هو: وما هي زهرتنا التالية إذاً؟!
هي: أعتقد أنها ستكون زهرة التوليب!
هو: أتلك التى يُطلقون عليها زهرة العمامة؟!
هي: بالضبط هي
هو: ولما يُطلقون عليها ذلك الاسم؟!
هي: زهرة التوليب موطنها الأصلي تركيا ويطلقون عليها زهرة العمامة لأنها تتكون من عدة طبقات من البتلات الملونة تشبه العمامة التى يلفها الرجال في تركيا حول رؤوسهم، كما أنها تأخذ شكل فنجان الشاي او الجرس المقلوب
هو: وما هو تاريخها؟
هي: انتقلت هذه الأزهار إلى أوروبا منذ حوالي 400 سنة وانتشرت بها فوجدت عناية خاصة بزراعتها في هولندا التى أصبحت رمزاً لها ومصدر دخل كبير حيث تنتج سنوياً بليون زهرة تُصدر إلى كل بلاد العالم، وزهرة التوليب لا تنمو بالبذور أو العقل ولكن بالأبصال لذلك لزهرة التوليب حياتان واحدة فوق الأرض تنتهي بالأزهار ذات الألوان الجميلة الحمراء والصفراء والوردية، وحياة أخري تنتهي بتكوين الأبصال الجديدة التى تُصدر منها هولندا سنوياً بليوني بصلة ولا يزور أحد هولندا إلا ويشتري أبصالاً لهذه الزهرة الرائعة
هو: إن تلك الزهرة تعلمنا ألا نحكم على الأشياء من مظهرها الخارجي، فرغم بساطة شكلها ورقتها إلا أنها تحمل حياتان كلاً منهما أجمل من الأخري
هي: كما أن معناها هو الاعتراف بالحب!
هو: وعما تختلف عن الديانتوس إذاً؟!
هي: الديانتوس لمن ليس لديه الجرأة للاعتراف بالحب من الأساس، اما التوليب فلمن يريد الاعتراف به لكن بشكلٍ مختلف، بشكلٍ أكثر رقة وجمال
هو: إن عالم الأزهار هذا واسع حقاً!
هي: نعم هو كذلك
هو: وما هي قصتها إذاً؟!
هي: سمعت رجلاً يحكي أنه أخرج من أحد أرفف خزانة ملابسه صندوقاً مكتوب على غطاءه "دائماً ما تضعنا الحياة في معادلات صعبة!"، وضع الصندوق أمامه ونظر إليه مطولاً حتى استجمع شجاعته وفتحه أخيراً، بدأ بتفحص الأوراق والصور الموجودة بداخله حتى اوقفته صورة له وهو يقف ضمن فريقه مرتدي طقمه الأحمر المعتاد وبانتظار صافرة البداية لمباراة الحسم لبطولة الدوري لكرة السلة، اعتاد الجميع في ذلك الوقت أن يُمرر له الكرة فهو ذو معدل تسديد عالي حتى أنه الأعلى في فريقه مما أدي إلى أن يصبح من أقوي لاعبي المنتخب والأكثر اعتماداً عليه، من خلال تلك الصورة تذكر أيام مجده والتفاف الجميع حوله تقرباً منه، وهتاف وصيحات الجماهير باسمه، حتى أنه تذكر شخص اعتاد أن يُلقبه بصديقه العزيز من كثرة تواجده بجواره في ذلك الوقت بالتحديد وتذكر أيضاً كم الخدمات التى طلبها ذلك الصديق منه كي يقدمها له، ندم كثيراً لأنه لم يتخلص من تلك الصور التى اعادت فتح باب ذكرياته المؤلمة قبل السعيدة، تركها وأكمل فحص أوراقه حتى وجد ورقة قديمة مطوية فبدأ بقراءة محتواها وتذكر تلك الفتاة التى كتبت له ذلك الكلام الملئ بالحب والشوق والشغف، تذكر كيف كانت من أكثر المشجعين والمحبين له، اعتاد أن يراها في الصفوف الأولي لترتيب الأشخاص بحياته فهي استطاعت في فترة قصيرة أن تخترق زحام من حوله بل وتخترق أسوار قلبه وعقله وتسيطر عليهما، تذكر أيضاً كيف تبدلك أحوالها معه بعد أن تعرض لحادث قلب حياته رأساً على عقب فقد أدي إلى جلوسه على كرسي متحرك لفترة لا يعلمها إلا الله وتركه لكرة السلة، تركته بعد أن بدأت أيام مجده في التلاشي والاختفاء وبعد أن نسيه الجميع بما فيهم الجمهور الذي اعتاد الهتاف باسمه وبدأ بالهتاف إلى اللاعب الجديد!، أكمل تقليب في أوراقه إلى أن تيقن أن كل من تقرب منه خلال تلك الفترة ما هو إلا شخص سعي إلى الشهرة من خلاله لا أكثر وبأنهم تصنعوا الحب والصداقة والمودة فقط لخداعه!، أغلق ذلك الصندوق ووضعه مكانه ثم أخرج صندوق أخر مكتوب على غطاءه "البعض يأتينا كمحنة والبعض الآخر كدرس!"، فتحه وبدأ يتفحص ما به إلى أن أوقفته صورة له على كرسي متحرك بجوار زملاءه بالفريق مرتدين طقهم الأزرق وبانتظار صافرة البداية لمبارة بطولة العالم لكرة السلة للرجال على كرسي متحرك. مما جعله يتذكر مهاتفة أحد زملاءه بفريقه الحالى له في أكثر أوقاته ظلاماً ليحضر له النور ويخبره برغبة الفريق في انضمامه إليهم إذا ما زال يملك مهاراته ومازال يرغب بكرة السلة لكن بشكلٍ أخر، في البداية لم يعجبه الأمر لكن بعد فيرة وجيزة وافق فهو لا يستطيع العيش بدون كرة السلة فهي كل حياته، عاد إلى الملعب برفقة كرسيه المتحرك، عاد ليصبح اللاعب الأكثر تسديداً وتهديفاً مرة آخري، عاد ليصبح نجم من جديد!، علم فيما بعد أن واحدة من معارفه القدامي هي من قامت بالتوصية به فأصر على معرفة من هي وبدأ الود بينهما من جديد حتى أعجب بها وأحبها وعلم من خلالها كيف يُحب واحدة تساعده على تحقيق أحلامه وتكون عوناً له في أوقات شدته لا أن تكون بجواره وقت نجاحه فقط!، بدأت تبحث معه على اهتمامات أخري تشغله بخلاف كرة السلة خاصة أنه على وشك التعافي ولن يستطيع إكمال المسيرة مع زملاءه كما أنه لا يريد العودة لفريقه القديم، اتقن في ذلك الوقت فن صناعة الحرف اليدوية بالأخشاب مثل صناعة الصناديق والكتابة عليها بالحفر او الليزر وأصبح لديه العلامة التجارية الخاصة به، بعد نجاحه وعودته وشهرته من جديد عاد إليه من اعتاد أن يلقبهما بصديقه العزيز وحبيبته، عاد إليه من تركوه في وقت ضعفه وشدته وحاجته إليهم محاولين الدخول إلى حياته والتقرب منه مرة أخري لكنه لم يسمح لهم بذلك تلك المرة فقد تعلم درسه جيداً وأتقنه، أغلق ذلك الصندوق هو الآخر ووضعه مكانه ثم أتجه إلى ورشة عمله الموجودة بالطابق السفلي من المنزل، بدأ بصناعة صندوق جديد وبعد الانتهاء منه وضع به صورتان وزهرة توليب مجففة تلك الزهرة التى أعطاها للفتاة التى وقفت بجواره كثيراً حتى أستطاع أن يستعيد حياته مرة أخري بل أفضل من سابقها وتمكن من أن يقف على قدميه مرة أخري، والصور واحدة منهم ليوم زفافه على تلك الفتاة أحبها، والصورة الآخري بجوار صديقه الذي هاتفه واعاد إليه كرة السلة مرة آخري، أغلق الصندوق وإذا بغطاءه مكتوب عليه "دروس الحياة دائماً ما تُغربل من حولنا وتخبرنا من يخدعنا ويدعي حبنا ومن ليس كذلك!"
هو: إن الحياة حقاً لمدرسة كبيرة نعيش فيها لنتعلم بمن نحب وبمن نصادق وبمن نثق ولا نعلم أبداً ما الذي يخبئه لنا الزمن
هي: لكن ما دام القادم بيد الله فلا داعي للحزن فهو يعلم ما الخير لنا
هو: معكِ حق
أنت تقرأ
زهرة...!
Non-Fictionيُقال أن لكل زهرة معنى فبالتالي لها حكاية ممتعة تؤدي إلى هذا المعنى، مثلاً يستخدم المصريون زهرة الصبار عند قبور أحبائهم تعبيراً عن حزنهم وفقدهم للشخص المتوفي. كما أنهم يستخدمون الورد البلدي بمختلف أنواعه تعبيراً عن قدوم فصل الربيع الذي يعبر عن بداية...