كانت المذيعة تتحدث إلى أحد أفراد طاقم التصوير، وتختلس النظرات لضيفها الجالس ينتظر بدء مقابلته، فكانت تسأل نفسها أيُعَدُّ هذا الاضطراب من الاضطرابات الشائعة أم لا؟ فهي لم تسمع به من قبل.
للإجابة على تساؤلاتها تحركت فاتخذت إزائه مقعدًا لتستهل مقابلته.- «مرحبًا بك يا سيد اضطراب، من الجميل استضافتك!»
- «نادِني اضطراب القلق الانفصالي يا آنسة.»
ابتسمت تكمل حديثها: «ماذا يعني لقبك؟».
- «حسنًا، بدايةً يتم تلقيبي بالقلق الانفصالي المسبوق بكلمة «اضطراب»، حتى لا يتم الخلط بيني وبين القلق الانفصالي العادي، الذي يعتبر حالةً طبيعية وفطرية في الأطفال تنتهي بحلولهم الرابعة أو أقل، حيث بدوري أُعتَبر حالةً من القلق القوي عندما يأتي الأمر للابتعاد عن الوالدين أو القيام بأعمالٍ منفصلة عنهم، إضافةً إلى أنني أُعتبر حالةً ملازمة قد تمتد للطفولة المتاخرة، وفترات المراهقة غالبًا.»
ظهر عليها الاندهاش فمالت بجذعها للخلف وتحدثت: «أحقًا؟ يبدو هذا خطيرًا، ماذا عن الأسباب؟».
- «هناك أسبابٌ مختلفة، ولكن من أبرزها؛ وفاة أو فقدان أحد الوالدين، أو أي شخصٍ له صلة وطيدة ومكانة قد تؤثر على الطفل، وكما أغلب الاضطرابات يكون للعامل الوراثي دورٌ واضح وأثر في الإصابة.»همهمت بتفهّم: «هذا يبدو منطقيًا، لكن ماذا عن الأعراض؟ أعني بالتأكيد هنالك العديد منها».
- «أجل يوجد، فأنا اضطرابٌ كما الاضطرابات الأخرى، حيث يبدأ الأطفال عادةً بالفزع والبكاء الشديد والتضرع عندما يشعرون بأنهم سيبتعدون بأي شكلٍ عن ذويهم، ففي بعض الحالات المتقدمة يرفض الطفل الذهاب للمدرسة، أو المشاركة في الأنشطة والرحلات مع أقرانه؛ كالتخييم وما شابه، وأيضًا يواجه معظمهم صعوبةً في النوم؛ حيث تزورهم الكوابيس حول مخاوفهم، مما يؤدي لطلبهم المتكرر ببقاء شخصٍ بجوارهم حتى يخلدوا للنوم.»
- «هذه جملة من العلامات الجليّة التي تجعل من ملاحظة هذا الاضطراب أقل صعوبة، ولكن هل يمكنك إبداء طرقٍ للعلاج؟»- «حسنًا، أفضل طريقةٍ للتعافي مني هي العلاج السلوكي؛ بحيث يتم تعريض الطفل لمخاوفه لمواجهتها والتغلب عليها، والوالدين لهما دورٌ كبير في تقديم الدعم والرعاية النفسية، والتقليل من شدة القلق.»
- «شكرًا لتواجدك معنا اليوم.»
وإلى هنا أعزّائي المستمعين تنتهي رحلتنا مع اضطراب القلق الانفصالي، نلقاكم في جلسةٍ أخرى مع اضطرابٍ آخر.
°•~°•~°•~°•~°•~°•~°•~°•~
(المُلخّص)
"قلق الانفصال"
هو اضطرابٌ مفرطٌ ومتكرّرٌ، يخشى فيه المصاب الابتعاد عن المنزل، ويعاني قلقًا مستمرًّا بشأن فقدان أحد الوالدين أو الأحبّة، وهي فترةٌ طبيعيّة في مرحلة نموّ الأطفال والكبار.
-أسبابه:
يمكن أن يحدث اضطراب القلق الانفصاليّ للطّفل بسبب ضغوط الحياة التي تُؤدّي إلى الانفصال عن شخصٍ عزيز.-أعراضه:
• رفض الابتعاد عن المنزل بسبب الخوف من الانفصال.• الامتناع أو عدم الرّغبة في النّوم بعيدًا عن المنزل دون وجود أحدٍ من الوالدين أو الأحبّة بالقرب منه.
• كوابيس متكرّرةٌ تتعلّق بالانفصال.• الشّكوى باستمرارٍ من الصّداع وآلام المعدة عند توقّع الانفصال عن أحد الوالدين.
~~~~~~~~~~~
• هل سبق لكم وعانيتم مِن هذا الاضطراب؟

أنت تقرأ
«مَا وراءَ النفس»
De Todo• -النَفسُ غايةٌ لا تُدرَك، عالَمٌ آخر، كلَّما ظنَنت أنَّكَ اكتشفت كل أبعادِه، تُدرِك بعدها أنَّك لَم تعرِف إلاّ مِثقال ذرَّةٍ مِنه.