زهرة القطن

5 1 3
                                    


نظرت حولها لتختار أحد الزهور لتتحدث عنها قليلاً لكن دخل أحد المشترين لتقدم على طلبية ستأخذها في وقتٍ لاحق

المشتري: هل المحل مفتوح الآن ام أتي في وقتٍ آخر؟!

هي: تفضلي ... بما أستطيع خدمتك؟

المشتري: أريد باقة من الزهور لكنني لا أعلم ما اسمها

هي: يمكنكِ أن تصفي لي تلك الزهور وسأعرفها لا تقلقي

المشتري: حسناً ... هل تعرفين نبات القطن، تلك الشجيرة التي يتم زراعتها لاستخدام الألياف والبذور ومن خلال أليافها يتم صنع قماش القطن! لذلك النبات زهرة لا أعرف اسمها ولكني أعرف أنها تعبر عن حب الأم

هي: زهرة القطن هي اسمها!

المشتري: حقاً؟! ... في طريقي إلى هنا كنت أفكر بأن أقول لكِ ذلك الاسم لكن ظننت أنه سيكون ساذج فعادة ما تُطلقون على الزهور أسماء غريبة! ... على أية حالك تلك هي ما أريد

هي: لكن مع الآسف تلك الزهرة ليست متاحة عندنا الآن

المشتري: ليست مشكلة على الإطلاق فانا لا أريدها اليوم ولا حتى غداً بل أريدها يوم الواحد والعشرون من شهر مارس لأقدمها هدية عيد الأم لوالدتي

هي: في تلك الحالة لا تقلقي ستكون جاهزة على الموعد ... وكل عام ووالدة حضرتكِ بخير أدام الله وجودها بحياتك

المشتري "بحزن": شكراً لكِ ... آمين

ثم تركتهم وخرجت من المحل وبعد لحظات قليلة عادت من جديد وهي تقول: أتعلمين لما ترمز تلك الزهرة بالتحديد إلى حب الأم؟!

هي: أذلك سؤال ام أنكِ ستقولين؟! فلم أستطع أن أحدد من تعابير وجهك

المشتري: بالطبع سؤال ... هل تعلمين الإجابة عنه؟!

هي: لأن تلك الزهرة تذبل وتجف حتى يكتمل الإثمار ويظهر القطن الذي يتم جمعه مكانها وإذا تم قطفها لن يتم الإثمار لأن بداخلها بوادر الثمرة، وهذا يمثل دور التضحية التى تقدمها الأ/ لأجل أولادها فهي التى حملتهم تسعة أشهر في بطنها وقامت بإرضاعهم لعامين وسهرت على راحتهم حتى يكبروا وقامت بتربيتهم ورعايتهم كل هذا وأكثر دون أن تشكو يوماً واحداً، كما تفعل الزهرة مع ثمرة القطن

المشتري: لكن هذا ما يحدث مع أغلب الثمار إن لم يكن جميعهم فلما زهرة القطن بالتحديد؟!

هي: لأن ثمرة القطن بيضاء مثل الطفل الصغير عند ولادته يكون بفطرته التى خلقها الله به لم يُلوث بعد ... هذا من وجهة نظري!

المشتري: أصبح الأمر منطقياً بالنسبة إلى الآن، شكراً لكِ

هي: عفواً، تحت أمرك

وبعدما همت بالذهاب عادت مجدداً وهي تقول: أتعلمين ... لقد ظننت قديماً بأن أمي تكرهني وبأني لا أحبها لم أكرهها حتى لم أحاول فقط لا أحبها إلى أن توفت منذ ثلاثة أشهر شعرت بالحزن الشديد حينها، تركت لي وصية بأن أحضر لها تلك الزهور عند قبرها يوم عيد الأم رغم أنها دائماً ما كانت تقول لا أريد منك شيئاً في هذا اليوم فقط كونوا بخير وسعداء ودائماً ما كنت اتسائل كيف لنا أن نكون سعداء وهي توبخنا كل يوم تقريباً، إذا لم نقم بواجباتنا المنزلية وإذا لم نذاكر وإذا لم نساعدها في توضيب البيت دائماً ما نتعرض للتوبيخ حتى أنني كنت أتمني أن اترك البيت وأرحل عنها ولا أعود مطلقاً، الآن هي من رحلت عنا فوجدنا أنفسنا لا نفعل شئ سوي ما كانت تريدنا أن نفعله كما أننا لم نعاني بعد غيابها كثيراً في حياتنا سوي أننا نشتاق إليها ونتمني لو كانت موجودة بيننا حتى نشكرها على تلك الأيام التى وبختنا فيها فهي لها الفضل الأول والأخير بعد الله طبعاً فيما نحن عليه الآن، فأخي الأكبر الآن طبيب وأختى الصغري مهندسة وانا محاسبة في أحد البنوك الشهيرة ولولا أمي لما كنا ذاكرنا ولما كنا ميسوري الحال ومعتمدين على أنفسنا الآن، لقد قامت بإعدادنا جديداً لمثل هذا اليوم الذي سنصبح فيه وحدنا تماماً من دونها، يمكنني بكل سهولة أن استيقظ مبكراً وحدي الآن وأُعد فطوري لنفسي وأذهب إلى عملي ثم أعود لأجهز الطعام وأُرتب الشقة دون أي تعب ولو كنت تزوجت وأصبح عندي أولاد لما تعبت أيضاً وتمكنت من الاعتناء بهم والإجتهاد في العمل دون تعب، شكراً لكِ يا أمي فلولاكي لما كنت هنا الآن.

هو: يبدو أن والدتك كانت سيدة عظيمة، أدعي لها بالرحمة والمغفرة وتمني أن تكون في مكان أفضل

هي: متأسفة جداً لخسارتك ... رحمها الله

المشتري: شكراً لكم، آمين ... لكن ما لم أفهمه لم أصرت أن أشتري تلك الزهور من هذا المحل بالتحديد؟!

أخرجت صورة من أحد الأدراج وهي تقول: أتلك هي والدتك؟!

المشتري "بحماس": نعم هي أكنتِ تعرفينها؟!

هي: أعتادت والدتك أن تأتي إلى أحياناً وتتبادل معي أطراف الحديث وتحدثني عن مدي فخرها بأولادها وحبها لهم رغم قسوتها عليهم ... أتعرفين عن من كانت تحكي أكثر أوقاتها؟! عن فتاتها المحاسبة أكثر من أحبتهم بين أولادها

المشتري "وقد انهارت بكاءً": انا أيضاً أحبك يا أمي ... أحبك كثيراً وسأجعلك أكثر فخراً بي لا تقلقي

هي: رحمها الله وغفر لها ذنوبها

المشتري: شكراً لكِ ... آمين

ثم تركتهم وذهبت تلك المرة على موعد بالعودة يوم الواحد والعشرون من مارس

هو: لقد تأثرت كثيراً بقصة تلك الفتاة

هي: نعم إنها قصة محزنة جداً ..... لكن لماذا نحن البشر نسكت حتى تكبر مشاكلنا دون البحث عن حل لها على الرغم من أنهما لو تحدثا مع بعضهما لحلت المشكلة ولما ندمت تلك الفتاة كل هذا الندم على وفاة والدتها لكانت حزنت على وفاتها فقط، ولما احتاجت والدتها أن تجد من تبحث عنه لتتبادل معه أطراف الحديث بل لتكلمت مع أولادها وأفضت بهمومها معهم دون أن تقسوا عليهم ... لو تحدثنا مع بعضنا البعض لما عشنا كل تلك المأسي.

هو: أتفق معكِ جداً

هو: أتفق معكِ جداً

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
زهرة...!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن