الفصل الأول

201 9 4
                                    

الفصل الأول
أعتقدتهُ مُحِبًا
ڪ/مــلـڪ وائــل وحـيـد ⊁.

-" هنتقابل تاني اكيد وهتيجي اسكندرية مِش كدا.؟"

نطق بها رجلً فى عقده الثالث وهو يُطالع الفتاة أمامهِ بحُزن بالغ ارتسم على ملامحهُ لترتسم ابتسامة رقيقة على شفتيها وتقول بتأكيد:
-"اكيد طبعاً، أنا بس محتاجه امشي عشان القطر هيفوتني" .

نظر حوله ليجد أن المحطه مزدحمة..تردد قليلاً ثم حسم قراره وقال قبل ان يأخذ الفتاة لأعناقه وهو يحتضنها بقوة:
-"أريام بجد هتوحشيني واكيد هنتلاقى تاني"

صُدمت مِن فعلته ولكن شُل لسانها عن التحدث حتي ابتعد عنها  وقد تلألأت العِبرات في مقلتاه وهو ينظر بعيدًا للا شيء حتي لا يبكي .. لاحظت «أريام» حالته لتمد يدها وهي تربت على ذراعه وتقول :
-"هون عليك هما شوية وهرجع تاني إن شاءالله"

أبتسمت له لتودعهُ وهي تحاول عدم البُكاء فلقد صار جزءً لا يتجزء منها لا تستطيع فراقه ولكن لسنا نحن من نخلق أقدارنا.

-قبل أشهر-

كانت تطالعهُ بدهشة غير مستوعبة ما يقول..حاولت أن تبتسم ظنًا مِنها أنه يمازحها او ما شابه لكن ملامحه ونبرته كانت تثبت عكس ذلك..

تنهد الواقف أمامها يحاول تهدأة أعصابه وهو يقول بهدوء مصتنع:
-" أريام.. أنتي عارفه اني مكنتش بحبك وكنت بتخطي بيكي علاقة ليا قديمة وانا صارحتك وكنت صريح معاكي من البداية"

صرخت  عدة ثواني ليسمع صوتها المرتجف يردف مرة آخرى:
-" انا حبيتك يا معاذ وعمري ما عملت حاجه تزعلك حتى دا احنا فرحنا الشهر الجاي!..انت مستوعب انت بتقول ايه؟؟"

نظر لها ليجدها بدأت بالبكاء بصمت تتساقط العِبرات من مقلتاها لتتسابق فى النزول على وجنتها..حاول ان يتكلم لكي يبرر موقفه عساها تتفهم:
-"بس انا لسا بحبها يا أريام ..انا لسا بحب سارة، مش عايز اظلمك معايا..انسيني وعيشي حياتك وهاتي العيب مني أنا وربنا يرزقك بحد يستاهلك"

ابتسمت نصف ابتسامه بستهزاء وقالت بسخرية:
-"هعرف انساك وانا كل يوم بشوفك قدامي والبلكونه قدام البلكونه؟..ولا هعرف انسي الـ عشر سنين اللي كنت بحبك فيهم؟..هنسي ازاي وانت حسستني اني مش كفاية وكانت كل مشاعرك اللي قبل كدا كلها كدب؟؟..معاذ انت اوسخ حد انا قابلتو فى حياتي عمري ما كنت اتخيل انك كدا أنا بكرهك من كل قلبي .."

نظرت ليديها على اصبعها الذي يعانق دبلتهُ وخلعتها بعنف لترفع نظرها اليه وتلقيها فى وجهه :
-" وادي دبلتك اهي مش عايزة اي حاجه تفكرني بيك وبكذبك " وانصرفت من أمامه باكيه.

*****

-"أنا فركشت أنا ومعاذ"

انتبه الجميع لصاحبة الصوت وعلى وجوههم تجسدت الصدمة والغضب .. اشتعل أخاها مِن الغضب وقال بعصبية احتلته:
-"وفركشتي ليه يا هانم؟"

جلست أريام بهدوء أمامهم وهي تدعي الثبات وأردفت:
-"هو بيحن لخطيبتو القديمة وعايز يفركش هغصبو عليا يعني؟"

اشتعل الآخر غضبًا من برودها برغم أنه يعرف انها تعشقه ليست تحبه فقط ليقول بأنفعال:
-"انتو فرحكو الشهر الجاي انتي عارفه الناس هتقول عليكي ايه؟؟.. وبعدين فوقي انتي تمنية وعشرين سنة فاكرة ان لسا العمر قدامك عشان تلاقي عريس عِدل؟"

اخترقت كلمات أخاها قلبها تمزقه تمزيقاً ولكنها كعادتها..ادعت الثبات وقامت مِن مكانها متجهة نحو غرفتها تسير بخطوات سريعة وتقول:
-"أنا مش هغصب حد عليا ولما تبقي أنت اللي بتصرف عليا يا عليّ ابقي اتكلم اعنس او لاء كول ما ابوك عايش ملكش كلمة عليا فاهم!..محموق اوي كدا وخايف من كلام الناس روح اتفاهم معاه وشوفه ساب ليه".

ثم ولجت لغرفتها تغلق الباب وراءها بقوة.

*****

مر شهر عليها تصارع الآمها وهي تراه تقدم لخطبة حبيبتهُ الأولى متناسيًا أياها كأنها لم تكن.
شهر مر وهو يحمل كل بكائها المكتوم وسوادً احتل تحت عينيها يشهد على قلة نومها..لن تتعافي
كأنه مرض لعين وعلاجهُ الوحيد قربه..كأنهُ ورم يتضخم كلما زادت أيام فراقهما..مرض حبهُ لا علاج منه الا اليه فكيف تعيده اليها وهو اصبح يتغازل ويحب بغيرها..

يريدها ان تنسي حبهُ وكأنه لم يخلق بداخلها منذ ان كانت مراهقة تلهو وتحلم به وحينما اصبح حبه حقيقة ويكاد يصبح لها تصفع بصفعة مؤلمه بأن قلبه ينبض لأخرى!.

لن تتعافي.. ولكنها ستبتعد عنه وعن ذكرياتهما معاً..ستبتعد عن بؤرة المرض ..

*****

حل الليل ولكن النوم لم يزورها .. قامت مِن فراشها وهي تشد سترتها حتى تقف فى شرفتها تستنشق هواء نقي وتصفى ذهنها..السماء خالية من القمر تشبه حياتها بدونه نظرت لشرفته المتواجده أمامها لتجده ومن غيره سارق تفكيرها ومُعذب فؤادها معاذ يقف وعلي وجهه ابتسامة تحبها ولكنه لا يبتسم لها بالتأكيد ..شعرت بالغيرة تفتت قلبها وتشعله، بالتأكيد يحدثها ويتغازل بها ويتبادلون كلمات الحب التي كانت تقال لي!

حجبت دموعها عنها الرؤية لتدخل لغرفتها وتلعن الدقيقة التي فكرت بها ان تدخل الشرفة والدقيقة التي ولد بها وتقدم لها..

خرجت لغرفة المعيشة لتجد والدها أنهي قيام الليل الذي مثابر عليه ليبتسم فور رؤيتها ويقول بود:
-" تعالي يا حبيبتي ايه اللي مصحيكي لحد دلوقتي"

تقدمت «أريام» لتجلس بجانب والدها وتقول بحزن:
-"يا بابا مش عارفه انام ..بابا انا محتاجه اتعافي بجد انا لحد دلوقتي مش مستوعبة"

ختمت جملتها ببكاء شديد ليأخذها «أحمد» والدها فى احضانه ويربت عليها بحنان..

وبعد عدة دقائق هدأت أريام واردفت بحزم بعدما ايقنت ان بقاءها أمامه لن يجعلها تتناساه مثلما ظنت لتنظر لوالدها يترجي وهي تقول:
-" بابا..ساعدني انساه بابا انا عايزة اسافر اقعد فـى بيتنا اللي فى اسكندرية لحد أما ابقي كويسة ارجوك مترفضش انا بموت بالحيا هنا! "

*****

أعتقدتهُ مُحِبًاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن