بسم الله الرحمن الرحيم
السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ...
أمّا بعدُ، فاليومَ لدينا مقابلةٌ مهمّةٌ معَ اضطرابٍ مميّزٍ يُدعى «اضطرابَ كليبتومانيا».
ريم: مرحبًا بكَ معنا اضطرابَ كليبتومانيا، وشكرًا لقبولِكَ دعوتَنا.
كليبتومانيا: أهلًا بكِ، ولا داعيَ للشكرِ، فليسَ الأمرُ بالجَلَلِ.
ريم: أرجو منكَ أن تُعرِّفَنا بنفسِكَ قليلًا.
كليبتومانيا: أُدعى اضطرابَ كليبتومانيا، ويُطلِقُ عليَّ البعضُ اضطرابَ هوسِ السرقةِ. أؤثِّرُ نفسيًّا على المُصابِ بي، فأجعلُهُ عاجزًا عن كبحِ تفاعلاتِهِ، وأُضعِفُ قدرتَهُ على مقاومةِ الرغبةِ في السرقةِ حتى وإن كانتِ الأشياءُ المسروقةُ عديمةَ القيمةِ. غالبًا ما أُصيبُ الشخصَ في مرحلةِ الطفولةِ أو المراهقةِ.
ريم: لقد عرَفَ القرّاءُ الآنَ ماهيتَكَ، نرجو منكَ توضيحَ بعضِ مُسبِّباتِكَ.
كليبتومانيا: حسنًا، تتجلّى أسبابي في عدّةِ أمورٍ، أذكرُ منها:
- اضطرابُ نظامِ الأفيونِ في العقلِ؛ وذلكَ بتعلُّقِهِ بالحاجةِ والرغبةِ النفسيّةِ أكثرَ منَ الرغبةِ الماديّةِ. عندَ اضطرابِ هذا النظامِ تتطوّرُ حوافزُ قويّةٌ، تجعلُني أُصيبُ الفردَ مصحوبًا بالقلقِ والإثارةِ والتوتُّرِ.
- اضطراباتُ الإدمانِ التي تقودُ إليَّ، مُسبِّبةً إفرازَ الدماغِ للدوبامين؛ الذي يُولِّدُ مشاعرَ ممتعةً. لذا، بعدَ ارتكابِ السرقةِ يشعرُ المُصابُ بإحساسٍ لطيفٍ يدفعُهُ لتكرارِها كشعورٍ عاطفيٍّ أو نفسيٍّ.
- مشكلاتُ السيروتونين؛ وهو مادّةٌ كيميائيّةٌ طبيعيّةٌ في الدماغِ، تُساعدُ على تنظيمِ الحالةِ المزاجيّةِ والعواطفِ. عندَ اضطرابِ مستوى هذا الهرمونِ في الدماغِ، يتسبّبُ في تطوُّرِ سلوكيّاتٍ اندفاعيّةٍ، وبذلكَ أظهرُ على المُصابِ.
- أخيرًا، مشكلاتُ الصحّةِ العقليّةِ؛ فقد أظهرُ بسببِ احتقارِ الذاتِ أو الاكتئابِ، أو بسببِ رغبةِ المُصابِ في إظهارِ استقلاليّتِهِ أو لحصولِهِ على المتعةِ، وقد ينتجُ ذلكَ عن فراغٍ عاطفيٍّ كالإقصاءِ والعزلةِ.
ريم: واو! أعطيتَنا معلوماتٍ قيِّمةً. هلّا أخبرتَنا عن أعراضِكَ؟
الاضطراب: تشملُ أعراضي ما يلي:
١- تزايدُ الشعورِ بالتوتُّرِ والقلقِ بعدَ أن يقومَ المُصابُ بالسرقةِ؛ إن لم يستطِعْ كبحَ نفسِهِ.
٢- تعاظُمُ الشعورِ بالراحةِ واللذّةِ أو الإشباعِ أثناءَ السرقةِ.
٣- تفاقُمُ الشعورِ بالذنبِ أو كراهيةِ الذاتِ أو الندمِ أو الخجلِ منَ النفسِ بعدَ السرقةِ.
تختلفُ المشاعرُ من شخصٍ لآخرَ، وأودُّ التنويهَ إلى أنّ الخوفَ والتوتُّرَ منَ السرقةِ هما لعدمِ التخطيطِ المُسبقِ، وقد تظهرُ أعراضُ الاكتئابِ أو اضطراباتِ القلقِ.
ريم: إذًا، بعدَ هذهِ الأسبابِ والأعراضِ، أهُناكَ أملٌ في العلاجِ؟
الاضطراب: مبدئيًّا، يوجدُ علاجٌ، وهو متوفِّرٌ أيضًا. لكن أوّلًا، يجبُ على المريضِ أن يكونَ ذا إرادةٍ قويّةٍ وصبرٍ. يكونُ العلاجُ نفسيًّا وطبيًّا؛ أي بجلساتٍ نفسيّةٍ معَ المريضِ بُغيةَ كسبِ ثقتِهِ ومساعدتِهِ على التخطّي، وبتناولِ بعضِ الأدويةِ التي تُساعدُ كذلكَ.
ريم: شكرًا جزيلًا لكَ على هذهِ المعلوماتِ القيِّمةِ التي أفدتَنا بها. والآنَ إلى اللقاءِ يا أصدقاءُ، هُنا تنتهي مُقابلتُنا.
°•~°•~°•~°•~°•~°•~°•~°•~
(الملخص)
أنت تقرأ
«مَا وراءَ النفس»
Aléatoire• -النَفسُ غايةٌ لا تُدرَك، عالَمٌ آخر، كلَّما ظنَنت أنَّكَ اكتشفت كل أبعادِه، تُدرِك بعدها أنَّك لَم تعرِف إلاّ مِثقال ذرَّةٍ مِنه.