مجددًا تجلس أمام طبيبها النفسي الذي يرتشف من كوب قهوته بينما يعدّل من نظارته الطبية ليسأل ناظرًا إليها:"ما بكِ؟"
قصد بسؤاله وجهها الذي تسيطر عليه ملامح الحيرة لتفيق من شرودها ناظرةً إليه..
"لا أستطيع التوقف عن التفكير بجيمين."
عقد حاجبيه بتعجّبٍ بسيط ليسأل:
"جيمين؟!"
أومأت برأسها موضحة:
"الشاب الذي حدثتُكَ عنه بالمرة السابقة."
نقلَ نظره إلى بقعٍ مختلفة من الغُرفة ليفكر قليلًا قبل أن يسأل:
"أهو ذاته بارك جيمين؟ مَن يعيش مع جدته في أول القرية؟"
"أخبرني أنه يعيش مع جدته، أجل، هل تعرفه؟"
سألت ليفلت ثغره ضحكة خافتة قبل أن يرتشف من كوب قهوته مجددًا قائلًا:
"نوعًا ما، تحدثتُ معه بضع مراتٍ من قبل."
اكتفَت بإيماءة رأسها ليصمت هو منتظرًا إياها أن تفصح عمّا أرادت ولم تطل انتظاره فقالت:
"هناكَ شعورٌ غريبٌ يراودني.."
"وما هو؟"
سأل قبل أن يرتشف من كوب قهوته مجددًا ويده الأخرى تستريح على مسند الكرسيّ ونظراته لا تترك هيئتها..
"كُلّما رأيتُ ندباته، أشعرُ بسوءٍ لا أستطيع وصفه، لن تتمكّن من فَهمي.."
قالت متنهّدة لترى ابتسامة هادئة زيّنَت محياه الجميل ليجيب:
"جرّبيني."
تنهيدةٌ أخرى هي ما سُمع منها لتفكّر لبعض الوقت قبل أن تقول:
"وكأنّ هناكَ مسئولية تقع على عاتقي لحمايته.."
أومأ برأسه يحثها على الإكمال ويراقب تعابيرها بتركيزٍ دون قول شيء لتضيف:
"أتدرك شعورَ أن ترى قطّةً صغيرة عالقة على غصن شجرة، وتُسرع في الرّكض كي تلحق بها قبل أن تقع، تركض بأقصى سرعتك.."
تعقد حاجبيها وتتمركز نظراتها على بُقعةٍ بعينها في الأرض وكأنّها ترى المشهد الذي تصفه أمام عينيها وأضافَت:
"وحينما توشك على الوصول تتعثّر في صخرةٍ ما لتقع على الأرض، وقبل أن تتمكن من النهوض مجددًا، بل قبل أن ترفع رأسكَ حتى.. تسمع صوتَ اصطدامها بالأرض لتعلم أنّها قضَت نحبَها."
ظهرَت تعابيره الآسفة لتُكمل:
"تستمرّ في لومِ ذاتكَ على تأخيرك، لو أنّكَ رأيتها لدقيقةٍ أبكَر!! لو أنّكَ لم تتعثّر فقط!! ولا تفكّر أبدًا في لومِ تلكَ الصخرة التي كانت سببًا في سقوطك."
"هذا ما تشعرينَ به إذًا كُلّما رأيتِ ندباته؟ وكأنّكِ فشلتِ في حمايته؟"
سأل لتومئ برأسها بحيرة قبل أن تقول وكأنّها تحدث ذاتها:
"لكن لِمَ لأشعرُ بهذا؟ أنا بالكاد أعرفه!!"
رنّ الجرس الموضوع على الطاولة ليُعلن عن نهاية جلستها لهذا الأسبوع..
زفرَت بضيق، هذه المرة الأولى التي لم تشعر فيها بالرغبة لانتهاء جلستها، تود العثور على إجابة للمشاعر الغريبة التي تخالجها كلما خطر جيمين على بالها..
أمسكَت بهاتفها لتستعد للرحيل بفتور قبل أن يقف هو أمامها ليمدّ يده إليها قائلًا:
"لنسيرَ سويًا.."
نظرَت إلى كفه المبسوط ثمّ إليه مجددًا سائلة بسخرية:
"هل من المقبول أن يخرج الطبيب مع حالتِه متشابكي الأيدي؟"
ابتسم بهدوءٍ مغمضًا عينيه كعادته حين يرسم بسمته ثم نظر إليها مجيبًا:
"انتهَت جلستُنا هيفرون.. الآن أنا كيم سوكجين، الذي لم تكُن لديه الجرأة ليطلب المواعدة من الفتاة التي يكنّ المشاعر لها لذا اكتفى بمساعدتها في الواجبات الدراسية.."
انحنى قليلًا ليُكمل بنبرته الهادئة:
"والآن هو لا يريد إضاعة هذه الفرصة من بين يديه ثانيةً."
ابتسمَت بخفّة لتنظر إلى كفه الذي لا زال ينتظر قبولها أو رفضها لمبادرته لتضع يدها على راحة يده ثم أحكم قبضته عليها متجهان للخارج..
يعلم أنّها لا تريد الرحيل بعد، هناكَ الكثير من الأسئلة التي تشغل بالها وتؤرق سلامها وللأسف ليسَ هو مَن يحمل الإجابة، لكن يمكنه الاستماع إليها، وهذا ما تحتاجه هي للآن..
----------------------------------------------------------
أنت تقرأ
لَـيـلـةٌ لا قـمَـر لَـهـا.
Fanfiction"كانَ شعورًا أعمق من الحبّ، كرابطٍ متين ليسَ من السهل قطعه، وكأنّ بيننا ميثاقًا لا يُنقَض.." رفعَت عينيها ناظرةً إليه لتُضيف كلمةً واحدة: "كالصّداقة." _بارك جيمين. _كيم هيفرون.