَ كذلك؟"

"تذكّر ماذا؟"

سألت بينما تنظر إليه عاقدةً حاجبيها ليحاول ترتيب خصلاتها التي بعثَرها الهواء قبل أن يجيب بابتسامةٍ هادئة:

"عودي إلى هنا حينما تتذكّرين هيفرون، سأنتظركِ."

نهضَ ليسير مبتعدًا حتى اختفى طيفه بين ثنايا الظلام ولا زالَت هي مشتّتة، ما الذي عليها أن تتذكّره بالأصل؟

الكثير هيفرون، الكثير..

----------------------------------------------------------

----------------------------------------------------------

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
لَـيـلـةٌ لا قـمَـر لَـهـا. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن