التطهير الأحمر

38 11 12
                                    

"لَسْتُ بِحَاجَةٍ إِلَى مُسَدَّس مُرَخِّص ومحامي جَيِّد، فَالْأَرْض أَرْضِي والقوانين قوانيني."


صقلية - أيطاليا

توقفت السيارة السوداء عند منزل أسرة أيكاروس، وسريعاً نزل الحراس لفتح الباب بينما الأخرين أحاطوا سيدتهم فور نزولها، جذبت أنظار بعض الظيوف الواصلين حديثاً عند البوابة واخذوا يتهامسون -من تكون؟- فُستان أسود بفتحة جانبيه طويلة تظهر سيقانها الممشوقة مكشوف الكتفين وقلادة ألماسية كبيرة تحيط رقبتها تتوسط نهديها مع أقراط تماثلها، شعر أشقر مصفف للأعلى بزينه فضية حاوية على حجر أزرق متناسق مع زرقة عينيها وكحل أسود يحيط عينيها يعطيها نظرة واسعة مع أحمر شفاة دموي..

لم تكن مهتمه للهمسات من حولها ولم تكترث لتفسير العيون التي أزدرت منها عندما عرفوا هويتها، ما يهمها أنها عادت الى مسقط رأسها بطلب خاص من جدها لحظور حفل الزفاف هذا.. لحظه حتى شعرت بجسده أمامها يخفيها عن عيونهم، أشار لها بمرفقة وهي أومأت له بأبتسامه متأبطه جانبه الأيسر.. أن كان هناك شيء هي محضوضة به الأن فهو وجود سلڤا الى جانبها، الجدار الحامي والصامت الذي يخفي الكثير.. دائما ما يقال أن داخل الهادئين أشياء لا تهدئ وسلڤا كان مثالاً لذلك..

صعدوا الدرجات معاً حتى ظهرت أمامهم طقوس الزواج الأيطالي.. الموسيقى كانت ترتفع في الارجاء والالعاب الناريه في السماء تجعل الغرباء يعلموا بأن هناك عرسا فخما هو ما يقام هنا.. كل اصناف الطعام على الطاولات، انواع الشراب المعتق القديم، الذهب يلمع في رقاب السيدات وتصاميم بدل عصريه لأشهر المصممين الايطاليين بل وحول العالم ومن بين كل اولئك الحضور كان يقف ال باتشينو حاملاً كأسه محاطاً برجالة من الحظور مستعداً لأستقبال حفيدته متجاهلاً كل العيون التي كانت تحدق فيها في ظهورها الاول..

رفعت رأسها بشموخ عندما وقع بصرها على جدها يقف بلا عكازة يخبر الجميع أن لا حاجه لها الليلة فسنده ها هنا..

سارت بخطوات ثابته رفقة سلڤا الذي أحنا رأسه بأحترام ما أن واجهوا الزعيم الذي بدورة رفع يده لحفيدته.. رفعت أيڤ يدها ممسكه يد جدها.. أمام الجميع وتحت مرئاهم جميعاً رفع يد حفيدته مقبلها مبتسماً جاعلاً شهقات تتعالا من بين الحضور وأخرين كسروا كؤوس شرابهم رافضين ما يحدث ولكن آل باتشينو لم يهتم، فمن أمامه هي سليلته وسيدتهم وأن لن يعترفوا فالدم سيثبت ذلك..

وقف مع حفيدته في الحديقة الأماميه لقصر أيكاروس حيث الحفل أقيم.. صمت طويلا بعدها رفع انظاره الى الحضور، تلك العيون التي تراقب عجوزاً.. تنتظر الانقضاض على فريسه هرمه!.

"أَنَّ مَا يَحْكُمُ المافيا الايطاليه هُو الصَّمْت، الصَّمْت الْمُطْلَقِ عَنْ كُلِّ مَا يُحِيطُ بِنَا وَمَن يَتَجَرَّأ ويشي كَاشِفًا عَنْ أَيِّ أَسْرَار تَخُصّ عَمِلْنَا فسيلقى الْمَوْت مَصِيرَه.. لَيْسَ هَذَا فَقَطْ بَلْ قَدْ يُطَال أَسَرْتُه وَعَشِيرَتِه باكملها لِهَذَا لَا أَحَدَ يَلْعَب هُنَا بِذَيْلِه، الْجِرْذَان يَبْقَى مَكَانَهَا الْمَجَارِي وَالسَّادَة يَكُون مَكَانِهِم عَلَى العروش، قانوناً ثَابِتٌ لَا يَتَزَحْزَح.."

زاهاك - ZAHAKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن