|01|

2.3K 59 21
                                    


وَ بِـ جُنُونِ رُوحِها و نَقاءِهَا أحَببّتُها ، أمَا بِـ هَمجيّة صَوتِها غَرِقتُ بِرُوحِها حِبًا .

   

كَانت أُمسّية مِنْ أُمسّيات أواخِر سِبتمبَرّ ، نَسمٌ حَثِيثٌ يَنثّرُ أصواتَهُ عَبّرَ الأُفقٌ و يُقبِلُ على الوُجوه فِي مُدَّاعبة خَفيفة تُنّعشُ الأبدانَ و تُسِّر الأَرّواح . .

و كَم مِنّ المَرات قَدّ وَقَعتُ فِي حبِ هِذه النّسمَات ، تُخَفف قَلقِي و تُهِيمنُ عَلى عقلي بِـ طَريقةٍ خَياليّة ، هَكذا أحَببتُ سِبتمبَرّ و لَيَاليّه العَبّقة .

تَمشّيتُ بين أَرصِفة حيّنا مُمسِكة بِمقود دَراجتي ، لَطالمَا كَان حَيًّ مُمتَزجًا بالّهُدوءِ و السّكِينة كَبرُت هُنا و تَرعّرعتُ و لا أعَتقِد يَومًا سأحِبُ فِكرة مُغادَرتُه

يَمر بين الفَيّنة و الأخرى النّاس ليّسُوا بالكَثيرينَ لكنّ جُلهم مَن هُم عَائدِين مِن دَوامِهِم و أَشّغالِهم

وَصلتُ إِلى بَيّتي لأفتَتح البَاب الخَارجِي و أَدخُل ثُّم وَضَعتُ دَراجتي فِي مَكانِها المُخصّص ، و بِنَزعِ السّماعات عَن أُذني سَمعِتُ حَرَكةً مَا فِي خَلف البَيت

فَكرتُ أنّ يَكون وَالدِي هو مَن يُصدر هَذه الأَصَوات نَظرًا أنّه يُقضي مُعظمَ وَقَتِه فِي وَرشّتِه ، لِذلكَ قَررتُ الذَّهاب إِليه لإِعلامِه بِعودَتي . .

تَركتُ قَدمَاي تَجُرانني نَحو الوَرشّة . .

لَكن الإضَاءة كانَت مُنّعدِمَة و لم يَكن أَبي يَتواجدُ هُناكَ ، فَورا سَمعِتُ صوت قَادم من شّجرة التّفاح المُتواجدة جانب الوَرشّة

رَفعتُ رأسي بِسُرعة وَ لِصدمتي كَانتْ هناك فَتاة مُتّشبثة بِـ غُصن الشّجرة و تُسنِد عليه جِسمها بينما يَدها الأخرى تَلتقِط الفَاكهة تِلو الأخرى و تَضَعهم دَاخل سَلةٍ صَغِيرة

بِعينَان مُتوسّعة بَقيتُ أُرَاقِبها ، كَان وَجهها غَيّر بَارِز كَثيرا بِسَبب ظُلمة المكَان لكِنها كانِتْ مُتَعَمقة فِيمَا تَفعلَه لِدرجة لم تَنتَبه لِوُجُودِي

" مَا الذّي تَظُنِين نَفسكِ بفَاعِلة !؟"

صَدرتْ مِنها شَهقة عَالية بِسبب صَوتِي الذّي صَدر مِني ، نظرتْ إِلي وَ بِحركة سَّرِيعة قَفزتْ مِن علَى الشّجرة مَا أدى بِسقُوطِ بعض حَبّات التُّفاح مِن السّلة

Second Warmth || JENLISA Where stories live. Discover now