خطاب الإمام الحسين وأصحابه

0 0 0
                                    

قبل أن تنشب الحرب بين الطرفين قرر الإمام إلقاء الحجّة على جيش عمر بن سعد فركب فرسه وتقدّم نحو القوم في نفر من أصحابه، وبين يديه برير بن خضير، فقال له الحسين : كلّم القوم، فتقدم برير، فقال: «يا قوم اتقوا الله فإن ثقل محمد قد أصبح بين أظهركم، هؤلاء ذريته وعترته وبناته وحرمه، فهاتوا ما عندكم وما الذي تريدون أن تصنعوا بهم؟. فجعل القوم يرمونه بالسهام، فرجع برير إلى ورائه. وتقدم الحسين حتى وقف بإزاء القوم، فجعل ينظر إلى صفوفهم كأنهم السيل، ونظر إلى ابن سعد واقفاً في صناديد الكوفة، فقال: «الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرفة بأهلها حالا بعد حال...» فتقدم شمر فقال: «يا حسين، ما هذا الذي تقول؟ أفهمنا حتى نفهم»، فقال: أقول:

«اتقوا الله ربكم ولا تقتلوني، فإنّه لا يحل لكم قتلي، ولا انتهاك حرمتي، فإني ابن بنت نبيكم وجدتي خديجة زوجة نبيكم، ولعله قد بلغكم قول نبيكم : «الحسنوالحسين سيدا شباب أهل الجنة».

وقال المفيد: «ودعا الحسين براحلته فركبها ونادى بأعلى صوته: يا أهل العراق- وجلهم يسمعون- فقال: أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما يحق لكم عليّ، وحتى أعذر إليكم، فإن أعطيتموني النصف، كنتم بذلك أسعد، وإن لم تعطوني النصف من أنفسكم فاجمعوا رأيكم، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة، ثم اقضوا إلي ولا تنظرون إن وليي الله الذي نزّل الكتاب، وهو يتولى الصالحين. ثم حمد الله وأثنى عليه....».

ثم قال: «أما بعد فانسبوني، فانظروا من أنا، ثم راجعوا أنفسكم وعاتبوها، فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن "بنت" نبيكم، وابن وصيه وابن عمه، وأول مؤمن مصدق لرسول الله بما جاء به من عند ربه؟ أو ليس حمزة سيد الشهداءعمي؟ أو ليس جعفر الطيار في الجنة بجناحين عمي؟ أولم يبلغكم ما قال رسول الله لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟ فإن صدقتموني بما أقول وهو الحقّ والله ما تعمّدت كذباً مذ علمت أنّ الله يمقت عليه أهله، وإن كذبتموني فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبا سعيد الخدري وسهل بن سعد الساعدي والبراء بن عازب أوزيد بن أرقم أو أنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لي ولأخي...» ثم نادى: «يا شبث بن ربعي، ويا حجار بن أبجر، ويا قيس بن الاشعث، ويا يزيد بن الحارث ألم تكتبوا إليّ أن قد أينعت الثمار، واخضر الجناب، وإنما تقدم على جند لك مجندة؟» فقال له قيس بن الأشعث: «ما ندري ما تقول ولكن أنزل على حكم بني عمك، فإنهم لن يروك إلا ما تحب»، فقال لهم الحسين : «لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد».

ثم تقدم زهير بن القين فخاطب الكوفيين بقوله: «يا أهل الكوفة، نذارِ لكم من عذاب اللهِ نَذارِ، إنّ حقاً على المسلم نصيحة أخيه المسلم، ونحن حتّى الآن إخوةٌ على دين واحد وملّة وحدة ما لمْ يَقَع بيننا وبينكم السّيف وأنتم للنّصيحة منّا أهلٌ فإذا وقع السّيف انقطعت العِصمة وكنّا نحن أُمّة وأنتم أُمّة، إنّ الله قد ابتلانا وإيّاكم بذريّة نبيّه محمّد ليَنْظُر ما نحن وأنتم عاملون».

فرماه الشمر بسهم، وقال له: «اسكُت، اسكَتَ الله نأمَتك فقد أبرمتنا "اضجرتنا" بكثرة كلامك»، وكان من قبل ذلك قد رد على خطاب الإمام الحسين .

عاشوراء 💔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن