-الشخصيّة الاعتماديّة-

34 4 0
                                    

-السلام عليكُم ورحمةُ اللَّهِ وبَركاتهُ أهلًا بكُم في حلقةٍ جديدة ومُميِّزة مع ضيفٍ مُميِّز أهلاً بكَ سيِّدي إذن أيُمكنكَ أن تعرفنا على نفسك؟

«أهلًا … أَنا الشَّخصيَّة الاعتمادية أو الِاضطراب الاتكالي كما يَطلقُ البعض عليَّ اسمُ الِاضطراب الاعتمادي وبإختصار أنا حالةٌ نفسيَّة تتميَّزُ بفَقد الشَّخصِ استقلاليته الذَّاتيَّة، واعتمادُه نفسيًّا على الآخرينَ في كُلِّ شيء، وإذا اِفتقد لِوجود النَّاسِ حولَهُ أَو دعمهم ، فإِنَّه يُصاب بِحالهِ مِنْ القلقِ الشَّديد أَو نوبات الهلع اللَّتي تُصاحبها أَعراض جسديَّة، مِثل سُرعة ضربات القَلب وضيق التَّنفُّس والدُّوار والإِغماء.»

-فهمت، لكن الِاعتماد على الغيّر أحيانًا طبيعيِّ الجَمِيع يَفعلُ هذا تقريبًا هَل يعنِي هذا أَنَّنا جميعًا مصابونَ بهذا الِاضطراب؟»

«إطلاقًا هُناك فَرقٌ كَبِيرٌ بينَ الِاثنين، فكُلُّنا قد يطلبُ المُشاورة أو المُساعدة في اتِّخاذِ القرار في بَعضِ الأُمور، ولكن عِندما يُصبح الشَّخص غيرُ قادرٍ على اتِّخاذِ قَرَارٍ بسيط أَو حتَّى الِاعتمادُ على نَفسهِ، ويتَّكِلُ على الآخَرين مِنْ أجلِ النَّصيحة والدعم في كُلِّ شيءٍ، فَهذا أَمرٌ غيرُ طبيعيّ، وغالبًا ما يكونُ لدى مثل هؤلاء اضطرابٌ في الشَّخصيَّة يُسمَّى "الشخصية الاعتمادية" أي أنا.»

«فهمت، إذًا ما صفات الأَشخاص المصابون بهذا الاِضطراب؟»

«يتميز صَاحب الشَّخصيَّة الاعتمادية بأَن طريقتهُ في التَّعامُل معَ الآخرِين هي الظُّهور بِمظهر المسكنَة لاستدرار عطفهُم، ويميلُ إلى تضخِيم ما يُعاني مِنْه، وَالتَّقليل مِمَّا لديهِ مِنْ مكاسب، حتَّى يَزدادَ ما يمنحونه له.
كَما أَنَّهُ يهرُب مِنْ الحرِّيَّة لأَنَّها تعني مسؤوليَّته عَنْ أَفعالِهِ الخاصَّة، فَالمُجتمع النموذجي لهُ هوَ المُجتمع الديكتاتوري أَو البيروقراطي، فَفي الْمُجتمع الأوَّل يتوَلَّى المسؤُوليَّة رأس المُجتمع، ويكُونُ على الجميعِ التَّنفيذ فَحسب، وفي المُجتمع الثَّاني يكُونُ لكُلِّ شيءٍ مسارهُ المُحدَّد دُونَ الحاجة إلَى اجتهادِ المُوظَّف أَو تحمله المسؤوليَّة.»

«هل هذا يَعنِي أَنَّهُ يكرَهُ الوحدة؟»
.
«بالطَّبع بل ويخشى الوحدة والعُزلة، لأَنَّه يَستَمِدّ قِيمَتُه وطاقته لِلْحَيَاة مِنْ اتِّصَالِهِ بِالْآخَرِين ، لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَهْرُب إلَى صُحْبَةٌ الْآخَرِين .
وَفِي حَيَاتِهِ الخَاصَّةِ تَكُون قراراته فِي يَدِ غَيْرِهِ ، مِثْل تَخَصُّصِه الدَّراسِيّ ، وَزَوَاجُه ، وَعَمَلِه ، وَعَادَة تَكُون نِتَاج أَوامِرَ مِنْ يَتَوَلَّوْن أَمَرَه ، وَلَيْسَت نِتَاج رَغَبَاتِه وَأفْكَارِه الْخَاصَّة .»

«يبدو الْأَمْر خَطِيرًا مَاذَا عَن اهتمامته ؟»

«أنه عَادَة مَا يَكُونُ مهتمًا بالموضة ، بِالْمَلَابِس وَالسَّيَّارَات وَالْأَطْعِمَة وَطَرِيقَة الْحَيَاة وَطَرِيقَة الحديث… لِأَنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهِ امْتِلَاء مِنْ دَاخِلِ نَفْسِه فَيَمِيلُ إلَى مُسَايَرَة خُطُوط الموضة لِكَي يُشعِر الْآخَرِين بِأَنَّه شَخْصٌ نَموذَجِيّ ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ يُفَسَّر اهْتِمَام الْمُرَاهِقِين بِتَتَبُّع الموضة ، لِأَنّ الْمُرَاهِق لَمْ يُصَلِّ بَعْدَ إلَى شَخْصِيَّتُه الْمُسْتَقِلَّة ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُعَانِي مِن اضْطِرَابٌ الشَّخْصِيَّة الاعتمادية إلَّا أَنْ لَدَيْه بَعْض مظاهرها بِطَبِيعَة مَرْحَلَة النُّمُوّ.»

«مَا وراءَ النفس»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن