" سمو الأمير "
انتبه لحضوري ، فالتفت نحوي .
كان وجهه يبدو مهموما .
فقلت
" ما لك ؟ أهناك ما يقلقك ؟"
مسح بكفيه وجهه ، و أومأ بصمت .
" ما الأمر ؟ أخبرني ، لعلي أساعدك "
قلت بعدما جلست مقابله ، إذ أنني كنت أقف جواره بينما هو يجلس على الكرسي المتواجد بالحديقة .
كان هذا مكاني المفضل ، و يبدو أن العدوى أصابته .
" ليس بشيء مهم ، لا عليك "
استنكرت قوله
فأردفت
" ليس مهما ؟ إذا لم كانت إمارات الهم مرتسمة على وجهك ؟
هز رأسه دون إجابة .
فقررت أن أحترم قراره .
و لم أسأله، لكنني قلت أيضا
" في الإسلام .."
و قبل أن أسترسل حديثي ، رأيت كيف التفت يصب اهتمامه على ما سأقوله
"أخبريني ، ماذا في الإسلام ؟"
سأل هو ، يبدو و كأنه يتوق لسماع شيء يريحه .
"في الإسلام ، إن حدث أمر يعارض مشيئة العبد ، فإنه لا يحزن ، بل يحمد الله ، مدركا أن ما اختاره الله هو خير ، و ما كان يريده هو شر ، و لو رأينا ما سيحصل إن حدث ما نريده ، فإننا بلا شك سنحب أن يختار الله لنا لا نحن ، لذا هون على نفسك "
ابتسمت أرجو أن يكون كلامي قد أثر به .
و تيقنت من ذلك عند ارتسام الابتسامة على وجهه .
" حديثك يريح قلبي في كل مرة ، أ يمكنكِ قول المزيد ؟"
طلب هو ، و لبيت أنا .
" حسنا ، بإحدى المرات شاهدت مقطعا يقول فيه أحدهم - مَا بَالُ الْأَرْوَاحِ تُرْهِقُ نَفْسَهَا بِالْقَلَقِ ؟ وَ الْإِنْسَانُ فِي كَنَفِ اللهِ وَ وَدِيعَتِهِ .- المراد بهذا ، هو أنه مهما حدث ، و إن شعرت بالقلق فلن يتغير قدرك ، فلم يخاف الإنسان ، و له رب يحفظه ، رب يستجيب لدعاءه ، رب يرحمه "
صمتت ، و كان لحديثي وقعا عليه .
" لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا "
تلوت الآية قصد التخفيف عنه .
" ما قلته الآن ، أ كان قرآنا ؟"
سأل لأنني تحدثت العربية ، و هو يجيد بعضا منها ، كما أنه مطلع على القرآن .
أومأت بإيجاب على سؤاله .
فابتسم فقط .
" لسبب ما ، وقعه على قلبي كان لطيفا ، أحسست بالطمأنينة "
قال يبرر سبب تساؤله .
أومأت له مبتسمة .
" هو كذلك بالنسبة للجميع ، حتى لي "
تنهدت و نظرت للسماء، كانت صافية .
" لذا لا تقلق ، فالله سيدبر لك أمرك ، فقط ثق به و توكل عليه "
عقد حاجبيه
" لكنني لست مسلما "
ابتسمت و قد كان النقاب يخفي ذلك ، لكنه ظهر من عيناي
" تلك قصة أخرى "أمال برأسه متسائلا .
حمحمت أنظف حنجرتي لأجيب عما طرحه من سؤال ."في الإسلام ، اووه عفوا ، أقصد في القرآن "
وضعت كف يدي على فمي قبل أن أصحح ما نطقت به .
هي عادة و صعب علي إزالتها .
رأيت ابتسامة خفيفة تغزو محياه .
" في القرآن ، هناك آيات يخاطب الله فيها غير المسلمين بلطف و عطف ، فليس دائما ما يذكر لهم العذاب ، فمثلا يقول الله تعالى ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " و رحمتي وسعت كل شيء " أي أن رحمته تشمل المسلم و الكافر أيضا ، كما أنه يقول في سورة الزمر الآية الثالثة و الخمسون ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ، لا تقنطوا من رحمة الله ، إن الله يغفر الذنوب جميعا ، إنه هو الغفور الرحيم " ، و بهذا الله خاطب عباده و لم يخاطب المؤمنين أو المسلمين خاصة ، بل خاطب الجميع ، كل العباد ، و أنت عبد لله ، حتى الذين لا يؤمنون بوجود الإله ، هم عباده ، شاؤوا أو أبوا "تنفست بعمق بعد كلامي الطويل هذا .
فوجدته يناظرني بسرحان.
" سمو الأمير ؟"
أفاق من شروده حينما ناديته .
فابتسم و قد لمعت عيناه ..
" عائشة "
رمشت بتسارع ، إنها المرة الثالثة ، التي يناديني بها باسمي ، و يبدو أنه سيلقي قنبلة جديدة .
أرجو أن لا تخص الزواج .
" ربما سأصبح مسلما مثلك ، تبقى لي أن أتأكد من شيء واحد فقط ."
تنفست براحة ، الحمد لله ، لم يكن الأمر الزواج .
مهلا ! هل قال أن يصبح مسلما ؟" تتحدث بجدية ؟"
سألت غير مصدقة .
فأومأ لي إيجابا .
" بالنهاية الإسلام هو دين الحق ، و الجميع يبحث عن الحقيقة ، و أرى أنه من الغباء ترك فرصة اعتناق الإسلام ، بعدما أرسلك الله لي "
كان هذا ما قاله .
و لن أنكر شعوري بفراشات تسبح داخلي ، سعادة بما نطقه .
أ حقا أرسلني الله لإدخال أحد عباده الإسلام ؟
" و ما هو الشيء الذي تريد التأكد منه ؟"
سألته بفضول ، بما أنها يقر بأن الإسلام هو الحقيقة ، فلم لا يعتنقه الآن ؟
أمال برأسه بلطافة ، ثم ابتسم و أردف
" تلك قصة أخرى ، تعرفينها لاحقا "
كم يحب تقليد حديثي .
على أي ، الأهم اعتناقه الإسلام ، و اقتناعه به .
ثم لنعرف ما الشيء الذي يود التأكد منه .♡♡♡