زهرة زئبق الوادي

6 1 1
                                    

قبل أن يختار هو الزهرة التالية قالت له: انا من سيختار تلك الزهرة

هو: وأين هي؟

هي: تلك التي هناك وتدعي بزهرة زئبق الوادي

هو: لقد سمعت هذا الاسم من قبل ... هل تلك الزهرة هي التي تجلب الحظ والسعادة!

هي: نعم فهي ترمز للعودة إلى السعادة ... هل تعلم قصتها كما تعلم معناها!

هو: لقد سمعت عنها من قبل لكن لست متأكد!

هي: أخبرني بما تعرفه وسأقول لك إن كان صحيحاً ام لا

هو: حسناً ... كبداية أعرف أن كل زهرة من أزهارها لما شكل جرس، لونها أبيض خالص البياض، تتدلي في مجموعات على ساق رقيقة، يصل ارتفاع ساقها من خمسة عشر سنتيمتر إلى ثلاثون لذلك تصنف على أنها نبات عشبي.

هي: هذا هو وصفها فعلاً ... لكن تلك ليست حكايتها!

هو: حسناً سأحاول ... يُحكي أنه هناك فتاة تبلغ من العمر حوالي السابعة والعشرون منذ أن تخرجت من جامعتها ووالدتها لا تفعل شئ سوا أنها تبحث عن عريس لابنتها، كأي أم عادية تريد أن تفرح بابنتها وهذا حقها طبعاً لكنهن أحياناً يستخدمن هذا الحق كوسيلة للضغط على ابنائهم وبناتهم بالأخص حتى يتزوجوا مما يجعل الأبناء في أغلب الأوقات يختاروا أشخاصاً غير ملائمين لهم وبذلك تعتبر دولتنا كواحدة من أكبر دول العالم صاحبة معدل الحزن والاكتئاب، يعتقد الأباء بذلك أنهم يفعلون الصواب من اجل ابنائهم لكنهم في الحقيقة قد يضرونهم دون أن يشعروا ...على أية حال لنعد إلى قصتنا، قابلت تلك الفتاة شتي أنواع الشباب فمنهم الطويل والقصير، الأبيض والأسود، المتفاهم والمتحكم، الطموح والكسول، لكن لم يحالفها الحظ او كما يجب أن نقول لم تجد من بينهم نصيبها ورجلها الثاني بعد والدها بالطبع، فمثلا الطويل وجدها قصيرة جداً بالنسبة له والقصير وجدها أطول منه فماذا سيكون شكله إذا أرادت ارتداء الكعب!، الأبيض أرادها أن تكون أكثر بياضاً منه او إن أصح التعبير أكثر جمالاً منه أما الأسود فلم يبدي أي أسباب، المتفاهم أحب أن تكون زوجته امراءة عاملة وهي من الشخصيات المُحبة للبيت والمتحكم أرادها أن تنعزل عن العالم تماماً وأن تتفرغ له فقط أرادها أن تكون بلا صداقات ومعارف!، الطموح أرادها أن تطيل من فترة الخطبة حتى يتمكن من تحقيق أحلامها وعندما كانت على وشك الموافقة رفض والدها لأنها أراد أن يزوجها سريعاً بينما الكسول فهو لم يفعل شئ بحياته لذلك رفضه والدها هو الآخر فهو لن يُلقي بفتاته لشخص غير مسئول!" ظلت حياتها على هذا الحال إلى أن ذهب ألى أحد الأفراح التى أعتادت والدتها أن تاخذها معها فيهم أملاً في جلب عريس وبالفعل حدث ما أرادته والدتها تم الإصطياد بنجاح!، اتفقت والدتها مع والدته على موعد للمقابلة في البيت، تحمست الفتاة كثيراً وانتظرتهم طوال اليوم فهي مثل أمها تنتظر زواجها وتريده كما لو كان الإنجاز الأول والأخير الذي يمكن أن تحققه الفتاة في حياتها!، كما أنها قد شعرت ببعض الأحاسيس تجاهه لا تعلم مصدرها لكن هذا ما تجعلها تتحمس عن باقي المرات السابقة، عندما أتي الشاب مع والدته كما الموعد المتفق عليه أستقبلهم الأب مع الأم وانتظرت الفتاة في حجرتها حتى يتم منادتها، عندما ذهبت إليهم وتركوهم وحدهم كما العادات كان أول سؤال للشاب هو عن عمرها! عندما أخبرته بأنها على مشارف السادسة والعشرين تحول لطفه في الكلام إلى جدية وتحولت لمعة عينه إلى انطفاء وحاول أن يُسرع من الوقت حتى يغادر! في صباح اليوم التالي وصلتهم رسالة محتواها بأنه أراد فتاة أصغر منه سناً وليست أكبر منه حيث أنه مازال في الخامسة والعشرين من عمره فلماذا يتزوج من فتاة أكبر منه بعام كامل؟!، شعر الفتاة حينها بأنها مهلكة كزهرة قد قطفها أحدهم ووعدها بالاهتمام والرعاية ثم أهملها، طلبت من والديها أن تخرج لاستنشاق الهواء قليلاً فوافقوا، وأثناء سيرها بأحد الشوارع لا تعلم أين تأخذها قدماها إلى أن أوقفتها أحد زميلاتها القدامي في الطريق وأخرجتها من شرودها ثم عزمتها على كوب قهوة وتبادلا أطراف الحديث وخلاله عبرت الفتاة عن مشاعرها بأنها من كثرة ما عاشته في حياتها أصبحت تخاف من الفرح حتى لا تعتاد عليه وتنسي كيف هو الحزن فتحدث لها بعد ذلك صدمة بسيطة تعيدها إلى حالتها الأولي بل أسوء! فاقترحت عليها زميلتها أن تعمل ولا تظل منتظرة بالبيت دون حراك، سمعت الكلام وبدأت تفكر فيه قليلاً ... بعد مرور أسبوع تقريباً كانت قد قررت أن تتقدم لسوق العمل لكن فاجأها والديها بشاب أخر يريد أن يتقدم لخطبتها فسألت "هل يعرفني؟ هل يعرف كم عمري؟" فأجابوها بنعم لذلك وافقت على مقابلته، عندما أتي وجلست معه ودون أن يسألها عن أي شئ يخص شخصيتها او حياتها او مواصفاتها في الرجل الذي تريد أن تُكمل معها حياته ودون أن يتكلم عن نفسه بأي شئ حتى لم يوضح لها أسمه بدأ في سرد بعض الشروط التي يجب أن توافق عليها حتى يتزوج منها، لم تتحمل الفتاة أكثر من ذلك وبدأت في الصريخ والكلام بصوتٍ عالي حتى أن الجيران قد سمعوا بما يحدث ودخلوا عليهم ووجدوا الفتاة قد بدأت في البكاء ودخلت في حالة من الانهيار العصبي انتهي بالإغماء!، نقلوها إلى المستشفي وعندما أفاقت أوضحت لهم بكل حسم أنها لم تعد تريد الزواج لا من هذا الشاب ولا من غيره حتى أنها ستبدأ في العمل قريباً، حاولوا أن يتناقشوا معها لكنها رفضت نقاشهم وأصرت على قرارها فانصاعوا لطلبها أخيراً، نظراً لأنها كانت طالبة متفوقة على دفعتها خلال الجامعة كلمت أحد أستاذتها وبالفعل وافق وبدأت في التدريب عنده بمكتب المحاماة الخاص به وفي خلال وقتٍ قصير أستاطعت أن تحقق ذاتها وتثبت نفسها كمحامية ممتازة مما جعل أستاذها يعطي لها قضية لتترافع عنها وحدها وتحاول حلها دون مساعدة أحد، وفي يوم المحكمة بعد أن أرتدت الروب الخاص بها ونزلت في الطريق رأت "زهرة زئبق الوادي" المعبرة عن السعادة فابتسمت وتيقنت بأن سعادتها قد بدأت، في الحقيقة ليست فقط سعادتها هم التي بدأت بل حياتها أيضاً

هي: لقد سمعت تلك الحكاية عدت مرات كلن صراحة تلك هي أفضل مرة أسمعها فيها، لقد سردتها بشكلٍ رائع هنيئاً لك!

هو "بفرح": أصحيح ما تقولين أم أنها مجرد مجاملة لا أكثر؟!

هي: انا لا أعرف المجاملة!

هو: إن هذا يسعدني جداً ... وما هي زهرتنا التالية إذاً

 وما هي زهرتنا التالية إذاً

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
زهرة...!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن