رفع رأسه وهو يحدق بها بصمت، وهذه المرة نظراته لم تكن حادة لم تكن غاضبة بل كانت باردة، برود جبال سيبيريا في شتاء روسيا المجمد، جعل هذا قشعريرة تمر على طول عمودها الفقري، احست بالندم قليلاً، وارادت سؤاله، ارادت سؤاله للمرة الثانية، "لما؟" ، لما هم على هذا الحال؟، هم يحبان بعضهما، والامر واضح وضوح الشمس، لكن.. اخطاء الماضي ربما تتكر..ومن يُخطأُ مرة، يُخطأ الف مرة، رؤيتها له بهذا القدر من البرود التي ربما تفهم ما خلفه جعلها تفكر للحظة، للحظة فقط ان تنهي كل شيء وتعاود التمسك به مرة اخرى، هي تتردد مجدداً، كلا، هذا غير مُغتَفر، لا يجب عليها ذلك، عليها الوفاء بوعدها، لا يمكن، هي فقط ستنتقم منه، نعم، ستجعله يركع ليكون تَحتَ غُفرَانِها، هي وعدت بذلك..
قاطع تفكيرها، صوته البارد، يقول بهدوء شديد..
"هنالك مفتاح معلق في المطبخ، خذيه"نهض بهدوء، فقالت؛
"اين؟"رفع حاجبه واضعاً يديه في جيوب بنطاله الرسمي.. كأنه يقول "وما شأنكِ انتِ؟"..
فقالت ؛
"لم انهي جداليّ بعد"رآها تضع يداً خلف رقبتها فعلم انها متوترة، علامات الحياة التي زينت وجنتيها جعلته ربما يستنتج الذي ستفعله تالياً.. تقدمت منه..قطعت مسافة المترين الفاصلة بينهم.. بكعبها رفعت قدميها تحاول الوصول لمستواه..وتحدثت بهمس تقرب شفتيها من شفتيه حتى كادت تتلاسم تقريباً ؛
"بما اننا وصلنا عند هذه النقطة..هل ليّ.. فعلُ ذلك للمرة الاخيرة.. رُبما؟""..ليست بالاخيرة..اعدك."
كلماته الاخيرة؟ هاه؟ اخيرة؟.. لا توقفِ فقط عن قول اخيرة وتباً لعقلك وقلبك العاهرين للمرة الالف بعد المليون..
ولانهما يقبلان، شعرت انها تريد من الوقت ان يتوقف، احبت كيف ان ديفيد اخذ التحكم بالامر، يضع يده على خصرها بينما الأخرى تمسك بفكها تقربها منه، لكن هنالك شيء مختلف.. نعم هي لاحظت.. ديفيد ليس على عادته اليوم وهذا أكد لها لأنه لم يبدأ بفعل شيء غير شرعي حتى الآن، بصريح العبارة لم يدخل يده تحت فستانها الضيق من الاساس، لنربط الأحداث، "شربت اليوم ما يكفي لاكون شبه ثمل" وللمعلومية ديفيد لا يحب الشرب في الفترة الأخيرة، "لن اتزوجها ابداً عمي!"، "كينغز يلعبون بقذارة في الساحة" ، "انتِ التي اصبحتِ عديمة المشاعر هنا"، ديفيد لا يتصرف هكذا الا ان حدث وتواجد اشخاص معدودين او ان كان يمر بمشاكل ما.. هي تعلم بالفعل انه كذلك.. عانا ديفيد من طفولة صعبة، رغم كونه غنياً يملك اشياء لا يملكها الاخرين،إلا انه احس بالنقص والضعف كلما عاد للمنزل، ليست هنالك عائلة تحتضنه منذ ان كان في مرحلة الحضانة اتتخيلون! امه التي وهي امه لم تحاول ابداً النظر إليه حتى ورمته كأنه قطعة من القمامة للمربية التي كانت كبيرةً في السن والتي توفيت وهو في رابع سنة له فالمرحلة الابتدائية، وبحجة انه ذكر والذكر يفترض ان يكون رجل وهو كبر الآن لم يكلفوا نفسهم عناء احضار على الأقل مربية اخرى تهتم بامره.. لديه اِخَوَان وما فائدتهم؟ هم اخوة بالاسم فقط.. وفي منزله اللعين كل شخص له حياته الخاصة ولا يحق لاحد النظر لاحد لم يتلقى الحب لمرة واحدة منهم ابداً.. والده توفي وهو في الرابعه عشر من عمره بسبب سرطان الغدد اللمفاوية من مرحلته الرابعة، لا فائده منه ايضاً كان فقط مشغولاً طوال الوقت حتى شكو انه يعيش في شركته وان حدث وتفرغ يأخذ ديفيد معه لأحد الافرع ويعلمه الا ان اصابه السرطان ولم يجدوا علاج له فضل يعاني حتى توفي.. وصيته كانت ان يأخذ ديفيد ورثه منه بسبب كفاءته وياخذ الباقي نسبة 30% من المستحقات فقط لذلك يمكننا القول لا فائده من اخيه و عمه وامه وحتى اخته.. كلهم نفس الشيء..
أنت تقرأ
تحتَ الغُفران.
Romance"جولتنا الثانية بَدأت.. عدتُ إليكَ انتقاماً لي..فإما أن تتغلب علي وأكونُ ضحيتكَ مجدداً، وإما العكس عزيزي روكِفلر.." الرواية الأولى لسلسة "ثمنٌ مَدفوعٌ"..تجنباً للحرق تقرأ اولاً. _________ الرواية مكتملة وتحت التعديل..